في الوقت الذي تُرفع فيه حكومة الانقلاب شعارات عن تجميل الشوارع والنظافة و "حماية الطفولة"، تُغرس أنياب الكلاب الضالة في أجساد أطفال أبرياء، ليجدوا أنفسهم بين جدران المستشفيات يصارعون الموت البطيء.
مأساة الكلاب الضالة تهدد المصريين الذين لا يجدون من يحميهم ، بينما تكتفي الأجهزة التنفيذية بحكومة الانقلاب بالتصريحات الوردية، تاركة الشوارع غابة مفتوحة تنهش فيها الكلاب الضالة أجساد الصغار والكبار.
450 ألف حالة عقر
التقارير الرسمية تكشف أن مصر تسجل نحو450 ألف حالة عقر سنويًا نتيجة هجوم الكلاب الضالة، فى حين أكدت منظمة الصحة العالمية أن مضؤ شهدت نحو 574 ألف حالة عقر عام 2019 وحده.
كما تسجل مصر قرابة 50 حالة وفاة سنويًا بداء الكلب، معظمهم من الأطفال في الفئة العمرية ما بين 5 و14 سنة، وبعض التقارير قدّرت الوفيات بما يقارب 100 حالة وتلك الوفيات مؤكدة نتيجة الإصابة بداء الكلب، بينما تظل الحلول غائبة، بين وعود حكومة الانقلاب بالتحصين وحملات لا ترَى النور إلا على الورق..
وقدرت تقارير رسمية أن اعداد الكلاب الضالة فى شوارع مصر تتجاوز خمسة عشر مليونا وهو ما يمثل تهديدا مباشرا لحياة ملايين المواطنين في القرى والمدن على حد سواء
20 مليون كلب
وبحسب نقابة البيطريين يقدر عدد الكلاب الضالة في مصر بما يتراوح بين 15 إلى 20 مليون كلب، مشيرة إلى أن تكلفة توفير أمصال داء الكلب وصلت إلى 146 مليون جنيه عام 2019، مع توقع أن تتجاوز 500 مليون جنيه بسبب زيادة الإصابات .
هذه الأرقام تكشف أن الأزمة لم تعد حوادث فردية، بل ملف وطني يلتهم أرواح الأطفال وميزانية دولة العسكر معًا.
صراخ بلا مجيب
فى هذا السياق تشهد منطقة الاربعين بحي غرب اسيوط كارثة حقيقية بسبب الكلاب الضالة التي اصبحت تهدد حياة الاطفال ليل نهار حيث تكررت حوادث العقر والتى كان ضحيتها اطفال صغار نقلوا الى المستشفى.
شوارع منطقة الأربعين تحولت إلى مصيدة رعب يومية للأطفال…طفل صغير يصرخ من الألم بعد أن نهشت الكلاب الضالة ذراعه، مخلفة جروحًا غائرة قد تلازمه طوال العمر، وطفلة أخرى ترقد في غرفة المستشفى، وجهها ملفوف بالشاش، وعيناها مغمضتان تحت تأثير الأدوية، بعدما نجت من بين أنياب الموت.
أسر مكلومة تعيش على أعصابها، ما بين خوف على أطفالها من الشارع وقلق من نفاد الأمصال داخل المستشفيات، والأزمة لم تعد حادثا فرديا، بل صارت ملفا وطنيا يهدد آلاف الأسر يوميا.
فيما اثار غياب اي اجراءات وقائية من جانب الجهات المعنية بحكومة الانقلاب حالة من الرعب والذعر والغضب بين الاهالي الذين اتهموا المسئولين بالتقاعس عن حماية المواطنين، خاصة بعد تحول الشوارع إلى ساحة خطر دائم .
إصابات الاطفال
وأكد الأهالي أن المناطق السكنية أصبحت مرتعا لعشرات الكلاب الضالة، التي تتحرك في أسراب، وتهاجم المارة ليلًا ونهارًا .
وقال الأهالى : أولادنا مش عارفين ينزلوا يلعبوا .. حتى الطريق للمدرسة بقى رعب، مشيرين إلى أنهم كل يوم يستمعون إلى صوت أم مفجوعة تعبر عن مأساة مئات الأسر التي لا تجد حماية لأطفالها سوى الدعاء.
فى هذا السياق قال مصطفى كامل عامل إن الكلاب الضالة هاجمت نجله أثناء عودته من المدرسة وتسببت في إصابة عميقة بذراعه مؤكدا أن الاطفال لا يستطيعون اللعب أو السير بأمان.
وأضافت شيماء حسن ربة منزل أن ابنتها تعرضت للعقر أمام المنزل وتم نقلها الى المستشفى العام حيث لم تجد الأمصال بسهولة مما زاد من معاناتهم بينما أشار خالد علي سائق إلى أن الكلاب الضالة تنتشر ليلا ونهارا وتتحرك في أسراب دون أي تدخل من المسئولين.
الأمصال
وقال احمد جمال حداد ان نجله تعرض لهجوم من الكلاب الضالة اثناء عودته من الدرس مما ادى الى اصابة غائرة في ذراعه
واضاف ان المستشفى لم يكن به مصل كاف مما جعلهم يبحثون في اكثر من مكان
وقالت فاطمة سيد ربة منزل ان ابنتها الصغيرة تعرضت للعقر امام باب البيت وتم نقلها في حالة حرجة
واضافت ان الكلاب الضالة تتحرك في اسراب وتهاجم الجميع بينما ذكر محمد ابراهيم سائق ان الاطفال اصبحوا لا يذهبون للمدرسة بمفردهم خوفا من الاعتداء
وصمة عار
ورغم خطورة الأزمة، تتعامل الأجهزة المعنية بحكومة الانقلاب مع الملف بمنطق "رد الفعل"، فتتحرك فقط بعد وقوع الكارثة، بينما يظل غياب خطة متكاملة للسيطرة على الظاهرة وصمة عار في جبين الإدارة المحلية.
وأعرب الاهالي عن أسفهم لان الكارثة مستمرة مؤكدين ان تحرك المسئولين لا يتعدى التصريحات او الحملات المؤقتة دون خطة واضحة للتعقيم او التحصين او الايواء وهو ما يجعل كارثة الكلاب الضالة مستمرة وتتضاعف يوما بعد يوم وسط تجاهل تام لمعاناة الاطفال والاسر.
وحذروا من الأزمة لم تعد مجرد كلاب ضالة .. بل أصبحت قنابل موقوتة تفتك ببراءة الأطفال، ما لم تُوضع آليات عاجلة تتضمن التعقيم، والتحصين، وإيواء هذه الحيوانات، فإن الشوارع ستظل ساحات دماء مفتوحة، والضحايا في ازدياد.