أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سورية وثيقة بعنوان “العيش المشترك” وكانت عبارة عن بيان بمحددات، يدعو للتعاون بين جميع السوريين لبناء مجتمع متماسك وآمن، ويحذر من الأحكام المسبقة والتعميمات التاريخية التي تولّد الكراهية.
وأكدت الجماعة أن العيش المشترك يتطلب التزامًا عمليًا بالحقوق والواجبات، لا مجرد نوايا حسنة، داعية إلى سلوك حضاري يرفض التعصب والاستعلاء، ويؤسس لمستقبل أفضل.
وأمام دعوات حلّ جماعة الإخوان المسلمين نفسها، عبرت الجماعة في سوريا عن مشاركتها في بناء مجتمع سوري متماسك، يحترم التنوّع، ويقوم على الحوار والتفاهم، ليتجاوز آثار الاستبداد والانقسام، وإعادة سورية إلى مكانتها الحضارية والإنسانية.
واقع سورية والحاجة إلى العيش المشترك
واختصارا في نحو 5 عناوين ملحة قالت الوثيقة: إن “سورية تعاني من آثار عقود من الاستبداد والانقسامات المجتمعية بعد سقوط نظام الأسد، وأن الجماعة ترى الوقت مناسبا لبناء دولة جديدة قائمة على التفاهم والسلم الأهلي”.
وأكدت على أن سورية بلد متعدد الديانات والثقافات، ويجب أن تُبنى الدولة على أساس المصالح الوطنية المشتركة لا الطائفية أو الاستقواء بالخارج.
وطرحت في الوثيقة محددات شرعية للعيش المشترك وكانت البداية التي اختارتها؛ آية سورة الحجرات: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى…” لتأكيد أن البشر أسرة واحدة، والكرامة تُقاس بالتقوى، وأن الأصل الإنساني واحد.
ودعت إلى حق الآخر المختلف في الوجود، واشتراط الاحترام والعدل في التعامل معه من منطلق إسلامي فضلا عن أهمية أن تسود الأخلاق الإسلامية والبرّ والعدل ألزمهما مع الجميع، بغض النظر عن الدين أو الخلفية، اقتداءً بالنبي محمد ﷺ.
ودعت إلى العدالة (القسط) كأساس الحقوق والواجبات، كقيمة مطلقة مع الجميع، حتى الأعداء والتعاون مطلوب حتى مع المختلفين دينيًا، بشرط أن يكون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
واهتمت بالاعتراف بالتنوع الديني والثقافي واعتباره سنة كونية، يجب أن يكون أساسًا للتعارف والحوار لا للصراع واستندت إلى صيغة التعاقد المدني في “صحيفة المدينة” كنموذج للمواطنة التعاقدية التي تضمن الحقوق وتحدد الواجبات، ولذلك التعاقد ضابط في العلاقة بين الدولة والمكونات المجتمعية، ويمنع الصراع الناتج عن التداخل بين المساحات الخاصة والعامة.
دور الدولة في ترسيخ العيش المشترك
وفي هذا الإطار أشارت إلى أهمية توفير إطار قانوني يحمي الحقوق والحريات، ويضمن العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وإطلاق مبادرات للسلم الأهلي والحوار المجتمعي على المستويين المركزي والمحلي، وبناء شراكات مع منظمات المجتمع المدني لدعم التنوع الثقافي، وتطوير التعليم لتعزيز القيم المشتركة والوعي الثقافي.
دور منظمات المجتمع المدني
واعتبرت أن أولوياته يجب أن تكون المساهمة في بناء الهوية السورية الجامعة، وتنظيم حوارات وطنية ومبادرات توعوية للأسر والنشء، والتصدي لثقافة الفتن والعدوانية، وإطلاق مشاريع إعلامية وفنية تعزز التعايش والثقة المجتمعية، وترسيخ الأخلاق النبيلة ومواجهة التحديات الأسرية والبيئية.
12 محددا للوثيقة
وخرجت الوثيقة بمعايير وقيم داعمة للعيش المشترك:
سورية دولة ديمقراطية تعددية، تضمن المواطنة وسيادة القانون.
حرية الاعتقاد مصونة، وتجريم خطاب الكراهية والتحريض.
مشاركة سياسية متكافئة وفق الكفاءة والانتخابات الحرة.
ضمان الحريات العامة وتشكيل الأحزاب والمنظمات.
تنمية عادلة ومتوازنة في جميع المناطق.
