كوارث صندوق النقد الدولى وخضوع عصابة العسكر لإملاءاته حول حياة المصريين إلى جحيم لا يطاق فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي ..ورغم تحذيرات الخبراء من روشتات صندوق النقد وبرامجه التى يزعم انها اصلاحية إلا أن عصابة السيسي تصر على التعامل مع الصندوق وتتآمر معه على تخريب مصر وتنغيص حياة المواطنين لأسباب غير مفهومة .
شهادات الخبراء سواء فى مصر أو العالم تؤكد أن برامج صندوق النقد تدفع الدول إلى هاوية الإفلاس ولا تحقق تقدما ولا نهوضا بل تؤدى إلى تجويع الشعوب .
هذه الحقيقة فوجئ المصريون مؤخرا بها تأتى على لسان محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية لأجندة 2030، والذى كان أحد الوزراء بحكومة الانقلاب وكان يروج لبرامج الصندوق لكنه غير رأيه الآن وعاد إلى جادة الصواب .
فى سياق شهادته قال محيي الدين، في تصريحات صحفية إن الاقتصاد المصري ظل منذ 2015 وحتى اليوم يعمل في إطار برامج تثبيت مع صندوق النقد الدولي، وهي برامج أوشكت على الانتهاء في نوفمبر 2026، موضحًا أن هذه المرحلة كانت بطبيعتها "مرحلة إدارة أزمات".
وأضاف : الوقت حان لتبني حكومة الانقلاب نهجًا جديدًا مختلفًا يقوم على النمو والتنافسية وزيادة الاستثمار والتصدير، وإعادة تمكين الطبقة الوسطى، والتعامل مع قضايا التنمية المستدامة، وعلى رأسها توزيع الدخل ومكافحة الفقر، مشيرًا إلى أن هذه الملفات لا يعالجها برنامج الصندوق وحده.
الأزمة الاقتصادية
وأشار إلى أن تصريحات رئيس وزراء الانقلاب حول انتهاء الأزمة الاقتصادية تعتمد على نوع الأزمة المقصودة، لافتًا إلى أن أزمة السوق السوداء للدولار انتهت بفضل سياسات البنك المركزي، كما أن عجز الموازنة الأولي شهد تحسنًا وفق ما أعلنه وزير مالية الانقلاب لكن الأزمة الأعمق ما زالت قائمة .
وأكد محي الدين أن الناتج المحلي لم يشهد نموًا يذكر منذ عام 2015، إذ ظل في حدود الـ 480 مليار دولار، بينما الناتج بأسعار السوق لا يتجاوز 350 مليار دولار أي ما يعادل 0.3% فقط من الاقتصاد العالمي، في حين أن مصر تمثل أكثر من 1.3% من سكان العالم.
وقال إن هذه الأرقام تعني أن حجم الاقتصاد المصري يجب أن يكون على الأقل أربعة أضعاف مستواه الحالي ليعكس قدراته وإمكاناته، مؤكدًا أن هناك انفراجًا في بعض الاختلالات المالية والنقدية، لكن أزمة التنمية والنمو ما زالت قائمة وتحتاج إلى معالجة جذرية .
حكومة الانقلاب
وفيما يبدو أن تصريحات محيي الدين جاءت بايعاز من حكومة الانقلاب وما يؤكد ذلك تعقيبات مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب التى زعم فيها أن حكومته لديها رؤية اقتصادية حتى عام 2030، تمتد لما بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي .
وقال مدبولى : هذه الرؤية ترتكز على ما تم تحقيقه من إصلاحات اقتصادية خلال الفترة الماضية، لافتا إلى أنه سيتم طرح هذه الرؤية الاقتصادية المتكاملة "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل"، للحوار المجتمعي، سعيا لمزيد من التوافق حول هذه الرؤية وفق تعبيره ،
كما زعم أن جلسات الحوار المجتمعي التي سيتم عقدها بحضور نخبة من المتخصصين والخبراء ستشهد مناقشة واستعراض أهداف ومحاور هذه السردية، واستقبال مختلف الرؤى والمقترحات، التي من شأنها الوصول إلى صورة متكاملة ومتوافق عليها للسردية، وذلك بما يضمن تحقيق مختلف الأهداف المرجوة منها.
