فشل التيسير النقدي في إنعاش الاقتصاد.. خفض الفائدة لا يُوقف نزيف التمويل في “جمهورية الديون”

- ‎فيتقارير

فشل التيسير النقدي في إنعاش الاقتصاد.. خفض الفائدة لا يوقف نزيف التمويل في "جمهورية الديون"

 

رغم دعاية النظام بانخفاض الفائدة.. الشركات تغرق في القروض وتكلفة التمويل تتصاعد

 

منذ أن أعلن البنك المركزي التابع لنظام الانقلاب في أبريل/نيسان الماضي عن بدء ما سمّاه "موجة التيسير النقدي"، لم يلمس الاقتصاد المصري المنهك أي أثر إيجابي حقيقي.

 

فبعد أكثر من عشر سنوات من السياسات العشوائية لعبد الفتاح السيسي، تبدو القرارات الاقتصادية كأنها تُدار فقط لطمأنة صندوق النقد الدولي لا لإنقاذ الإنتاج أو تخفيف معاناة الشركات.

 

فخلال النصف الأول من العام الجاري، ورغم خفض سعر الفائدة بنسبة إجمالية بلغت 3.25%، كشفت القوائم المالية لعشر شركات كبرى مقيدة في البورصة عن ارتفاع حاد في المصروفات التمويلية، ما يعكس استمرار أعباء القروض التي أصبحت كابوسًا دائمًا للاقتصاد الوطني.

 

خفض فائدة على الورق.. وديون تتضاعف على الأرض

 

الخبراء يرون أن ما يروجه النظام عن أثر خفض الفائدة ليس أكثر من مناورة إعلامية.

 

فبحسب عمرو الألفي، رئيس قطاع الاستراتيجيات بشركة "ثاندر"، فإن "الأثر الكلي لخفض الفائدة يحتاج وقتًا طويلًا"، بينما يشير آخرون إلى أن الشركات لم تجد بُدًّا من الاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة سابقًا لتغطية احتياجات عاجلة فرضتها الأزمات المتلاحقة التي صنعتها السياسات الحكومية الفاشلة.

 

وفي ظل غياب رؤية اقتصادية وطنية، توسعت شركات كبرى مثل "بالم هيلز" و"سيدي كرير" في الاقتراض بنسبة وصلت إلى 25 و60% على التوالي خلال نصف عام فقط، وهو ما يعكس حجم الأزمة التمويلية التي تعانيها بيئة الاستثمار في ظل حكم السيسي.

 

أرباح وهمية وفوائد خانقة ويرى محللون أن بعض الشركات نجحت في تغطية مصروفاتها التمويلية مؤقتًا بفضل أنشطتها التصديرية أو المالية، مثل شركة "مصر لصناعة الكيماويات" و"بلتون"، غير أن هذه النجاحات استثناءات محدودة لا تغيّر صورة الانهيار العام، خاصة في ظل تراجع الطلب المحلي وضعف القدرة الشرائية للمواطنين.

 

الشركات التي تعتمد على السوق المحلي مثل "راميدا" و"جهينة" و"إيديتا" اضطرت إلى زيادة القروض لتمويل التوسعات أو الاندماجات، ما رفع عبء الفوائد عليها في وقتٍ تتآكل فيه الأرباح بفعل التضخم والضرائب المتصاعدة.

 

حتى الشركات التي تُوصف بأنها رابحة، تجد نفسها اليوم تعمل فقط لتسديد فوائد القروض وليس لتطوير إنتاجها

نظام السيسي.. يغرق الدولة في دوامة الديون

 

منذ انقلاب 2013، اعتمد النظام العسكري على الاقتراض المفرط داخليًا وخارجيًا كأداة لإخفاء فشله الاقتصادي، فانعكس ذلك على كل القطاعات، من الصناعة إلى الزراعة.

 

ومع كل خفض للفائدة يروّج له النظام كإنجاز، تتزايد الديون وتنهار القوة الشرائية، في مشهد يختصر سقوط الاقتصاد في قبضة الفساد والعسكرة.

 

حتى التوقعات المستقبلية التي يتحدث عنها المحللون لا تبشّر بانفراجة حقيقية؛ فالنظام يراهن على خفض جديد للفائدة بنحو 2% حتى نهاية العام، لكن ذلك – كما يرى اقتصاديون مستقلون – لن يكون أكثر من مسكّن مؤقت في اقتصاد يحتضر، لأنه لا يقوم على إنتاج حقيقي، بل على طباعة النقود وبيع أصول الدولة وتوسيع نفوذ العسكر في كل مجال.

 

استثمار غائب وعبء حاضر بعد عقد من وعود "الإصلاح"، باتت مصر تعيش ما يمكن تسميته بـ اقتصاد الديون والفوائد، حيث تتراجع الإنتاجية وتختفي الثقة في السوق، بينما تتضخم أرباح قلة مرتبطة بالمؤسسة العسكرية على حساب ملايين الفقراء.

 

خفض الفائدة لم يعد حلًا، لأن المشكلة ليست في الأرقام بل في منظومة الحكم ذاتها؛ نظامٌ أغرق البلاد في القروض، وأفقر الشعب، وحوّل الاقتصاد إلى رهينة لدى الدائنين.