أثارت الصحف المحلية مؤخرًا قضية الشهود في ملف "اغتصاب فيرمونت"، بعد أن تقدّم المحامي طارق العوضي بطلب رسمي إلى المستشار محمد شوقي، النائب العام، لرفع أسماء موكليه من قوائم الممنوعين من السفر، وذلك بعد مرور خمس سنوات كاملة على القضية دون أي استجابة للطلبات السابقة.
العوضي أكد في طلبه أن استمرار هذا القيد غير مبرر، وأنه آن الأوان لرفع هذا الظلم عن شهود لم يرتكبوا جريمة سوى أنهم حاولوا المساهمة في كشف الحقيقة.
لكن مراقبين رأوا أن استمرار منع هؤلاء من السفر ليس سوى "عقاب صريح" ورسالة تهديد لكل من تسوّل له نفسه الوقوف أمام أبناء الطبقة النافذة، معتبرين أن "جريمتهم الوحيدة أنهم أبلغوا أو شهدوا ضد أولاد ناس مهمين في البلد".
"إرهاب الشهود".. استراتيجية ممنهجة
الكاتب والناشط عمر حاذق ذكّر عبر منشور له على "فيسبوك" أن الشهود والمبلغات في هذه القضية لم يكتف النظام بتشويههم واعتقالهم، بل انتهى بهم الحال إلى المنع من السفر حتى اليوم، رغم غلق الملف منذ سنوات وإفلات المتهمين من العقاب. وأضاف:
"القضية اتقفلت، والفيديو اللي صوّره المتهمون ما وصلش للنيابة، والشهود اتسجنوا واتشوهوا، وفي النهاية المتهمين طلعوا برة، والشهود لحد النهاردة متعاقَبين".
تقارير حقوقية: النيابة شريكة في الترهيب
منظمات حقوقية كانت قد أصدرت بيانًا مشتركًا عام 2021 وصفت فيه ما جرى بـ"إرهاب الشهود"، محمّلة النيابة العامة جزءًا من المسؤولية.
وأكد البيان أن النيابة لم تتحرك لحماية الشهود والمبلّغات من حملات التشويه الإعلامية، بل وجهت إليهم اتهامات أخلاقية مطاطة لا صلة لها بالقضية، في وقت تساهلت فيه مع المتهمين الحقيقيين، الأمر الذي أدى لإحباط أي محاولة للإبلاغ عن جرائم مشابهة.
تسلسل زمني يكشف "العدالة الانتقائية"
-
2014: الجريمة وقعت داخل فندق فيرمونت نايل سيتي، حيث استدرج عدد من الشباب الفتاة تحت تأثير المخدر واغتصبوها جماعيًا وصوّروا الواقعة.
-
يوليو 2020: القضية خرجت للرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
-
أغسطس 2020: النيابة العامة فتحت التحقيق بعد شكوى من المجلس القومي للمرأة، وأمرت بضبط المتهمين، لكن كثيرًا منهم تمكن من مغادرة البلاد قبل استدعائهم.
-
مايو 2021: النيابة أعلنت غلق التحقيقات لعدم وجود "دليل مادي كافٍ"، مشيرة إلى عجزها عن الحصول على الفيديو الأصلي، مكتفية بصور مقتطفة.
الخلاصة
ملف "فيرمونت" لم يعد مجرد قضية اغتصاب، بل تحوّل إلى نموذج فجّ لكيفية تعامل النظام مع قضايا العنف الجنسي حين تتعلق بـ"أبناء السلطة والمال".
فالضحايا والشهود هم من دفعوا الثمن اعتقالًا وتشويهًا ومنعًا من السفر، بينما أفلت المتهمون من العقاب، لتصل الرسالة واضحة: أي محاولة لكسر جدار الصمت في مواجهة النافذين، ستُواجَه بالإرهاب والانتقام.