صفقات الخصخصة
تعليقا على تصريحات محيي الدين انتقد الخبير الاقتصادي د. أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق، موقف محيي الدين، قائلًا: «عجبت لك يا زمن! كان مسئولا عن جانب من أسوأ صفقات الخصخصة والسياسات النيوليبرالية، وكوفيء بموقع مهم في صندوق النقد الذي وضع برنامج اقتصادي رديء أوصل الاقتصاد لأزمة مديونية خانقة، ولتدهور تاريخي للعملة الوطنية بكل ما ترتب عليه من غلاء وفقر وجمود اقتصادي، وبعد أن غادر الصندوق لمؤسسة أخرى بات يستعير جزءا من خطاب وانتقادات كبار الاقتصاديين اليساريين لبرنامج الصندوق».
وأضاف النجار، عبر صفحته على فيسبوك: أتمنى يكون كلام محيي الدين عن إيمان وليس لغرض، بعد أن كان يحارب أفكارهم، وأصبح يردد جزءا منها الآن بدون اعتراف أو اعتذار. عموما إدراك الحق فضيلة، حتى ولو جاء متأخرا .
خطة ٢٠٣٠
وانتقد الخبير الاقتصادي الدكتور هاني توفيق تصريحات مصطفى مدبولى متسائلا كيف تضع حكومة الانقلاب خطة الدولة حتى عام ٢٠٣٠.
وقال توفيق عبر صفحته على فيس بوك: أمر غريب جدًا أن تلزم حكومة حالية حكومات قادمة بخطة تضعها هي .
وأوضح أنه من المفروض أن من يضع الخطة لجان عليا مستقلة من خبراء كل مهنة، يناقشها ثم يعتمدها البرلمان، وما على الحكومات إلا التنفيذ .
توطين الصناعة
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي إن أهم الحوافز التي تحتم السعي لضمان تحقيق أداء جيد للاقتصاد المصري تتمثل في توطين الصناعة وتعزيز فرص الإنتاج بما يساهم في انخفاض عجز الميزان التجاري وخفض الواردات ودعم الصادرات مما ينعكس على وقف ربط الاقتصاد المصري بالدولار والذي عرضه للكثير من المخاطر الفترة الماضية.
وأكد الشافعي فى تصريحاات صحفية أن توطين الصناعة وتحفيز فرص العمل سيعمل على خفض الفقر والبطالة مشددا على ضرورة أن تقدم حكومة الانقلاب تسهيلات وحوافز لتلك القطاعات الى جانب القطاع الزراعي من أجل زيادة الصادرات وهو ما يوفر حصيلة دولارية كافية .
وأشار إلى أن السياحة والاستثمار السياحي أحد أهم المؤشرات التي يجب أن يتم التركيز عليها في ضوء رؤية لإمكانياتنا بعيدا عن أي اشتراطات أو تعقيدات سواء من جانب صندوق النقد الدولى أو غيره.
وشدد الشافعي على أن وضع خطة لاستغلال إمكانيات الدولة المتاحة خاصة الثروات التعدينية والمواد الخام والذهب سيعزز من قدرة الاقتصاد المصري على خلق موارد ذاتية بعيدا عن الاقتراض من الخارج وزيادة الديون التى تجاوزت الـ 160 مليار دولار فى زمن الانقلاب.
وأوضح أن إعادة إصلاح الخلل في مختلف القطاعات مع خفض الفائدة والتضخم وضبط الأسواق في ضوء وجود رؤية واستراتيجية يتم صياغتها من المختصين لخروج الاقتصاد المصري من أزماته سيساهم في تحسن أداء الاقتصاد المصري.