لحظة ارتباك أمام طبخة "قرديحي" (كما هو غالب طعام أهل البلاد) لما يسمى "انتخابات" والتي شكّل اعتراف السيسي بأن النتائج مشكوك في صحتها جزء رئيسي من تأكيد المؤكد، أننا في شبه دولة يدير فيها المستبد الدولة كما تدار الفرقة الشعبية الغنائية (النقوط والكراسة الصفراء أهم رغباته) ولا حجة فيها أو دور للجنة قضائية لإدارة العملية الانتخابية، أو لمرشحين تنافسوا في تلقيم الرشاوي لمنادي الفرح أو الزفة (30 : 70 مليونا) نظير الكرسي والحيرة التي واجهته أن الكل دفع الرشوة ليفوز وبمقادير شبه متساوية، فشكّل ذلك عقبة حيث رفع المرشحون السلاح في الصعيد أمام بعضهم البعض وتنابزوا بالأنوف كل واحد منهم يفخر بملايينه التي أهدرها على "الفوز" بمقعد يجر نفعا من أوجه فساد عديدة.
مراكز القوى
ومن جديد استغلت الشؤون المعنوية عبر اللجان الإلكترونية الحدث، فعبر عنهم أحد أقدم أعضائهم عملا؛ سامح عسكر @sameh_asker الذي اعتبر أن خطوة السيسي واعترافه "غير مسبوق في التاريخ المصري".
ويعترف هو الآخر بالجرائم المعتبرة أمام القانون وهي "تجاوزات في الانتخابات البرلمانية"، وأنه "أمر بالتحقيق الفوري ورفع الغطاء عن المزورين".
وخلص "عسكر" (الذي لا ينطق إلا بسامسونج) إلى ذلك يعني:
أولا : القضاء على مراكز القوى التي تشكلت في السنوات الأخيرة نتيجة صعود أحزاب موالية للسلطة.
ثانيا: تفكيك دوائر الحماية والنفوذ التي تشكلت حول المزورين، وهؤلاء قطاع كبير من رجال الأعمال والفاسدين الذين تربحوا من قوت الشعب المصري في الفترة الأخيرة.
ثالثا: رفع شعبية (…) المصري لمستوى كبير يقترب إلى الزعامة المطلقة، الرجل بالفعل صار زعيما كبيرا، بهذا القرار شرط تنفيذه بشكل صحيح وإلغاء الدوائر التي حدثت فيها تجاوزات.
رابعا: فتح التحقيق في عمليات التزوير المحتملة سوف يوقع بالعديد من شبكات الفساد التي تكونت في الدولة الفترة الأخيرة داخل بعض المؤسسات.
خامسا : تجديد الثقة في نظام 30 يونيو.
سادسا : إعطاء شرعية جماهيرية وقانونية للبرلمان القادم.
سابعا: القضاء على كل مخططات "الإخوان" التي ربطت بين عمليات التزوير المحتملة بالقوات المسلحة المصرية وإعادة الثقة بشكل أكبر في الجيش، والتأكيد على أن المؤسسات الأمنية فوق كل الشبهات، بحسب اللجنة المكشوفة سامح عسكر.
إلا أنه على الطرف الآخر، البعض فوجئ وشكر السيسي على تأكيده اتهام شبه الدولة وحكم الفرد، وعديدون توقعوا هذه الخطوة التي تلوكها ألسنة أصحاب الحسابات المدفوعة من الأجهزة الأمنية سواء المخابرات أو الأمن الوطني وبحسب نسرين نعيم @nesrinnaem144 كتبت "إحنا دلوقتي هنلعب لعبة جديدة على الشعب، الحكومة هتخرج تقول مفيش تزوير.. و(…) يخرج يقول لا الانتخابات دي مفيهاش شفافية، كده الناس تقول الرئيس الجريء الوطني اللي مش بيرضى بالفساد، وكده كده الدفاتر دفاترنا والشعب مالوش حاجه عندنا، أضحوكة تحكم مصر ، وعلماء يقبعون في السجون .".
