مراقبون: الإخوان المسلمون صمام الأمان .. عبدالحافظ الصاوي: لم تفقد مبررات وجودها

- ‎فيتقارير

خلص الكاتب والخبير الاقتصادي والمفكر د.عبد الحافظ الصاوي  في مقال له عن جماعة الإخوان المسلمين والهجوم عليها لدرجة المطالبة بحل نفسها (وهي الدعوة التي سبق لها علمانيون في مصر عوضا عن المستشار الإعلامي للرئيس السوري أحمد زيدان المراسل السابق للجزيرة في باكستان)
إلى أن “استهداف الجماعة من قبل النظم الاستبدادية أو القوى الدولية المعادية للإسلام، لا يعني ترك الجماعة لمشروعها الإصلاحي المعني بالإحياء الإسلامي، فمواجهة هذه النظم الاستبدادية والقوى المعادية للإسلام هو نوع من الجهاد”.

وعن عناوين بارزة أكد أن “جماعة الإخوان المسلمين، جماعة من المسلمين، وليست جماعة المسلمين. “.

 وأشار إلى مسلمات على الطريق وهي أن “الفشل في بعض التجارب لا يعني الانصراف عن المشروع، فعلينا المراجعة والتعلم من الأخطاء”.

واعتبر أن “أكبر أنواع الهزائم، هي الهزيمة النفسية، فكم من أمم هزمت في حروب، ثم نهضت واستعادت قوتها وحضورها القوي.”.

وعبر Abdelhafez Elsawi نشر الصاوي مقالا بعنوان: “هل فقدت جماعة الإخوان المسلمين مبررات وجودها؟” قدم الصاوي كأحد أبناء حركة “الإخوان” تحليل نقدي لمسار الجماعة وتقييم مدى استمرار مشروعها الفكري والتنظيمي في ظل التحولات السياسية والاجتماعية.

وناقش المقال ما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين لا تزال تمتلك مبررات وجودها بعد التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي العربي، خصوصًا بعد ثورات الربيع العربي والانقلاب العسكري في مصر.

وطرح تساؤلات حول قدرة الجماعة على التجدد الفكري والتنظيمي، وهل ما زالت قادرة على تقديم مشروع سياسي واجتماعي يتفاعل مع الواقع المعاصر.

رسالة المقال

وكانت رسالة المقال أن دعوة الإخوان المسلمين لا تزال ضرورية لأن الواقع الإسلامي اليوم يعاني من أشكال جديدة من الاستعمار والاستبداد، وإن كانت بأدوات محلية أو ثقافية.

وأضاف الكاتب أن “الوحدة الإسلامية ما زالت هدفًا ملحًا، في ظل تفتيت الدول الإسلامية عبر الطائفية والعرقية، وهو ما يجعل مشروع الجماعة ذا صلة عميقة بالواقع.”.

وبين الفكرة والتنظيم طالب بإعادة التوازن، معتبرا أن الفكرة الإسلامية ليست حكرًا على التنظيم، بل هي ملك للأمة، لكن التنظيم ضروري لحملها وتفعيلها.

وأضاف التنظيم يجب أن يكون مرنًا وواقعيًا، يراعي مبدأ “التكلفة والعائد”، ويعمل وفق المصالح والمفاسد، لا وفق الجمود التنظيمي محذرا من أن الطعن في شرعية التنظيمات العابرة للحدود غير منطقي، فهناك أمثلة كثيرة على منظمات دولية تتجاوز الحدود، فلماذا يُمنع الإسلاميون فقط؟

ودعا الكاتب إلى رفض فكرة أن الجماعة فقدت مبررات وجودها، بل يرى أن التحديات الجديدة تستدعي تطويرًا في الأداء، لا إنهاءً للمشروع، مشددا على ضرورة أن تكون للجماعة استراتيجية إعلامية وفكرية لمواجهة التغريب والتشويه المتعمد للإسلام.

وأوضح أن الحل ليس في التراجع أو الحلّ التنظيمي، بل في التجديد، والتعلم من الأخطاء، ومواصلة العمل مشيرا إلى جملة مفتاحية “الحل ليس الحل” ملخصا بها موقفه من تفكيك الجماعة أو إنهاؤها، بل يرى أن الحل يكمن في إعادة بناء التنظيم والفكرة بما يتناسب مع العصر، دون التخلي عن المبادئ.

انتقاد الصاوي

وانتقد الكاتب أداء الجماعة في الحكم، خاصة خلال فترة الرئيس محمد مرسي، ورأى أن الإخوان لم ينجحوا في تقديم نموذج إداري واقتصادي مقنع، ورأى أن التحديات التي واجهتها الجماعة كانت في الحفاظ على شعبيتها وتنظيمها الداخلي، خصوصًا بعد عام 2013، حيث فقدت كثيرًا من قواعدها الشعبية وقدرتها على الحشد.

وشجع الكاتب مسألة “مراجعة شاملة لأفكارها وأدواتها التنظيمية، وأن تعيد النظر في خطابها السياسي والاجتماعي بما يتناسب مع المتغيرات مشترطا أن تكون المراجعات نابعة من داخل الجماعة نفسها، لا مجرد رد فعل على الضغوط الخارجية أو الانقسامات الداخلية.