الجيش للدفاع فقط، ويُمنع تدخله في السياسة.
حصر السلاح بيد الدولة، وتنظيم حمله الفردي.
تمكين المرأة والشباب، وتأكيد الأخوة الإنسانية.
المساواة في الكرامة والحقوق، وعدم تحميل أحد ذنب غيره.
التعاون على البر والتقوى، ورفع الظلم عن كل سوري.
الشعب يقرر مصير علاقاته الوطنية، ويكافح الخارجين على النظام.
عصمة الدماء والأموال، وحرية التنقل مكفولة للجميع.
نص الوثيقة
وثيقة العيش المشترك في سورية
رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية
بسم الله الرحمن الرحيم
1. تمهيد… الواقع السوري وأهمية العيش المشترك
عصفت ببلدنا في العقود الأخيرة الكثير من المآسي وانتهاك الحقوق وهدر الكرامة البشرية للسوريين، وقد أكرمنا المولى عزّ وجلّ مؤخراً بنصر سقط به نظام الطاغية الأسد، وها نحن نقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة لبناء الدولة والمجتمع في سورية،
يحمل بلدنا بموقعه الجغرافي وتعدد ديانات أبنائه رسالة إنسانية فريدة، جعل سورية بلداً يتمتع بهوية إنسانيّة وحضاريّة متميزة، كان الثابت فيها عبر التاريخ هو بقاء المجتمع موحداً حول القيم الإنسانية الثابتة والمصالح المشتركة.
لقد حرصت الدساتير السورية في مطلع القرن الماضي على تحديد مساحات خاصة لمكونات المجتمع السوري في أمرين: أمر العبادة أو الدين، وأمور الأحوال الشخصية؛ مما يعني أن كل المساحات الأخرى هي مساحات وطنية مشتركة.
وقد كانت هذه الرؤية عامل استقرار للدولة.
ما تحتاجه سورية اليوم لضمان مصالحها المشتركة هو عيش مشترك، بحيث لا يَحجرُ أحدٌ على أحد، ولا يستقوي مكون سوري بدولة خارجية على دولته للحفاظ على مصالحه، نعتقد أن التراضي والتطاوع على مشتركات عبر الحوار للوصول إلى سلم أهلي مستدام، ومجتمع مستقر، هو واجب الوقت لأهل الوعي من أبناء مجتمعنا.
وللأسف تواجه قيمة العيش المشترك في سورية تحديات نتيجة صراع المجتمع السوري مع ديكتاتورية حكمت بلدنا قرابة 60 سنة، الأمر الذي ولّد صراعات ونزاعات تركت أثرها العميق، وبدأ يظهر في المجتمع خطابٌ غير بنّاء، ترك أثراً سلبياً واضحاً في تعزيز الانقسام المجتمعي؛ وسيترك ذلك بصمته على الاقتصاد والحياة الاجتماعية والسياسية وعلى العلاقات بين فئات المجتمع، إن لم ينهض العقلاء لعلاج هذا الأمر.
تحاول هذه الورقة التحدث إلى السوريين – كل السوريين – لتطرح عليهم تصور جماعة الإخوان المسلمين في سورية لأسس تراها ضرورية لبناء عيش مشترك يهدف إلى تعزيز التفاهم والسلام بين مختلف أفراد مجتمعنا ومكوناته، ويعيد لسورية صورتها العالمية المشرقة، ويلم شعث السوريين بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية، علّنا ننجح في طيّ تناقضات وصراعات الماضي التي خلّفها لنا نظام الاستبداد في سورية، لنترك لأبنائنا مجتمعاً يفخرون بالعيش فيه، متذكرين أنّ بناء “حضارة إنسانية” وتوفر إرادة عيش مشترك صنوان لا يفترقان؛ وأن إرادة العيش المشترك شرط لبناء المجتمعات المستقرة والمتماسكة.
2. الأسس الشرعية للعيش المشترك
تنطلق رؤيتنا من آيتين كريمتين في القرآن الكريم:
من قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) سورة الحجرات: 13، التي تثبت وحدة الأصل الإنساني، وأن الإنسانية أسرة واحدة، وأن الله جعل هذه الأسرة شعوباً وقبائل – والشعوب أعراق مختلفة ولغات مختلفة – لحضّ الناس على التعارف على بعضهم البعض؛ وأن من أراد الكرامة من أفراد هذه الأسرة الإنسانية، فليس له إلى ذلك سبيلاً إلاّ من خلال معيار واحد هو التقوى؛ وأن هذه الكرامة هي عند الله، وليست لبعضنا على بعضنا الآخر في الدنيا.
