السيسي يغامر بأمن مصر القومي غرباً وجنوباً.. لماذا يصرّ نظام الانقلاب على دعم حفتر ومليشيات ابن زايد رغم الخطر الداهم؟!

- ‎فيتقارير

 

في وقت تتصاعد فيه التهديدات على حدود مصر الغربية والجنوبية، تواصل حكومة الانقلاب في القاهرة نهجاً خارجياً مثيراً للجدل، يقوم على الارتهان للمحور الإماراتي، رغم ما يحمله من مخاطر مباشرة على الأمن القومي المصري. فبينما تتنامى قوة مليشيات الدعم السريع في السودان وتتمدّد تحالفاتها داخل ليبيا، يواصل النظام المصري دعم الجنرال خليفة حفتر المتحالف مع هذه المليشيات، في خطوة يرى مراقبون أنها تمثل "مقامرة أمنية" قد تدفع ثمنها مصر باهظاً.

 

ورغم إدراك القاهرة لحجم التعقيد في المشهد الليبي، إلا أنها لم تُغيّر من معادلتها التقليدية القائمة على الانحياز إلى معسكر الشرق الليبي، وتغذية نفوذ حفتر تحت شعار "تأمين الحدود الغربية". غير أن التطورات الأخيرة في دارفور وتمدد الدعم السريع، أحد أبرز حلفاء حفتر، تثير تساؤلات عميقة حول جدوى هذا الدعم ومخاطره على أمن مصر في المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان.

 

مصادر مطلعة كشفت لمصادر صحيفة أن القلق المصري ازداد بعد رصد اتصالات متكررة بين قيادات من مليشيا الدعم السريع وقوى مسلحة موالية لحفتر، ما يعيد إلى الأذهان سيناريوهات خطيرة لتحالفات عابرة للحدود قد تُستغل في تهديد الاستقرار المصري. ورغم هذه المؤشرات، لا تزال القاهرة ترفض مراجعة موقفها، مفضلة البقاء في فلك التوجهات الإماراتية التي تدعم حضور حفتر في ليبيا، وحميدتي في السودان، بما يكرّس تبعية القرار المصري لمخططات أبوظبي الإقليمية.

 

ويقول مراقبون إن النظام المصري يتعامل مع الملف الليبي من زاوية سياسية ضيقة، ويغفل البعد الاستراتيجي الأوسع المرتبط بأمن مصر القومي. فدعم القاهرة لمليشيا حفتر لم يحقق أي استقرار حقيقي في ليبيا، بل زاد من حدة الانقسام وعمّق الفوضى على حدودها، بينما تسعى الإمارات لترسيخ نفوذها العسكري والاقتصادي عبر وكلاء محليين في طرابلس وبنغازي والخرطوم.

 

ويرى محللون أن السيسي بات يفضّل الارتهان الكامل لمحور أبوظبي – تل أبيب في سياساته الإقليمية، مقابل ما يعتبره "حماية سياسية ومالية"، حتى لو كان الثمن تقويض الأمن القومي المصري. إذ إن استمرار التحالف مع حفتر وحميدتي، وهما مدعومان من ابن زايد، يعني عملياً تمكين قوى مسلحة غير نظامية على مقربة من الحدود المصرية الجنوبية والغربية، في الوقت الذي تتراجع فيه قدرة الدولة المصرية على ضبط أمنها الداخلي بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

 

ويشير خبراء في الشأن الليبي إلى أن السياسة المصرية الحالية فقدت استقلاليتها وأصبحت امتداداً لمشروع إماراتي يسعى لتقويض أي تجربة ديمقراطية أو ثورية في المنطقة، وتحويل ليبيا والسودان إلى ساحات نفوذ تخدم المصالح الاقتصادية والعسكرية لأبوظبي، لا مصالح القاهرة.

 

في المحصلة، يبدو أن السيسي اختار – عن وعي – أن يخضع لأجندة ابن زايد في ليبيا والسودان، على حساب أمن بلاده القومي. وبينما تزداد المخاطر على حدود مصر يوماً بعد يوم، تواصل السلطة العسكرية المصرية السير في طريق التبعية، غير آبهة بما يتهدد أمن الوطن من أخطار صنعها تحالفها مع أمراء الحرب والمصالح الأجنبية.

 

خلاصة تحليلية:

سياسة نظام السيسي في ليبيا والسودان ليست سوى انعكاس لحالة التبعية الإقليمية وفقدان القرار السيادي. فبدلاً من بناء محور عربي – إفريقي مستقل يحمي الأمن القومي المصري، اختار النظام أن يكون تابعاً للمشروع الإماراتي الذي يوظف الفوضى لتوسيع نفوذه، حتى وإن كان ذلك على حساب وحدة واستقرار مصر ذاتها.