بعد رفع أسعار غاز المصانع.. المزارعون يترقبون زيادة تصل ل66% على أسعار الأسمدة المدعمة!

- ‎فيتقارير

بعد أن رفعت الحكومة أسعار الغاز للمصانع خلال شهر سبتمبر الجاري، بنسبة تراوح ما بين 15% إلى 20%، وبحد أدنى دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية تُباع لمحطات توليد الكهرباء ومصانع الأسمدة والبتروكيماويات والحديد ومواد البناء، تتجه حكومة السيسي إلى رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة 33%، لتصل أسعار الطن من 4500 جنيه إلى حوالي 6000 جنيه.

وخلال الفترة القصيرة الماضية، رفعت حكومة السيسي أسعار الأسمدة المدعمة في مصر مرتين  الأول في نوفمبر 2021 حيث ارتفع السعر لطن الأسمدة المدعمة إلى 4,500 جنيه، وكان هذا أول تعديل منذ فترة طويلة، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج والغاز، وسط تصريحات حكومية بارتفاع فاتورة استيراد الغاز المسال إلى نحو 20 مليار دولار خلال العام المالي الجاري 2025-2026، رغم الاتفاق الجديد مع "إسرائيل" على زيادة توريد الغاز الطبيعي إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040.

أما الرفع الثاني (المرتقب) في سبتمبر 2025 (لم يُنفذ بعد رسميًا)

إجمالاً، هذا يعني أن الرفع الحالي سيكون الثاني خلال عامين، لكنه الأكبر من حيث النسبة، وإذا تم تطبيقه، فسيكون مجموع الزيادة منذ 2021 حوالي 66%.

وجار تطبيق الزيادة رسمياً، إلا أن أسعار الغذاء ستتأثر تدريجياً خلال موسم الزراعة القادم، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة التضخم الغذائي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الغاز والطاقة عالمياً.

ومن التأثيرات المرتقبة زيادة تكلفة الإنتاج وارتفاع سعر الأسمدة المدعمة من 4,500 إلى 6,000 جنيه للطن، يعني أن الفلاحين سيدفعون أكثر لتسميد الأرض، مما يرفع تكلفة الزراعة.

ومن التأثيرات المتوقعة انخفاض الكميات المدعمة بعدا خفضت حكومة السيسي حصة وزارة الزراعة من الأسمدة المدعمة من 55% إلى 37%، ما يعني أن كثيراً من الفلاحين سيضطرون للشراء من السوق الحر بأسعار أعلى.

وعليه يتوقع مراقبون نقص المعروض من جانب تقليص الكميات المتاحة الذي قد يؤدي إلى أزمة مفتعلة في السوق، يستغلها تجار السوق السوداء لرفع الأسعار أكثر.

ويترقب السوق ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة، بسبب زيادة تكلفة الإنتاج، من المتوقع أن ترتفع أسعار المنتجات الزراعية الأساسية مثل الطماطم، البطاطس، والخيار، فضلا عن ضغط على الأسر الفقيرة بنحو 34.3% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، ما يجعل أي زيادة في أسعار الغذاء عبئاً كبيراً.

 

محاولات  حكومية للتخفيف

 

 الحكومة قررت مؤقتاً تثبيت سعر الأسمدة المدعمة عند 4,500 جنيه، وتتحمل دعماً إضافياً بقيمة 1,500 جنيه للطن لتفادي قفزة في أسعار الغذاء، لكن هذا الإجراء قد يكون مؤقتاً

 

 

القرار جاء بعد اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بصناعة الأسمدة التي تضم وزراء البترول، الصناعة، الزراعة، المالية وقطاع الأعمال، في محاولة لتعويض الشركات المنتجة عن زيادة تكلفة الغاز الطبيعي المستخدم في تصنيع الأسمدة.

ورفعت حكومة السيسي  سعر الغاز الموجه للمصانع من 4.5 إلى 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية ، وربطه بسعر اليوريا العالمي بمعادلة سعرية مرنة.

