قال رودني ديكسون، المستشار القانوني الدولي للقرضاوي: "رغم أن الحكومة اللبنانية السابقة هي التي وافقت على التسليم، فإن الحكومة الحالية لا تزال ملزمة قانونياً بتصحيح خطأ سابقتها وطلب إعادة القرضاوي." قد تتغير الحكومات، لكن الالتزامات لا تتغير، لبنان مسؤول عن إرساله إلى هناك، والآن يجب أن يبذل كل ما في وسعه لإعادته".
وأشار إلى ما قاله متحدث باسم رئاسة الوزراء اللبنانية من أن التسليم لم يتم تحت الحكومة الحالية، ولم يعلق
قال ديكسون: "إذا تمكنت الحكومات من مطاردة منتقديها عبر الحدود وسجنهم، فلا أحد آمن، لهذا يجب على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التحرك الآن لوقف هذا السلوك، أو المخاطرة بإنشاء سابقة تهدد الجميع."
ونشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرًا خطيرًا عن قضية الشاعر الحر عبدالرحمن يوسف القرضاوي في مناسبة تقارير أممية حذرت مما يحدث له، وأن أسوأ المخاوف أصبحت واقعا يعانيه القرضاوي، ويكشف تورّط لبنان في تسليم شاعر إلى بلد اعتقله فقط بسبب فيديو.
والشاعر القرضاوي محتجز انفراديًا منذ قرابة عام، بلا تهمة، بلا محاكمة، بلا محامٍ وبظروف ترقى للتعذيب بحسب موقع الصحيفة، ونقلت عن عائلته أنه قارب العام على مروره منذ خُطف عبدالرحمن من بيننا، وفكرة أنه محتجز وحيدًا دون شمس أو هواء أو تهمة تحطم قلوبنا".
المحكوم غيابيا في مصر
وعبد الرحمن يوسف محكوم عليه غيابياً في مصر بتهمة انتقاد القضاء، رغم أنه محتجز في الإمارات منذ نحو عام بسبب انتقاده لحكومات الإمارات ومصر والسعودية
وقال الكاتب البريطاني "ويليام كريستو": إن "مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب، طالب بالتحقيق في دور لبنان في معاملة الشاعر والناشط المصري-التركي عبد الرحمن القرضاوي، المعارض الذي يُحتجز في الإمارات العربية المتحدة منذ أكثر من 10 أشهر بسبب منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي".
وقدم المستشار القانوني الذي يمثل القرضاوي شكوى إلى مقرر الأمم المتحدة يوم الخميس، طالباً فيها فحص الوضع، اعتُقل القرضاوي من قبل السلطات اللبنانية بعد عودته من سوريا في ديسمبر 2024، حيث ذهب للاحتفال بسقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وأثناء وجوده هناك، نشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي انتقد فيه حكومات الإمارات ومصر والسعودية، وقال: إنه "يأمل أن يلقوا المصير نفسه الذي لقيه نظام الأسد".
وينحدر القرضاوي من عائلة نشطة سياسياً وكان والده يوسف القرضاوي، عالماً إسلامياً بارزاً مرتبطاً بجماعة الإخوان المسلمين، عاش في المنفى حتى وفاته.
وقالت: إن "عبدالرحمن يوسف الناشط المصري-التركي كان داعماً نشطاً للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في مصر، وحُكم عليه غيابياً في مصر بتهمة انتقاد القضاء، ومع ذلك، كانت الإمارات، وليس مصر، هي التي نجحت في إقناع لبنان باعتقال القرضاوي بعد فيديو في سوريا، بتهم "نشر أخبار كاذبة" و"تعكير الأمن العام".
وأصدرت مذكرة توقيف بحقه من خلال مجلس وزراء الداخلية العرب، وهي منظمة عابرة للحدود غير معروفة جيداً تعزز التعاون الأمني بين الدول العربية.
وامتثلت السلطات اللبنانية، تحت الحكومة السابقة بقيادة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، لطلب الإمارات، سلّمته إلى الإمارات في 8 يناير، رغم أنه لم يكن مواطناً إماراتياً ولا لبنانياً.
وأدى جرأة اعتقاله، الذي أظهر أن شخصاً يمكن اختطافه إلى دولة ليس مواطناً فيها بسبب فيديو نشره على وسائل التواصل، إلى خلق سابقة مخيفة لحرية التعبير في الشرق الأوسط.
وتم تسليمه رغم احتجاجات محاميه ومنظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية، التي حذرت من أنه قد يواجه التعذيب إذا أُرسل إلى الإمارات.
ورفضت الحكومة اللبنانية آنذاك مخاوفهم، وبررت قرارها بأن الإمارات وعدت باحترام حقوق القرضاوي الإنسانية.
أثبتت تلك الوعود بضمان حقوقه في الإمارات، حسبما قال مستشاره القانوني، إنها كاذبة.
ويُحتجز القرضاوي في الحبس الانفرادي منذ أكثر من 10 أشهر، دون الوصول إلى ضوء الشمس، في مكان غير معلن.
وتشكل هذه الظروف تعذيباً، حسبما يقول محاموه ، وحتى الآن لم يتمكن من الوصول إلى محامٍ ولم يُوجه إليه اتهام رسمي بجريمة.
"وافق لبنان بسرعة على التسليم بناءً على أن حقوق عبد الرحمن الإنسانية ستُحترم. ذلك الوعد أصبح في خبر كان"،
ولم ترد الإمارات على طلب تعليق، لكنها قالت سابقاً لصحيفة نيويورك تايمز إن احتجاز القرضاوي يتوافق مع معايير حقوق الإنسان، أعرب مجموعة من مقرري الأمم المتحدة الخاصين عن قلقهم بشأن ظروف احتجاز القرضاوي، قائلين إن حقوقه انتهكت."
يبدو أن أسوأ من أن يواجه السيد القرضاوي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان إذا سُلم إلى الإمارات قد تحققت"، قال خبراء الأمم المتحدة في مارس.
أعربت عائلته أيضاً عن مخاوفها، إذ سُمح لها برؤيته مرتين فقط لمدة 10 دقائق كل منهما منذ احتجازه."
ومرّ عام تقريباً منذ أن أُخذ عبد الرحمن منا، فكرة احتجازه وحيداً في زنزانة، دون ضوء الشمس أو هواء نقي أو توجيه اتهامات إليه، مؤلمة للقلب".
وقالت عائلته لصحيفة الجارديان: "لن نتوقف حتى يصبح عبد الرحمن آمناً.، كل ما نريده هو رؤيته، ويعود إلى المنزل محاطاً بعائلته، يقرأ لنا إحدى قصائده مرة أخرى."
وكانت شهرة القرضاوي في العالم العربي تسبق زيارته لسوريا منذ زمن، بنى متابعة كبيرة عبر الإنترنت وتحدث في فعاليات سياسية، كان داعماً بارزاً لحماس وأشاد بهجومها في 7 أكتوبر 2023، الذي قتل نحو 1200 شخص في "إسرائيل".
وكرّس قصيدة ليحيى السنوار، الزعيم الراحل للجماعة، وتقول منظمات حقوقية: إن "احتجازه يخلق سابقة خطيرة في المنطقة، حيث يمكن لأي حكومة غير راضية عن رأي شخص أن تطيره آلاف الأميال لسجنه".