إلا أن هذا بالأساس يعاد مع كل قضية فساد تضطر داخلية السيسي أو الرقابة الإدارية أو الأموال العامة ضبطها، والجعجعة أنه "لا سكوت عن فساد".
وكانت تتابعات الملف فبعد منشور السيسي على منصات التواصل الاجتماعي عقد رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات اجتماعا بعد أقل من 24 ساعة وقال: "فليطمئن الجميع لن يأتي ناخب تحت قبة البرلمان إلا تحت إرادة الناخبين؟".
وأضاف حاز بدوي، "لا تستر على مخالفة حتى لو أدى ذلك إلى إلغاء الانتخابات بأكملها" وذلك عقاب بيان السيسي.
محمود حسين سخر عبر @MahmoudHussien_ ، "الانتخابات المرة دي شكلها ما اتسبكتش كويس 😅".
ووصف إسحاق @isaac30208171 تصريحات "بدوي" أن "مستشار من السلطة القضائية مرعوب من السلطة التنفيذية، مسخرة هتعيش لأجيال و أجيال".
وتلقف إعلام الانقلاب تصريح بدوي بالإشادة عن سرعة الاستجابة للسيسي، ولمح الناشط والمحامي عمرو عبد الهادي ذلك قائلا: "أحمد موسى يفضح السيسي والقضاء وتمثيلية الانتخابات في عبارة واحدة، كتب بعد التدخل الرئاسي: القاضي حازم بدوي، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، يعلن مراجعته لشكاوى الانتهاكات.".
وعلق، "ده أنت لو قاصد تقول إن القضاة مركوبين من العسكر مش هتكتب كده، ولو قاصد تقول إنها طابونة برضه مش هتكتب كده." مقللا من شأن تفكيره "بس أفهّمك إزاي؟ ما أنت عسكور زيهم، يعني ٥٠% وتفكير بيّادة عقيم".
استغفال جديد
الصحفي قطب العربي وعبر Kotb El Araby على فيسبوك كتب تحت عنوان (استغفال جديد) أن "بيان السيسي الذي دعا فيه لجنة الانتخابات لبحث شكاوى المرشحين في الجولة الأولى، واتخاذ القرارات (التي ترضي الله) وتحترم إرادة الناخبين حتى لو وصل الأمر إلى إلغاء الجولة الأولى أو إلغاء انتخابات بعض الدوائر الخ، هو نوع من الضحك على الذقون، وهو تغرير جديد بالشعب استكمالا لما حدث في هذه الانتخابات وسابقاتها منذ 2013 ".
وعن عبثية بيان السيسي وفروض عين غض السيسي عنها بصره، أضاف "العربي"، "كان الأجدر بالسيسي أن يحترم إرادة الناخبين التي أتت برئيس مدني ثم انقلب هو على تلك الإرادة، كان أجدر به أن يحترم إرادة الشعب بدءا بتشريع قانون انتخابي يسمح بتنافسية حقيقية، ثم منع الأجهزة الأمنية والسيادية من تشكيل فوائم تعبر عن إرادتها ونفوذها وليس إرادة الشعب، وتمنع أي قوائم أخرى، كان الأجدر به أن يوقف سياسة استبعاد بعض المرشحين الجادين والذين تسبب استبعاد بعضهم في انسحاب حزبهم بشكل كامل.".
وأشار إلى أنه "كان من الممكن أن تصبح هذه الانتخابات بداية لتغيير سياسي سلمي لكن شاءت السلطة أن تجعلها زيتا جديدا لنار الغضب الشعبي
أخيرا اهتم السيسي بشكاوى بعض المرشحين لأنهم جميعا لا يمثلون أي خطر، ولن يكونوا معارضين لتعديل الدستور ، بل انهم وجّهوا شكاواهم له شخصيا، ولكن الاهتمام بشكواهم وحتى منحهم المقعد النيابي سيمنح السيسي فرصة دعائية، لكنها لعبة مكشوفة".
تدخل في عمل هيئة "مستقلة"
الناشط والأكاديمي المعارض زهدي الشامي وعبر Zohdy Alshamy اعتبر أن توجيه السيسي "بمثابة قنبلة، عندما يطالب الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء النتائج وإعادتها.
