تحجيم الإسلاميين .. خلاصة اللقاء السري (البرهان – مستشار ترامب) في سويسرا

- ‎فيعربي ودولي

قال مراقبون إن عزل الجنرالات الإسلاميين جاء بعد تسريبات عن لقاءات بين قائد الجيش السوداني ووفد أميركي في سويسرا أملى شروطا عليه، واستجاب لها عبدالفتاح البرهان رغم دعم قوات شعبية إسلامية له في هزيمة مليشيات الدعم السريع.

 

ونقل اللقاء السري إلى العلن مصدر دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، وكان موقع”سودان تربيون” هو الناشر للإعلان.

 

وقال إن الإدارة الأميركية تواصل عبر قنوات متعددة اتصالاتها مع الأطراف السودانية، رافضاً تأكيد أو نفي ما أوردته تقارير صحفية عن اجتماع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مع مستشار الرئيس الأميركي للشئون الأفريقية مَسْعد بولس في سويسرا ليلة 11 أغسطس. وأوضح المصدر أن واشنطن “ملتزمة بدعم الحوار الذي يؤدي إلى السلام وينهي معاناة الشعب السوداني”، دون الخوض في تفاصيل إضافية.

 

وامتد اللقاء لنحو 3 ساعات جرى بترتيب قطري رفيع المستوى، وتركّز على ضرورة وقف الحرب والالتفات إلى الأزمة الإنسانية، إضافة إلى بحث فتح مفاوضات مباشرة بين الخرطوم وأبو ظبي لخفض التوتر ومنع استمرار دعم الإمارات لقوات الدعم السريع.

 

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن مصادر حكومية سودانية، إن اللقاء ناقش خطة سلام أميركية تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. ونقلت قناة “العربية” عن مصادر أن البرهان أكد خلال الاجتماع رفضه مشاركة قوات الدعم السريع في السلطة بعد انتهاء الحرب.

 

إلا أن الحكومة (بوتسودان) نفت أي صلة بين هذا الاجتماع وبين قرارات إقالة عشرات الضباط رفيعي المستوى من الجيش السوداني بعد أسبوع، بينهم شخصيات مرتبطة بالتيار الإسلامي. غير أن مسألة عودة نفوذ الإسلاميين المرتبطين بنظام عمر البشير (1989-2019) طُرحت بالفعل خلال لقاء زيورخ، حيث طلب بولس من البرهان إظهار استعداد للتعاون عبر إقصاء العناصر الموالية للنظام السابق كشرط مسبق للتقارب الدبلوماسي مع واشنطن.

 

وخلال النقاش، أبدى البرهان استعداده لدمج الوحدات المسلحة التي تُقاتل إلى جانبه، مثل قوات حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، في الجيش الوطني. ورغم قبول الحركتين مبدئياً بالفكرة، إلا أنه لم يتم تحديد إطار زمني للتنفيذ. ويُنظر إلى هذا المشروع باعتباره خطوة أساسية لإحكام السيطرة على المجموعات الإسلامية داخل المؤسسة العسكرية، خصوصاً فيلق البراء بن مالك الذي لعب دوراً بارزاً في الهجوم المضاد الأخير، الأمر الذي أثار قلق العواصم الغربية.

 

ومن الطرف الآخر، شكك فريق حمدوك الموالي للإمارات في خطوات البرهان لعزل بعض الإسلاميين في المؤسسة العسكرية مدعين أنها ليست سوى مناورة محسوبة، تهدف إلى إرسال إشارات مطمئنة للمجتمعين الدولي والإقليمي الرافضين لعودة هذه الجماعة.

 

وأن البرهان يعلن ذلك وهو لا يمس البنية الحقيقية لنفوذها داخل الجيش، وأن إبعاد بعض رموز الصف الأول، المألوفين في الواجهة السياسية والعسكرية، يقابله بقاء عناصر الصفين الثاني والثالث داخل مفاصل الجيش.