 

وقلصت حكومة السيسي حصة وزارة الزراعة من الأسمدة المدعمة من 55% إلى 37% من إجمالي الإنتاج الشهري، مما يعني خفض الكميات المقدمة للمزارعين بسعر الدعم.

رغم القرار المنتظر، حكومة الانقلاب أعلنت في وقت سابق تثبيت الأسعار لتجنب ارتفاع أسعار الغذاء لكن الدعم المالي الإضافي سيكون من وزارة المالية بمقدار 1500 جنيه لكل طن مدعم.
 

رغم عودة ضخ الغاز الطبيعي بنسبة 100% منذ يوليو 2025، رفع أسعار الغاز للمصانع جاء لموازنة ارتفاع التكلفة وتغطية خسائر الشركات.

كذلك فرضت حكومة الانقلاب المصرية بصمة كربونية على المصانع؛ مما قلل من إنتاجها وزاد من التكاليف التشغيلية.

وجاء إقرار رفع الأسعار لتعويض هذه المصاعب المالية، وكذلك للاستجابة لضغوط السوق العالمية التي شهدت ارتفاعات في أسعار الأسمدة بأكثر من 30% خلال الأشهر الأخيرة.

وقال محلل الأسواق المالية في شركة CFI مصر أحمد ناشي: إن "الأسهم تأثرت بإعلان نية الحكومة رفع أسعار الغاز للمصانع وخفض نسب الأسمدة المدعومة، موضحا أن أسهم القطاعات الغذائية شهدت نقصاً في السيولة ودومتي وجهينة وصلت لمستويات جاذبة".

حصص الأسمدة

 

وكان  نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل كامل الوزير وجه بضرورة التزام جميع الشركات المنتجة للأسمدة بتوقيع بروتوكول ينص بوضوح على ثلاث حصص رئيسية.

 

وأضاف أن  الحصص مقسمة بين وزارة الزراعة، السوق المحلي، والتصدير ، و أكد على التزام الشركات بهذه الحصص الثلاث يضمن تحقيق التوازن بين مصلحة الشركات واستقرار السوق المحلي.

 

واعتبر متابعون أن نقص المعروض المخصوص للدعم الحكومي للفلاحين مما يفاقم الأزمة، حيث تنتج مصر نحو 17.9 مليون طن أسمدة سنوياً، وتورد 220 ألف طن مدعمة شهرياً لوزارة الزراعة.

أما صادرات الأسمدة المصرية فحققت 1.359 مليار دولار في النصف الأول من 2025، محتلة صدارة قطاع الصناعات الكيماوية.

في مأزق

واعتبر محللون أن القرار يضع السيسي وحكومته في مأزق حيث رفع الدعم أو تعديله تاريخياً كان سبباً لاحتقان شعبي، ذكرى "انتفاضة الخبز" 1977 مثال، وحكومة الانقلاب تدرك هذا التاريخ فأحياناً تقدم تسهيلات مالية مؤقتة أو تأجيلات لامتصاص الغضب، وأنه على المستوى الدبلوماسي والمالي، فإن مؤسسات دولية ودائنين يشجعون إصلاح الدعم لتحسين أوضاع المالية العامة، لكن التحرك السياسي الناعم يبرز كخطة التوازن بين متطلبات صندوق النقد الدولي وضرورة الاستقرار الاجتماعي.

وتحدثت تقارير محلية عن غضب الفلاحين فور تسريبات أي زيادة، مع دعوات لاعتصامات أو شكوى من تآكل دخلهم، رفع سعر شيكارة اليوريا مثلاً على أساس الزيادة سيشعر به المزارع الصغير فوراً.

وتأتي هذه الزيادة في وقت تعاني فيه الأسواق من نقص حاد في المعروض المدعوم، وارتفاعات غير رسمية في السوق السوداء ترفع سعر الشيكارة إلى 1300 جنيه مقارنة بسعر الدعم 250-300 جنيه، الأمر الذي يزيد العبء على المزارع ويواجه رقابة ضعيفة.