وتساءل متندرا "ينفى (السيسي) تدخله في عمل الهيئة الوطنية المفترض أنها مستقلة للانتخابات ، ولكن توجيهه لها بإلغاء الانتخابات البرلمانية كلها أو في بعض الدوائر سابقة خطيرة تدل على أن الأمر أصبح أخطر من أن يتحمل للنظام تبعاته، عموما هذه تدخل لست بصراحة ضده، أتمنى أن يكون القرار إعادة الانتخابات بالكامل، وهو يكشف ضمن ما يكشف عن أن المسؤولين المحليين تغولوا وتجاوزوا دورهم وشابت ادارتهم للانتخابات فساد كبير".
وفي جانب آخر، أعرب "الشامي" عن أمنية له "أن يكون القرار ب إلغاء الانتخابات بالكامل و اعادتها بالكامل لأسباب واضحة ، أولا حصل مرشحو مستقبل وطن على رقم واحد فى كل الدوائر وهذا يتعذر أن يكون صدفة بل أنه مرتب له ، وحماة الوطن والجبهة الوطنية رقم اثنين وثلاثة في كل الدوائر، وهذا أيضا لابد أن يكون مرتبا، كما أن كل مرشحي مستقبل وطن أُعلن نجاحهم من الدور الأول بدون إعادة ، وهذا استخفاف بعقول الناس، ومخالف لما تم رصده في اللجان الفرعية ".
وأشار إلى أن "القوائم الانتخابية في المرحلة الأولى مليئة بمخالفات صارخة أهمها ترشيح اسماء على قوائم قطاعات بدون أن يكونوا من أهلها أو مقيمين فيها وتلك مخالفة مباشرة لقانون تقسيم الدوائر".
وتابع: " مطلوب أيضا أيضا تصحيح تشوهات للعملية الانتخابية عموما وبالأخص التقسيم الجائر غير الدستوري للدوائر بدمج بعض الدوائر في أخرى بدون وجه حق ومنها دائرتي بندر دمنهور ومركز دمنهور، لقد أثبتنا ذلك ولكن المحكمة رفضت لأسباب شكلية خاصة بالمواعيد، وها هي المسألة تعود من جديد والمواعيد تعود من جديد، أتمنى أن لا يصح إلا الصحيح".
واتفق مع الحقوقي والإعلامي إسلام شلبي Islam Lotfy Shalaby وقال: "لو فيه كلمة واحدة فقط ممكن نعلق بها على اللي كتبه السيسي اليوم تعليقاً على الانتخابات البرلمانية هتكون (شكراً). . حقيقي شكراً، إحنا بقى لنا 10 سنين بنحلف أن السيسي حولها من دولة -وإن كانت متهالكة- إلى عزبة وهو الخولي بتاعها، بس اللي اقتنعوا مش كتير.".
ولفت إلى أن "الراجل (السيسي) طلع بنفسه أثبت للجميع ان مافيش دولة؛ " وفي تعجب ".. رأس السلطة التنفيذية بيوجه وبيهدد السلطة القضائية المشرفة على الانتخابات… – القوائم الانتخابية اللي الأجهزة الأمنية مظبطاها فيه جهاز تلاعب بيها منفردا، وده معناه أن معركة تحديد من هم أصحاب الكعب الأعلى شغالة وبقوة والانتخابات دي أبرز تجلياتها، شكراً يا سيادة المشير والله!".
وعلق الإعلامي د. حمزة زوبع أنه "لأول مرة يتحدث الجنرال عن السياسة منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013، وكان يظن أن عدم خوضه فيها سيجعله فوق السياسة وفوق الناس وبمنأى عن السؤال والمساءلة ".
وأضاف @drzawba "واليوم يعترف بالجرائم التي ترتكب أو بعضها ولا أدري إن كان بمقدوره إطفاء حرائق هذه الانتخابات الهزلية وأخواتها أم سيدفع ثمنها كما فُعِل بمبارك 2011".