 

أدبيات استعان بها

وعن قيمة الإخوان المسلمين استعان الصاوي بما كتبه الأديب المصري الشهير، أحمد حسن الزيات، بشهادة في حق الإخوان المسلمين في مجلة الرسالة، في يناير 1952م، فذكر الآتي “الإخوان المسلمون هم وحدهم الذين يمثلون في هذا المجتمع الممسوخ، عقيدة الإسلام الخالص، وعقلية المسلم الحق. إنهم لا يفهمون الدين على أنه صومعة منعزلة، ولا الدنيا على أنها سوق منفصلة، وانما يفهمون أن المسجد منارة السوق، وأن السوق عمارة المسجد، وكان للإخوان المسلمين في الإرشاد لسان، وفي الاقتصاد يد، وفي الجهاد سلاح، وفي السياسة رأي.. فلهم في كل بلد من البلدان العربية أتباع، وفي كل قطر من الأقطار الإسلامية أشياع، وما يقظة الوعي العام في مصر والسودان، وفي العراق وسوريا، وفي اليمن والحجاز، وفي الجزائر ومراكش، إلا شعاع من هذه الروح سيكون له بُعيد حين نبأ”. 

كما استعان بمناظرة في ثمانينيات القرن العشرين، ومواجهة بين د.عصام العريان رحمه الله، والأستاذ حسين عبد الرازق ممثل حزب التجمع، في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وطالب عبد الرازق الإخوان بالابتعاد عن الساحة السياسية؛ لأنهم هم العائق أمام الحياة الديمقراطية، وأن النظام لن يسمح بحياة ديمقراطية طالما بقى الإخوان في مضمار السياسية.

ورد العريان رحمه الله، على تلك الدعوة، بما يتيحه الدستور والقانون من حقوق متساوية للجميع، وأنه لا ينبغي لأحد أن يحتكر الحياة السياسية، ويحرم فصيلًا سياسيًّا واجتماعيًّا من ممارسة حقوقه المشروعة.

كما أن كافة الانتخابات التي أجريت في مصر، في الثمانينيات وحتى قبل ثورة 25 يناير 2011م، واستخدمت فيها الجماعة شعار “الإسلام هو الحل”، كان الخصوم يروجون لشعار “الحل هو الحل”، أي حل الجماعة، وعدم مشاركتها في الحياة السياسية.

وقبل ذلك وبعده، كانت هناك دعوات لحل الجماعة، أو اعتزالها العمل السياسي، ولكن بعد أزمة تعطيل ثورات الربيع العربي، وعودة النظم الاستبدادية، عادت الدعوة لفصل الدعوي عن السياسي، أو كما سمعت من أحد الشباب الذين أضيروا من الانقلاب العسكري بمصر في يوليو 2013م، وهو طريد خارج مصر، قال هذا الشاب: “بعد ثورة 1952 كان الواجب على جماعة الإخوان المسلمين حل نفسها”، لأن الاستعمار قد خرج من مصر، وكان ذلك من أهداف قيام جماعة الإخوان المسلمين.

وفي إحدى ورش العمل، في يونيو 2025م، المعنية بشؤون الشرق الأوسط، وجدت أحد رموز الإخوان بدولة عربية، يصرح أننا نعيش في إطار تركة الإخوان المسلمين، للدلالة على غياب دور الجماعة، وإن كان البعض قد رد عليه بأن الجماعة موجودة ولها تمثيلها في بعض البلدان، وأنها تعاني مشكلات وأزمات، ولكنها لم تعد تركة بعد.

صمام الأمان

الكاتب والإعلامي حازم غراب وهو من ضواحي الجيزة كما الكاتب الصاوي وعبر Hazem Ghourab اعتبر الإخوان المسلمين “صِمَام الأمان” وقال: “وجودك المنظم بقوتك العددية والنوعية في داخل الوطن وخارجه، وحراكك الذي ينفع الناس، أكثر ما يغيظ أي عدو وأي منافس سياسي، لاسيما لو افتقد ذلك المنافس مثل تلك القوة.”.

واعتبر (ضمن تعليق على المقال) أن “ليس ثمة تماسك تنظيمي طوعي يماثل في القوة والرسوخ، ذلك القائم على عقيدة سماوية صحيحة، ومهما تحالفت القوى الداخلية الفاقدة للقواعد الشعبية والعقيدة السليمة، مع أطراف خارجية، فلن يفلحوا أبداً في القضاء عليك، ثق تماما أنه لا تغيير للأفضل ولا بناء إيجابي أخلاقي في وطنك بدونك، أنت وأمثالك من القوى المخلصة صِمَام أمان الوطن والأمة.”.

واعتبر بكر محمود Bakr Mahmoudsharshar أن “الجماعة باقية بإذن الله حتى مع وهنها وعوارها وتشتتها ولكنها تظل سياجا يحفظ ثوابت الأمه وهيكلا جاهزا سريع التركيب يستحضره القادة في الأزمات والمصلحون لنهضه الأمو، ومن ينادون بالحل إما جاهلون بالتاريخ أو بالإسلام أو بكليهما ،الجماعه حاليا تمر بأحلك فتراتها ومعها الأمه، فلماذا ينادون بحل الجماعة المضطهدة الضعيفة المشتتة، لأنهم ببساطه يريدون حل كل شيء وكل الثوابت وكل المقدسات في الشرع الإسلامي بعد أن يتم حل الجماعة وتمزيق اللواء الذي يلتف حوله الكثيرون بالرغم من اهترائه. واصفرار ألوانه، فالثبات الثبات”.

وقال وليد Waleed Muhammed : “منهج حسن البنا موجود، لكن من طبق المنهج غير حماس” فأوضح Abdelhafez Elsawi “الجماعة موجودة في أكثر من دولة، ويختلف الدور والأداء من دولة لأخرى، وبخاصة أن في العديد من الدول الدور المطلوب دعوى وتوعوي وتربوي واجتماعي واقتصادي، وهي مجالات أخرى للجهاد”.