السيسى فرّغ الحياة السياسية من حيويتها.. الشعب المصري يرفض المشاركة في هزلية مجلس نواب السيسي لهذه الأسباب

- ‎فيتقارير

 

 

كشفت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس نواب السيسي عن عزوف كبير من المصريين، خاصة من الشباب الذين فشلت حكومة الانقلاب في دفعهم للمشاركة في الاستحقاقات النيابية، وهذه تعد واحدة من أكثر القضايا إلحاحا في المشهد السياسي، لأن غيابهم عن صناديق الاقتراع يعد مؤشرا خطيرا على مستقبل الحياة السياسية، وهو ما أكده خبراء سياسيون، معتبرين أن الأزمة تكمن في غياب المنافسة الحقيقية وافتقاد العملية الانتخابية لروح التعددية، وأن النواب يتم اختيارهم وتعيينهم من نظام السيسي، وهو ما أفقد المواطنين الحافز للمشاركة، وحوّل الاستحقاقات إلى مجرد مشهد شكلي لا وزن له ولا قيمة .

 

عزوف سياسي

 

فىي هذا السياق كشفت دراسة حديثة أجرتها الباحثة شيماء أبو مندور عبد الغني، ونشرت في مجلة البحوث الإعلامية، عن محددات عزوف الشباب عن المشاركة في الاستحقاقات النيابية، وعلاقتها بمستويات مشاركتهم السياسية الافتراضية على شبكات التواصل الاجتماعي.

اعتمدت الدراسة على منهج المسح الإعلامي، وتنتمي إلى الدراسات الوصفية، وذلك من خلال مسح عينة قوامها (400) مفردة من جمهور شبكات التواصل الاجتماعي، للتعرف على تأثير تلك الشبكات على العزوف عن المشاركة في انتخابات برلمان السيسي عام 2020 في الفئة العمرية من (18-40) عامًا بمحافظة القاهرة.

وأشارت إلى أن انتخابات مجلس نواب السيسي لعام 2020 تُعد ثالث انتخابات تشريعية بعد انتخابات عام 2011 وانتخابات عام 2015، وأثبتت النتائج تراجع معدلات المشاركة في التصويت، وارتفاع معدل العزوف السياسي مقارنة بانتخابات مجلس الشعب لعام 2012، حيث بلغت نسبة المشاركة حينها (60%)، إذ بلغ إجمالي عدد المشاركين 27 مليونًا و851 ألفًا و70 ناخبًا من بين 50 مليونًا.

وأكدت الدراسة انخفاض نسبة المشاركة في انتخابات مجلس شيوخ السيسي لعام 2020 إلى (14.23%)، وبلغت نسبة العزوف السياسي (85.27%)، كما انخفضت نسبة التصويت في انتخابات مجلس نواب السيسي لعام 2020 إلى (29.5%)، وبلغت نسبة العزوف السياسي (70.5%).

وكشفت عن ارتفاع معدلات الأصوات الباطلة في انتخابات مجلس نواب السيسي لعام 2015 إلى (8.7%)، وفي انتخابات نظام الانقلاب لعام 2018 إلى (7%)، مقارنة بنسبة بطلان (1%) فقط في انتخابات الرئاسة لعام 2011 .

 

خطأ فادح

 

من جانبه قال الكاتب الصحفي عبد الله السناوي: إن "عزوف الشباب عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي مؤشر خطر على المستقبل، مؤكدا أنه إذا لم تكن هناك مشاركة سياسية حقيقية في الاستحقاقات الانتخابية، فإنها تفقد شرعيتها في حقيقة الأمر وتفقد صلتها بأي أمل في المستقبل".

وأضاف السناوي في تصريحات صحفية : نحن أمام أزمة تستحق التوقف عندها والبحث في أسبابها، ويمكن تلخيص أسبابها المباشرة في جملة واحدة، ليست هناك انتخابات حقيقية تُغري بالمشاركة العامة أو تتبنى فيها برامج متنافسة ومرشحين متنافسين، فإذا تم الاعتماد على القوائم المغلقة المطلقة رقم واحد في الفردي الدوائر، فأنت كأنك أمام عملية تعيين للنواب وليس أمام عملية اختيار حر بين مرشحين، وهذا خطأ سياسي فادح له عواقب وخيمة.

وأشار إلى أن السلطة التشريعية أصبحت ملحقة بالسلطة التنفيذية، ما يؤثر على السلطات الأخرى ومدى كفاءتها ومدى استقلالية القضاء، فهناك عواقب كثيرة جدًا. وإذا أراد أحد أن يقول إن هناك انتخابات، فليُلقِ نظرة على التوقيت نفسه لكل الانتخابات الموجودة .

 

عمدة نيويورك

 

وشدد السناوي على أن المصريين تابعوا انتخابات عمدة نيويورك أكثر مليون مرة في أقل تقدير من متابعتهم لانتخابات مجلسي شيوخ ونواب السيسي في نفس اليوم.

وأوضح  أن هناك فرقًا بين أن تكون هناك انتخابات يشوبها العوار من جوانب متعددة، كما في العراق، وبين أن لا تكون هناك انتخابات من أصله. ربما في الريف هناك بعض الإقبال البسيط لدواعي المجاملات، لكنها ليست انتخابات حقيقية.

وتابع  السناوي : منذ عام 2011، حين أُتيحت أمام المصريين فرصة انتخابات نيابية حقيقية، شهدنا طوابير ممتدة أمام اللجان، لأن الناس، خاصة الشباب، استشعروا أن هناك انتخابات حقيقية وأحزابًا ووجوهًا جديدة تطرح نفسها، وكان هناك تنافس حقيقي مؤكدا أنه بعد انقلاب السيسي عام  2013،ُفرغت الحياة السياسية من حيويتها وأصبحت القوى المدنية على الهامش، وهذا يمثل خطرًا على نظام الانقلاب لأن القوى المدنية التي تريد دولة حديثة، تضعف أكثر فأكثر .

 

عواقب وخيمة

 

وتساءل،  من الذي سيدافع مستقبلًا عن مدنية الدولة إذا ما تغيرت المعادلات؟ لا أحد يمكنه القول إن أمن الانقلاب أو برلمان السيسي سيقوم بهذا الدور، مشددا على أن البلاد بحاجة إلى قاعدة سياسية واسعة لها مصلحة في المستقبل والتعددية لتبقى موجودة، وهذا كلام غائب، وبالتالي نحن لسنا أمام استحقاق انتخابي يقوي المجتمع والدولة، بل أمام نزيف حاد في الشرعية الدستورية والشعبية .

وختم السناوي، إذا أراد أحد القول إن هناك إقبالًا، فليقل، لكن لن يصدقه أحد، الناس تصدق ما تراه، نحن أمام وضع غريب وخطر، وهذا تحذير من عواقب وخيمة ربما تقترب منا أكثر من أي تصور، مؤكدا أن المجتمع كله عازف عن المشاركة لأنه يدرك جيدا أن النواب معينون بالقوائم .