في الأول من نوفمبر الحالي لقي 7 مصريين من قرية تلبانة التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية مصرعهم غرقا أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية عبر السواحل الليبية، فيما تمكنت السلطات الليبية من انتشال 4 جثث، في مياه مدينة الزاوية، وفق صحف محلية.
المثير للدهشة أن السيسي قال في لقائه مع طلاب اكاديمية الشرطة: "كان ممكن نطلع كام مركب هجرة غير شرعية يروحوا فالأوروبيين يبصولنا فيقولولي عاوز إيه أقولهم عاوز كام مليار عشان نصرف على الناس دي بس إحنا معملناش كدة" والواقع أن هذا كذب، وابتزاز الأوروبيين بمراكب الهجرة يُستخدم عادة لوصف الطريقة التي تلجأ إليها بعض الأنظمة أو الجماعات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط للضغط على أوروبا عبر ملف الهجرة غير النظامية. الفكرة أن المهاجرين وقوارب الهجرة يتحولون إلى ورقة سياسية أو تفاوضية، وليس مجرد قضية إنسانية.
ووفقًا لتقارير وكالة الحدود الأوروبية فرونتكس، المصريون كانوا من بين الجنسيات الأكثر وصولًا إلى أوروبا عبر طرق وسط البحر المتوسط خلال عامي 2024 و2025.
وتشير الأرقام العامة إلى أن إجمالي محاولات الدخول غير النظامي إلى الاتحاد الأوروبي بلغت حوالي 239 ألف حالة في 2024 (بانخفاض 38% عن 2023)، بينما في الربع الأول من 2025 سُجلت 47 ألف حالة عبور غير نظامي، منها نحو 15,718 عبر وسط المتوسط حيث يشكل المصريون نسبة ملحوظة.
ورصدت "فرونتكس" أن المصريين كانوا ضمن الجنسيات الأكثر وصولًا إلى أوروبا عبر طريق وسط المتوسط، مع آلاف الحالات في 2024 و2025، ضمن إجمالي 239 ألف محاولة دخول غير نظامي في 2024 و47 ألف في الربع الأول من 2025.
والمصريون كانوا ضمن الجنسيات الأكثر على طريق وسط البحر المتوسط (إيطاليا تحديدًا)، إلى جانب بنغلادش وإريتريا ورغم الانخفاض العام، استمرت موجات مصرية من شمال مصر (كفر الشيخ، ودمياط، والبحيرة) عبر قوارب الهجرة.
والمصريون ضمن الجنسيات الرئيسية على هذا الطريق، مع استمرار الضغط على السواحل الإيطالية. كما لا يشكل المصريين أكبر كتلة عددية مثل السوريين أو الأفارقة جنوب الصحراء، لكنهم من الجنسيات البارزة على طريق المتوسط.
وبعض الدول مثل مصر ورئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي تلوّح بفتح الطريق أمام المهاجرين إذا لم تحصل على دعم مالي أو سياسي من الاتحاد الأوروبي حيث تعتبره منظمات حقوقية ورقة ضغط لاستلاب الأموال أنه "إذا لم تدعمونا أو تتعاونوا معنا، فسوف تتدفق موجات من المهاجرين إلى شواطئكم".
وضمن المساومة على المساعدات يقدم الاتحاد الأوروبي مليارات اليوروهات كمساعدات أو اتفاقيات تعاون (مثل الاتفاق مع تركيا 2016، أو مع تونس وليبيا ومصر لاحقًا) مقابل الحد من تدفق المهاجرين.
وترى أوروبا أن هذه الممارسات ابتزاز سياسي لأنها تربط قضية إنسانية (الهجرة واللاجئين) بمصالح مالية أو سياسية.
السح الملاييني
وفي مارس 2024 وقّع الاتحاد الأوروبي اتفاقًا مع عبد الفتاح السيسي تحت عنوان "شراكة استراتيجية شاملة"، يتضمن التعاون في ملف الهجرة مقابل حزمة دعم مالي واستثماري بقيمة 7.4 مليار يورو على أربع سنوات، منها منح وقروض ميسرة، بينها 200 مليون يورو مخصصة مباشرة لمعالجة ملف الهجرة.
ووقع في القاهرة، بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورؤساء وزراء إيطاليا، وبلجيكا، والنمسا، واليونان، وقبرص ضمن قيمة الحزمة: 7.4 مليار يورو على أربع سنوات (2024–2027).
وشملت؛ 5 مليارات يورو قروضا ميسرة، و1.8 مليار يورو استثمارات، و600 مليون يورو منحا مباشرة، منها 200 مليون مخصصة للهجرة.
وضمت دول الاتحاد الأوروبي أهدافا منها؛ دعم الاقتصاد المصري المتعثر، وتعزيز التعاون الأمني ومكافحة "الإرهاب"، والحد من الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط.
وانتقدت منظمات حقوقية الاتفاق، معتبرة أنه يدعم نظامًا متهمًا بانتهاكات حقوق الإنسان مقابل مصالح أوروبية في ملف الهجرة.
وغير خاف أن الاتحاد الأوروبي قدّم لمصر منذ 2017 حوالي 241 مليون يورو دعمًا مباشرًا في ملف الهجرة، إضافة إلى الاتفاق الجديد الذي يرفع المبلغ بشكل كبير، كما وافق البرلمان الأوروبي لاحقًا على قرض إضافي بقيمة 4 مليارات يورو لمصر في يونيو 2025 ضمن نفس الحزمة.