لإصداره أحكام هزلية ومغلظة بحق قيادات الإخوان .. عصام فريد رئيسًا لـ"مجلس شيوخ العسكر" بأمر السيسى
في خطوة تعكس طبيعة النظام القائم وتكريس تحكم المنقلب عبد الفتاح السيسي في مفاصل الدولة، أعلن مجلس الشيوخ اليوم السبت اختيار القاضي عصام الدين فريد، الرئيس السابق لمحكمة جنايات أمن الدولة العليا، رئيسًا للمجلس بالتزكية، إذ لم يتقدم أي نائب لمنافسته في الجلسة الافتتاحية للفصل التشريعي الجديد، في سابقة لم تحدث منذ عام 2010 حين فاز صفوت الشريف برئاسة مجلس الشورى بالتزكية.
وجاء ترشيح فريد المدعوم مباشرة من السيسي عرفانًا بدوره المشبوه في إصدار أحكام هزلية ومغلظة ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين عقب انقلاب يوليو 2013 على الرئيس المنتخب الشهيد محمد مرسي، وهي الأحكام التي كانت عنوانًا لمرحلة القمع القضائي في مصر.
سجل أسود في خدمة النظام
تدرّج فريد في المناصب القضائية حتى التحق بالمكتب الفني للنائب العام بين عامي 1990 و2000، ثم انتُدب لجهاز الكسب غير المشروع، وأعير إلى البحرين رئيسًا للمحاكم العسكرية الاستئنافية. ومع عودته إلى مصر، تولى رئاسة محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالقاهرة، حيث أصدر أحكامًا بالإعدام والسجن المؤبد بحق العشرات من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، في قضايا وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها "سياسية وانتقامية تفتقر لأدنى معايير العدالة".
وبرغم تقاعده قبل ثلاث سنوات وابتعاده عن أي نشاط سياسي، فوجئ مراقبون بإدراج اسمه في قائمة "القائمة الوطنية من أجل مصر" التابعة لحزب "مستقبل وطن"، الذراع السياسية للنظام، تمهيدًا لتوليه رئاسة المجلس مكافأة على خدماته السابقة في "القضاء المسيس".
مكافأة جديدة لرجال أحكام النظام
وأعلن النائب محمد أبو العلا، رئيس الحزب العربي الناصري وأكبر أعضاء مجلس الشيوخ سنًا، فوز فريد برئاسة المجلس بإجمالي 299 صوتًا من أصل 300، بعد تشكيل لجنة صورية لإدارة العملية الانتخابية. وكان فريد قد فاز بعضويته عن حزب "مستقبل وطن" بمحافظة المنيا ضمن قائمة الحزب في قطاع الجيزة والصعيد.
يأتي هذا التعيين على خطى المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، الرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا، الذي تولى رئاسة مجلس الشيوخ عام 2020 مكافأة له على إجهاضه أحكام بطلان اتفاقية تيران وصنافير، التي بموجبها تنازل المنقلب السفيه السيسي عن الجزيرتين المصريتين للسعودية.
وكلاء المجلس: عسكري وقاضٍ لخدمة النظام
كما فاز اللواء أحمد العوضي، نائب رئيس حزب "حماة الوطن" ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق، بمنصب الوكيل الأول للمجلس بالتزكية أيضًا، بعد تعيينه بقرار من السيسي ضمن قائمة المئة نائب. ويعد العوضي من القيادات العسكرية القديمة، إذ تخرّج في الكلية الحربية عام 1970 وشارك في حرب أكتوبر 1973.
أما منصب الوكيل الثاني فذهب إلى المستشار فارس سعد حنضل، نائب رئيس مجلس الدولة السابق وعضو أول تشكيل للهيئة الوطنية للانتخابات، التي أشرفت على مهزلة انتخابات 2018 واستفتاء 2019، اللذين مهدّا لتمديد حكم السيسي حتى عام 2030.
مجلس بلا صلاحيات.. وامتيازات ضخمة
يحصل عضو مجلس الشيوخ على مكافأة شهرية تعادل الحد الأقصى للأجور (42 ألف جنيه)، مع إعفائها من الضرائب والرسوم، إضافة إلى امتيازات عينية وطبية وسفرية فاخرة، بينما يُحرم الشعب من أبسط مقومات الحياة. وباتت عضوية المجلس وسيلة للتمتع بالحصانة القانونية والهروب من المساءلة، خصوصًا لرجال الأعمال المقربين من السلطة.
يُذكر أن تعديلات دستور 2019 التي أعادت إنشاء مجلس الشيوخ كانت ترضية للنخبة الموالية من سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال، إذ حُرم المجلس من أي سلطات تشريعية أو رقابية، واقتصر دوره على "إبداء الرأي غير الملزم" في القوانين المحالة إليه.
وعلى مدى خمس سنوات، لم يُصدر المجلس أي توصيات أو تشريعات مؤثرة، في تكرار لدور مجلس الشورى المنحل عام 2012، ما يجعل اختيار فريد على رأسه مجرد تعيين شكلي في مجلس بلا صلاحيات، هدفه تلميع واجهة الانقلاب وإعادة تدوير رموزه القمعية في مؤسسات الدولة.