يأتي الإغلاق الحكومي الثالث في الولايات المتحدة عام 2025 في توقيت حرج، واعتبره كثيرون "كارثة مركبة" بسبب تزامنه مع أزمات أخرى مثل زيادة الجمارك وحرائق الغابات، وبدأ الإغلاق في 1 أكتوبر 2025 بعد فشل الكونغرس في تمرير ميزانية جديدة، بسبب خلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين حول تمويل برامج الرعاية الصحية.
فالرئيس دونالد ترامب لم يتمكن من تمرير مشروع الميزانية رغم سيطرة حزبه على الكونغرس، بسبب عدم توفر أغلبية 60% اللازمة.
وأدى الإغلاق إلى توقف جزئي للحكومة الفيدرالية، وتسريح مؤقت لمئات آلاف الموظفين، وتعطيل خدمات مثل إدارة الحدائق الوطنية ومراقبة الحركة الجوية.
وهو بعكس إضرابين حكوميين في عام 2025، حيث شهدت الولايات المتحدة إغلاقين حكوميين قبل الإغلاق الثالث في أكتوبر حيث الإغلاق الحكومي الأول في 1 يناير 2025 وامتد حتى 8 يناير 2025 بسبب خلافات حول تمويل برامج الهجرة والبنية التحتية بين الكونغرس وإدارة الرئيس ترامب..
أما الإغلاق الحكومي الثاني فكان في 15 مارس 2025 وامتد حتى 22 مارس 2025، ول 7 أيام بسبب فشل تمرير قانون تمويل مؤقت بسبب خلافات حول الإنفاق العسكري والرعاية الصحية.
وتزامن الإغلاق 3 مع زيادة في الرسوم الجمركية على واردات من الصين وأوروبا، ما رفع أسعار السلع الأساسية وأثر على سلاسل التوريد وتوقفت بيانات اقتصادية مهمة مثل تقرير الوظائف والتضخم، ما أربك قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. مع توقعات بارتفاع معدل البطالة من 4.3% إلى 4.7% إذا استمر الإغلاق لأكثر من 3 أسابيع.
ووجه الاختلاف بين الإغلاق الحالي والإغلاقين السابقين له بحسب وكالة موديز أمه يؤثر على التصنيف السيادي للولايات المتحدة، خاصة بعد خفض وكالة فيتش للتصنيف قبل شهر كما يهدد الاستثمارات طويلة الأمد ويضعف الثقة في قدرة الحكومة على إدارة الأزمات المتزامنة (ومنها غزة وخطة ترامب المتزامنة)
ورغم أن آدم تورنكويست، كبير الاستراتيجيين في شركة LPL المالية، أوضح أن الولايات المتحدة شهدت منذ 1976 نحو 20 إغلاقاً حكومياً، استمر كل منها في المتوسط 8 أيام، دون تأثير جوهري طويل المدى على الأسواق.
إلا أن مستشاري ترامب أكدوا أن الإغلاق الحكومي قد يكلف الاقتصاد 15 مليار دولار أسبوعيًا، وحذّر المستشارون الاقتصاديون من تداعيات اقتصادية خطيرة في حال استمرار الإغلاق الحكومي لفترة مطوّلة.
والحذر من أن استمرار الإغلاق لشهر كامل، قد يتسبب ذلك في زيادة أعداد العاطلين عن العمل بـ 43 ألف شخص إضافي.
وقال وزير الخزانة الأميركي في مقابلة مع CNBC إن النمو الاقتصادي الأميركي قد يتضرر بشكل واضح بسبب الإغلاق الحكومي حيث ضربة متوقعة للناتج المحلي الإجمالي وضربة للنمو الاقتصادي بشكل عام، محذرا من تأثير مباشر على الطبقة العاملة الأميركية التي ستتحمل العبء الأكبر.