ومن قوله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) سورة الممتحنة:8. المتدبر لهذه الآية يرى أنها تنظم تعامل المسلمين مع غيرهم عندما يعيشون في نطاق أي مجتمع، فترشدهم إلى الالتزام بأسس شرعية للتعامل والعيش المشترك مع الآخر. هذه الأسس تتمثل – باستقراء سريع – بالقيم الأساسية التالية:
احترام الآخر، والاعتراف به، والتعامل معه، وهذا أمر شرعي يشمل كل أنواع الاختلاف، إذ بدون هذه الثلاثية لا يمكن للمسلم أن يبرّ الآخرين المختلفين في مجتمعه ولا أن يعدل فيهم. من الأهمية بمكان أن نثبت هنا، أن الرؤية الإسلامية تنطلق من الاعتراف بالآخر المختلف وبأحقيته في الوجود؛ والأدلة على ذلك في الشرع عديدة. وهذا ملحظ جوهري يجدر ألاّ يضيع في زحمة الأفكار.
الاهتمام بجانب الأخلاق في التعامل إلى درجة البرّ بهم، ويلاحظ هنا، أن البر في القرآن أتى في معرض التعامل مع الوالدين… الأخلاق الإسلامية هي التي تحكم أسلوب التعامل مع الآخرين. والأخلاق في الإسلام قيم مطلقة، يتعامل بها الإنسان المسلم مع الموافق والمخالف، ولا تتأثر باختلاف الدين، أو الزمن، أو أيّ اعتبار آخر. هكذا كان خُلُق النبي (صلى الله عليه وسلم) مع المشركين في مكة، ومع اليهود في المدينة؛ بل كانت أعظم صفة مدح بها الخالق عزّ وجلّ رسوله، قوله: (وإنّكَ لعلى خُلُقٍ عظيم) القلم:4.
العدالة (القسط): والعدالة هي التي تحدّد الحقوق والواجبات تجاه الآخر، أياً كان هذا الآخر؛ وهي بلا شك أهمّ القيم الإنسانية إطلاقاً. بل إن الخالق سبحانه وتعالى بيّن في سورة الحديد أن إحدى العلل لإرسال الرسل هي إقامة العدل بين الناس، كل الناس. يقول تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) الحديد:25. فالكتاب هو مصدر العدالة، والميزان هو وسيلة تحقيقها؛ والمنطق السليم يقتضي بذا إيجاد التوازن بين الحقوق والواجبات.
والعدالة من القيم المطلقة التي يأمر بها الإسلام مع العدو والصديق، ومع البعيد والقريب؛ بل حتى مع العدو المحارب، يقول تعالى: (ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) المائدة:8.
ولا يمكن أن يقوم عيش مشترك في مجتمع ما، أو في دولة ما، أو في إقليم ما، أو حتى في نطاق العالم إلاّ بإقرار العدالة للجميع عبر استعمال ميزان واحد تتساوى فيه الحقوق والواجبات لبني البشر. حينها فقط يمكن أن تجني المجتمعات البشرية السلم الوطني والسلام العالمي.
التعاون: إذ لا معنى لعيش مشترك في مجتمع ما، إذا لم يتعاون فيه الناس على تحقيق المصالح المشتركة.
وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أنّ التعاون مطلوب حتّى مع المشركين (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا، وتَعَاوَنوا علَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلى الإثْمِ والعُدْوَانِ) المائدة:3. لقد صدّ الكافرون المسلمين عن المسجد الحرام، وترتّب على ذلك وجود الكره في قلوبهم تجاه مشركي مكة، فنبه سبحانه وتعالى المسلمين إلى أن هذا الكره لا يجوز أن يدفعهم إلى الاعتداء؛ بل إذا وجدوا مجالاً للتعاون مع هؤلاء المشركين، فهذا جائز ومطلوب بشرط أن يكون تعاوناً على البرّ والتقوى، وليس على الإثم والعدوان.
يقول تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) هود:118. الاختلاف بين البشر سنّة كونية، والنظرة الإسلامية تثبت أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكةٍ وتواصلٍ وتعارفٍ يجعل من التنوع جسراً للحوار والتعاون لمصلحة المجتمع بل الأسرة الإنسانية كلها؛ والسعيد من يستثمر ذلك في بناء دولة تقوم على القيم الإنسانية ومحبة الخير للجميع. ومن هنا ننادي بحوار الحضارات لا صراعاتها.
