في مشهد يُعيد إنتاج الوجوه المطيعة ويُقصي من انتهت صلاحيتهم، كشفت مصادر برلمانية مطلعة لـموقع "العربي الجديد" أن المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب الحالي، لن يكون ضمن قوائم "القائمة الوطنية من أجل مصر"، التي يقودها نظام عبد الفتاح السيسي وتضم 12 حزبًا مواليًا أبرزها "مستقبل وطن" و"حماة الوطن" و"الجبهة الوطنية" و"الشعب الجمهوري". استبعاد جبالي، البالغ من العمر 76 عامًا، يعني إنهاء خدمته السياسية بعد خمس سنوات من رئاسته للمجلس الذي لم يعرف المعارضة ولا التشريع، بل كان مجرد أداة لتمرير قرارات السلطة التنفيذية، من اتفاقية بيع تيران وصنافير إلى تعديلات الدستور التي مددت حكم السيسي بلا حدود.
وبحسب المصادر، لم تشمل القوائم أيضًا رئيس البرلمان الأسبق علي عبد العال، الذي لعب الدور نفسه قبل جبالي في تمرير التنازل عن الجزر المصرية للسعودية، بعدما تجاهل طلبًا موقعًا من 150 نائبًا بالتصويت بالاسم، وأقر الاتفاقية في جلسة مثيرة للجدل عام 2017.
ورغم أن عبد العال عُيّن قبل شهور نائبًا لرئيس حزب الجبهة الوطنية – الممول من رجل الأعمال المقرب من النظام إبراهيم العرجاني – إلا أنه خرج هو الآخر من المشهد، في ما يشبه عملية "تدوير" داخلية للوجوه الموالية. تلك التغييرات، كما توضح المصادر، لا علاقة لها بالمحاسبة أو الكفاءة، بل برغبة رأس النظام في تجديد الواجهة السياسية وإظهار "برلمان جديد" يضم خليطًا من رجال الأعمال الذين اشتروا مقاعدهم بملايين الجنيهات، وضباط سابقين وإعلاميين وأكاديميين تم اختيارهم بالتعيين أو التزكية من الأجهزة الأمنية.
المرشح الأوفر حظًا لرئاسة البرلمان القادم هو المستشار أحمد سعد الدين، الوكيل الحالي للمجلس، والذي سبق أن شغل منصب الأمين العام للبرلمان قبل أن يطيحه عبد العال عام 2019، غير أن بعض المصادر لم تستبعد أن يأتي رئيس المجلس الجديد من بين المعينين مباشرة بقرار من السيسي، في إشارة إلى تحكم السلطة المطلقة في كل مفاصل المؤسسة التشريعية.
ولم يختلف الحال في مجلس الشيوخ، إذ تقرر استبعاد رئيس حزب مستقبل وطن ورئيس المجلس عبد الوهاب عبد الرازق، البالغ من العمر 77 عامًا، رغم أنه كان من أبرز رجال النظام القضائي الذين خدموا أجندته منذ عهد عدلي منصور، بإصدار أحكام بحل برلمان 2012 وإسقاط قانون العزل السياسي الذي أعاد أحمد شفيق إلى سباق الرئاسة.
وتشير المعلومات إلى أن المنصب مرشح له كل من المستشار عصام الدين فريد، الرئيس السابق لمحاكم جنايات أمن الدولة، والمستشار حسني أبو زيد، رئيس محكمة النقض السابق والمعين بقرار رئاسي.
وتستعد "القائمة الوطنية" اليوم لتقديم أوراق ترشحها في الدوائر الأربع المخصصة للقوائم المغلقة، وسط غياب أي منافسين حقيقيين، بعد أن أحجمت الأحزاب والمستقلون عن المشاركة، لعلمهم أن النتائج محسومة مسبقًا بأوامر أجهزة الدولة.
فالقانون يمنح رئيس الجمهورية تعيين 5% من الأعضاء، بينما يُحسم الباقي عبر قوائم مغلقة لا تسمح بأي صوت خارج سرب النظام
. وهكذا، يبدو أن السيسي الذي جعل البرلمان مزادًا علنيًا للولاء والمال، يسعى الآن لتغيير "قشرة" السلطة فقط، ليُعيد تشكيل المشهد بوجوه أكثر خضوعًا وولاءً، في نسخة جديدة من "قلب شرباته النتة" كما يصفها المصريون ساخرين.