خسارات متزامنة لترامب
وفي 2 أبريل 2025 بدأت ازمة الرسوم الجمركية بعد إعلان ترامب لفرضها حتى على الصين وتركيا، وهب مستمرة حتى الآن (لم يتم التراجع عنها رسميًا حتى أكتوبر 2025)
وقدرت خسائر الرسوم الجمركية في الشركات المدرجة في مؤشر S&P 500 بأكثر من 2.5 تريليون دولار من قيمتها السوقية خلال أسبوع واحد فقط بعد فرض الرسوم.
وتواجه الأسر الأميركية زيادة في التكاليف تصل إلى 3000 دولار سنويًا بسبب ارتفاع أسعار السلع.
وارتفعت الرسوم الجمركية من 2.5% إلى 22% على جميع الواردات، ما أدى إلى اضطراب سلاسل التوريد العالمية.
حرائق الغابات
ومع إعلان ترامب أنه سيفتح النار على غزة واجه في منتصف يوليو 2025 وإلى أواخر سبتمبر 2025 أزمة حرائق الغابات وقدرت خسائرها بنحو 40 مليار دولار نتيجة تدمير آلاف المنازل والبنية التحتية وتوقف الإنتاج الزراعي في عدة ولايات وتكاليف الإخلاء والطوارئ ومكافحة الحرائق.
ترامب يعترف
ويستخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإغلاق لبحث خطط خفض عدد موظفي الحكومة الفيدرالية، وكأداة ضغط على الديمقراطيين كما جمد
إنفاق بعض المشاريع مثل النقل في نيويورك وبرامج الطاقة النظيفة في ولايات مؤيدة للديمقراطيين.
وسينعقد مجلس الشيوخ للانعقاد الجمعة، بينما مجلس النواب لن يجتمع قبل الثلاثاء المقبل، ما يعني أن الأزمة قد تمتد لأيام إضافية يكون ترامب جمد فيها نحو 18 مليار دولار من مخصصات مشروعات البنية التحتية في نيويورك، بينها نفق هدسون ومترو الجادة الثانية، معتبرة أن التمويل لا يجب أن يُوجَّه وفق مبادئ «التنوع والإنصاف والشمول» التي وصفتها الإدارة بأنها غير دستورية.
وقال متابعون إن الخلاف يتمحور حول تمديد دعم قانون الرعاية الصحية (أوباما كير) الذي يطالب به الديمقراطيون، فيما يصر الجمهوريون على تمويل الحكومة أولاً.
تهديد ترامب لغزة
وتهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لغزة في سبتمبر وأكتوبر 2025 جاءت في توقيت حساس للغاية، حيث كانت الولايات المتحدة تواجه أزمات اقتصادية وبيئية متراكبة، مما جعل توقيت التصعيد مثيرًا للجدل داخليًا وخارجيًا.
فمن جانب يرى البعض أن ترامب يحاول صرف الأنظار عن أزماته الداخلية واستخدام غزة كورقة ضغط سياسية في لحظة ضعف اقتصادي مستاءلين عن كيف يمكن تنفيذ خطة "سلام" وسط اضطراب داخلي أميركي بهذا الحجم.
في أواخر سبتمبر 2025، أعلن ترامب عن خطة من 21 بندًا لإنهاء الحرب في غزة، تضمنت:
وقف فوري لإطلاق النار لمدة 72 ساعة
نزع سلاح حركة حماس بالكامل
نشر قوة دولية مؤقتة في القطاع
إطلاق سراح الأسرى من الطرفين
إدخال مساعدات إنسانية عاجلة
منح أعضاء حماس ممرًا آمنًا لمغادرة غزة طوعًا
تشكيل حكومة انتقالية بإشراف دولي
وأطلق ترامب على خطته "طريق للسلام والازدهار"، إلا أنه ضمنها تهديدًا بأن استمرار القتال سيقابل بـ"رد حاسم"، ما اعتبره البعض محاولة لفرض واقع سياسي جديد بالقوة أو بإطلاق يد كيان الاحتلال في الإبادة الجماعية.
إلا أن البعض الآخر يربط بين هذا التهديد والتهديد الآلهي بكساد وحرائق كما حدث مع فرعون موسى.