التعاقد: تعتبر صحيفة المدينة الأساس المرجعي لذلك وخير مثال، فقد أقرها الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتكون دستوراً يُجسّد الكليات القرآنية والقيم الإسلامية الكبرى. ومما يجدر إثباته هنا أن هذه الصحيفة تُعد صيغة تعاقدية باتفاق الأطراف، أتت مخرجاتها نتيجة ًلعمليةِ مداولاتٍ انتهت بتعاقد (عملية تشاورية)، فقدمت في الإسلام الأساس المرجعي للمواطنة التعاقدية التي تضبطها القوانين وتصون حقوق جميع المواطنين وتحميهم من وقوع أي اعتداء عليهم.
إن التعاقد يوضح الحقوق والواجبات، ويمنع تحوّل الخلافات إلى صراع… صراع يمكن أن يلتهب حين تريد السلطة مثلاً توسيع المساحة الوطنية المشتركة على حساب خصوصيات المكونات المجتمعية، أو حين تريد هذه المكونات توسيع مساحتها الخاصة على حساب المساحات المشتركة. التعاقد يحوّل العلاقة بين الدولة ومكوناتها إلى علاقة توافق وتكامل حين تكون الحدود واضحة بين المساحة الوطنية المشتركة والمساحات الدينية الخاصة، ويرضى كل مكون بمساحته المحددة.
3. دور الدولة لترسيخ العيش المشترك
تأمين الإطار القانوني لتوفير الأمن لكل مكونات النسيج السوري، ولحماية الحقوق والحريات في الدولة، ولحماية القيم (كالعدالة الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية، والعدالة الانتقالية، … إلخ)، ولدعم سياسات المواطنة، وضبط التجاوزات على القيم الإنسانية أو التعدي على المنظومات الاجتماعية السورية وقيمها بحجة الحرية الشخصية.
إطلاق مبادرات لتعزيز السلم الأهلي والحوار الحقيقي بهدف تعزيز قيمة السلام وإيجاد تفاهم مشترك، سواء على مستوى الوزارات أو على مستوى الإدارات المحلية (والأخيرة أقدر على اختيار القرارات الصائبة التي تؤثر على حياتها).
بناء شراكات بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لدعم التنوع الثقافي، لوضع أهداف وسياسات تخدمه.
اختيار مواد التعليم البانية للقيم المشتركة والمعززة للوعي الثقافي المناسب؛ فالتعليم والثقافة أمران لا غنى عنهما لكرامة الإنسان، وبهما تتحقق الحرية والعدالة والسلام.
4. أدوار منظمات المجتمع المدني لترسيخ العيش المشترك
المساهمة في بناء الهوية السورية المشتركة: تعدّ الهوية من أعقد المصطلحات، وبالرغم من أن عملية بناء الهوية السورية قد يكون بالدرجة الأولى من واجب الدولة (مناهج تعليمية، مبادرات، … إلخ)، إلاّ أن هناك مجالات تنجح بها منظمات المجتمع المدني في بناء الهوية أكثر من مؤسسات الدولة، بفضل مدنيتها وقربها من المجتمع.
إطلاق مبادرات لحوار وطني لتعزيز تفاهم مشترك حول قضايا المجتمع لتقوية النسيج الاجتماعي.
إطلاق مبادرات لتوعية الأسر ومؤسسات التنشئة الأولى لزرع القيم الأساسية في وعي النشء منذ الصغر.
التصدي لثقافة مأزومة تولّد العدوانية والفتن.
إطلاق مبادرات إعلامية وفنية وثقافية هادفة وخادمة للحوار والتعايش.
إطلاق مبادرات لبناء الثقة والحد من الميل إلى العزلة والانغلاق.
ترسيخ القيم والأخلاق النبيلة لتأكيد الأخوة الإنسانية وتشجيع الممارسات الاجتماعية السامية، والتصدي للتحديات الأخلاقية والأسرية والبيئية.
5. معايير تقييمٍ، وقيمٌ تعضدُ العيش المشترك
سورية دولة ديموقراطيّة، تقوم على التعدديّة السياسيّة، والتداول السلميّ للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ومبدأ المواطنة، وسيادة القانون، وفصل السلطات، وتلغي المحاكم الاستثنائية وتمنع تشكيلها. ومن يستقرئ مقاصد الشريعة يرى أن هذه القيم السياسية تتعاضد معها في حفظ ضروريات الشريعة وحاجياتها وتحسينياتها ولا تتعارض معها.