 

وقالوا إنهم من يتحكمون فعليًا في تشغيل الشبكة التنظيمية للحركة الإسلامية، ومن ثم فإن الاعتقاد بأن ما يحدث يمثل عملية تطهير حقيقية هو ضرب من السذاجة، وأن أي عملية اجتثاث جادة للوجود الإسلامي داخل المؤسسة العسكرية لا بد أن تستهدف هذه المستويات غير المرئية، وإلا فإن ما يجري لا يعدو كونه مسرحية مكشوفة بتكتيك جديد ووجوه مختلفة؟!

 

واقع لا ينكر

وقبل شهرين ونيف كانت كتيبة البراء تبحث عن مجندين في مدن دارفور للانضمام في صفوفها وجزء من قواتها وصل تخوم كردفان وتوقفوا عن كل هذا في لحظة حرجة وكان سبب توقف كتائب البراء عن القتال بحسب مراقبين؛ الخلاف المبطن بين البرهان والاسلاميين !

 

وكشف المراقبون أن الاسلاميين وضعوا كل ثقتهم وشبابهم تحت إمرة الجيش وقيادة البرهان ولا يتوقفون عن القتال إلا أن قيادات في الجيش متواصلة إقليميا مع مصر بدأت في احتجاجات على قيادة المدنيين من كتائب البراء للعمليات الميدانية، ليتصاعد الخلاف بين الاسلاميين ونائب قائد الجيش شمس الدين الكباشي، حول تسليح المواطنين فيما عُرف بالمقاومة الشعبية، ليتصاعد الصراع حسب مراقبون لحد تصفية قيادات بالجيش ووضع آخرين قيد الحبس.

وبالرغم من حالة التماسك في قوات الجيش وحلفائها، إلا أن اشتباكات تدور في بعض المناطق بين قوات درع السودان وقوات مالك عقار في النيل الأزرق، وتارة أخرى اشتباكات بين المشتركة وكتائب البراء في ولاية نهر النيل بحسب البعض.

 

لقاء مايو

 

واستقبل السيسي البرهان أخيرا بالتزامن مع اعتقال مخابرات السيسي لقائد قوات البراء بن مالك، وقال صلاح شعيب إن اللقاء دار بين البرهان والسيسي عن "كيفية إنقاذ البرهان من قبضة الكيزان" وأن الأنباء المسربة من الحوار الذي دار بين السيسي والبرهان في لقائهما الأخير بالقاهرة، وعطفاً على التقارير، والمقالات التي تناولت علاقة الجيش بالحركة الإسلامية، نلحظ أن هناك تبايناً في الرؤى حول تكييف إدارة الحرب.

 

وأن الحديث كان عن "قدرة البرهان للتخلص من الإسلاميين مدنيين، وعسكريين، من جهاز الدولة العميق محال. ويعزز هؤلاء وجهات نظرهم انطلاقا مما كشفه شيخ عبد الحي بأنهم اخترقوا حتى مكتب البرهان، وأن انتصارات حرب الكرامة تعود لكوادر الحركة الإسلامية، وأن المصطلح نفسه يخفي وراءه مسمى الحرب الجهادية".

 

 

رأي مستقل

 

المعهد المصري للدراسات قال إنه رغم ما دار في اللقاء مع المسئول الأمريكي ومهما كانت طبيعة المطالب المطروحة، يبقى المؤكد أن البرهان يعيش هاجساً متزايداً من عودة التيار الإسلامي وتنامي حضوره في الساحة، بما يحمله ذلك من طموحات سياسية آنية ومستقبلية.

 

 

وأضاف أن "هذا الواقع يضعه في مواجهة تحدٍّ مباشر لمساره الذي يسعى لتكريسه، وهو تثبيت القوات المسلحة، تحت قيادته وحده، كصاحبة اليد العليا في المرحلة الانتقالية. ".

 

وأشار إلى أنه من هنا تأتي رسالته للداخل والخارج على حد سواء: أنه يمتلك القدرة على رسم مسار المرحلة واتخاذ ما يشاء من ترتيبات دون معارضة جدية، وبدعم من القوة العظمى في العالم، وأن عملية تحجيم الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية ليست سوى خطوة ممكنة وقابلة للتنفيذ.