حرية الاعتقاد مصونة، ويكفل القانون الحرية الدينية للجميع.
تجريم خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
يتمتع جميع السوريّين بحق المشاركة السياسيّة الكاملة بناءً على الكفاءة، في إطار من التنافس السياسيّ وفقاً لانتخابات حرّة ونزيهة.
يكفل الدستور الحريّات العامّة والفرديّة، وحقّ تشكيل الأحزاب السياسيّة ومنظّمات المجتمع المدني ضمن القوانين الناظمة.
تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة والعادلة في كافة المناطق السوريّة.
مهمّة الجيش الوطنيّ الدفاع عن الوطن بحدوده المعترف بها دولياً ضدّ الاعتداءات الخارجيّة، ويُحظَر على أفراده التدخّل في العمل السياسيّ، ويخضع في عمله للرقابة البرلمانيّة والمساءلة القضائيّة.
حصر السلاح بيد الدولة، مع تنظيم حمل السلاح الفردي بالقانون.
التمكين المشروع للمرأة ورفض تهميش دورها، وكذلك تمكين الشباب والنهوض بدورهم.
الإنسانية أسرة واحدة، والأخوة الإنسانية بين كل البشر أصل يجب التمسك به.
تساوي أبناء الشعب السوري في الكرامة والحقوق والواجبات.
كل إنسان مسؤول عن عمله، ولا يؤخذ إنسان بجريرة آخر، ولا يجني جانٍ إلاّ على نفسه، ولا حماية لمجرم ولا لظالم.
يقوم المجتمع السوري على أساس التعاون على البر والتقوى، ويتكاتف السوريون دون الظلم والإثم والعدوان، ويكفل القانون رفع الظلم عن كل سوري يُعتدى عليه.
يشترك الشعب السوري في تقرير العلاقات المصيرية المتعلقة بالبلاد.
مكافحة الخارجين على الدولة ونظامها العام، ووجوب الامتناع عن نصرتهم أو حمايتهم.
عصمة دماء وأموال جميع السوريين.
حرية الانتقال داخل الدولة حق مكفول لكل المواطنين.
6. خاتمة
إيماناً منا بضرورة العيش المشترك بين جميع المكونات السورية، وغيرةً على كرامة الإنسان السوري من أي مكوّنٍ كان، نتقدم بهذه الورقة لشعبنا السوري، آملين من أفراده ونخبه العمل سوية لإنجاح عملية العيش المشترك في مجتمعنا، تحتاج سورية اليوم إلى إخراج قامات وطنية وشخصياتٌ تتعالى مواقفها رغم الأزمات عن النظرات الضيقة وربط الممارسات السياسية الخطأ لأي سوري بالدين.
إن الركون للأحكام المسبقة المحمّلة بعداوات التاريخ، والتعميم الخطأ للمواقف والتصرفات الشاذة لا يمكن أن تجني منها المجتمعات إلاّ الكراهية وفقدان الثقة بالآخر، التاريخ مضى، وهو في ذمة أصحابه، تُستقى منه العبر والدروس ولا يُلزِم الناس بمواقف.
نود في الختام الإشارة إلى أن مجتمعاتنا الإنسانية – وليس فقط مجتمعنا السوري – تمر في عصرنا المضطرب بسياقات اجتماعية وسياسية سريعة التغير، ولا نبالغ إن قلنا إنها أقرب للاضطراب. وإن تحقيق العيش المشترك في مثل هذه الظروف يتطلب متابعة واعية وصادقة من جميع الأطراف، فيسددون ويقاربون بصورة عملية ومستدامة، ملتزمين بإنجاح عملية العيش المشترك.
وإن المتأمل لمختلف الأزمات التي تهدد دولتنا الحديثة، يزداد اقتناعاً بضرورة التعاون بين جميع مكونات الشعب السوري لضمان الأمن المجتمعي وبناء عيش مشترك ينعم به أبناؤنا بالأمان والاستقرار؛ وهو تعاون يجب ألاّ يقوم فقط على التسامح والاحترام والنوايا الحسنة، بل على الالتزام بالحقوق والواجبات والحريات التي تكفلها القوانين وتضبطها الدولة، مستصحبين ذلك بسلوك حضاري w يُبعد كل أنواع التعصب والاستعلاء.
حفظ الله سورية أرضاً وشعباً ودولة.
جماعة الإخوان المسلمون في سورية
18 / 10 / 2025 مa we