“دمج المراجعتين ” وصندوق النقد شهادة تباطؤ لا إنجاز.. الحكومة تغرق البلاد في دوامة “الدَّين بالدَّين”!!

- ‎فيتقارير

 

في مشهد يتكرر على نحو بات مألوفًا، عادت حكومة الانقلاب لتبث رسائل “الاطمئنان” حول أداء الاقتصاد، عقب مباحثات جديدة مع بعثة من صندوق النقد الدولي تزور القاهرة حاليًا، في وقت تتفاقم فيه أزمة الديون ويزداد العبء المعيشي على ملايين المصريين.

واكتفى مجلس الوزراء ببيان دعائي نشره عبر صفحته الرسمية، تحدث فيه عن لقاء جمع وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب مع بعثة الصندوق، في إطار المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج التعاون المشترك، حيث حاول الوزير تقديم صورة وردية عن الاقتصاد المصري، زاعمًا أن “المؤشرات أفضل من المتوقع” وأن الدولة تسير في “الاتجاه الصحيح”.

 

غير أن هذا الخطاب المتفائل يصطدم بواقع اقتصادي شديد القسوة، عنوانه الأبرز: دولة تموّل عجزها بقروض جديدة، وتسدد القديم بالاقتراض من جديد، في حلقة مفرغة لم تنجح الحكومات المتعاقبة منذ الانقلاب في كسرها.

 

2.4 مليار دولار… ثمن جديد لسياسات قديمة

 

تترقب القاهرة الحصول على دفعة تمويل جديدة من الصندوق بقيمة 2.4 مليار دولار، حال إتمام المراجعتين، في وقت تقترب فيه الديون الخارجية من حاجز 162 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد.

 

ورغم أن البرنامج الحالي ينتهي رسميًا العام المقبل، فإن الحكومة تراهن على استمرار “ثقة الصندوق” لا كدليل نجاح اقتصادي، بل كورقة تفاوض مع الدائنين الأجانب، في مشهد يعكس بوضوح أن الاقتصاد بات مرهونًا لمؤسسات التمويل الدولية، لا لخطط تنمية حقيقية أو إنتاج فعلي.

 

دمج المراجعتين… شهادة تباطؤ لا إنجاز

 

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت سابقًا أن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة يعكس تباطؤ تنفيذ التزامات القاهرة، لا سيما تلك المتعلقة برفع الدعم، وتخارج الدولة من الاقتصاد، وتحرير سعر الصرف بصورة كاملة، وتحسين بيئة الاستثمار.

 

ورغم تسويق الحكومة لرفع أسعار الوقود ثلاث مرات خلال عام واحد باعتباره “إصلاحًا”، فإن نتائجه الفعلية ظهرت في صورة تضخم متصاعد، وارتفاع كلفة المعيشة، وتآكل دخول الطبقة الوسطى والفقيرة، دون أن ينعكس ذلك على تحسن إنتاجي حقيقي.

 

أما استقرار سعر صرف الجنيه، فتربطه الحكومة بتدفقات دولارية ناتجة عن بيع أصول وأراضٍ حكومية لشركاء خليجيين، في خطوة يراها خبراء تفريطًا في أصول الدولة لسد فجوات مالية مؤقتة، لا علاجًا جذريًا للأزمة.

 

خطاب استثماري بلا عوائد ملموسة

 

ويكرر وزير الاستثمار في تصريحاته الحديث عن “رؤية إصلاحية واضحة” و”سياسات منضبطة” و”تمكين القطاع الخاص”، غير أن هذه الشعارات تصطدم بواقع يهيمن عليه الاقتصاد العسكري، وغياب المنافسة العادلة، وتضارب السياسات، وتراجع ثقة المستثمرين المحليين قبل الأجانب.

 

كما أن الحديث عن تحويل مصر إلى “مركز إقليمي للتصدير وسلاسل الإمداد” يظل حبيس البيانات الرسمية، في ظل استمرار العجز التجاري، واعتماد البلاد على الاستيراد في سلع استراتيجية، وتآكل القدرة الإنتاجية المحلية.

 

إشادة الصندوق… قراءة سياسية أكثر منها اقتصادية

 

وكالعادة، أشادت بعثة صندوق النقد الدولي بما وصفته بـ”التقدم في ملفات الاستثمار والتجارة”، معتبرةً أن الرؤية الاقتصادية أصبحت “أكثر اتساقًا”، وهي إشادة يقرأها مراقبون في إطار التوازنات السياسية والمالية الدولية أكثر من كونها شهادة حقيقية على نجاح اقتصادي داخلي.

 

فالواقع على الأرض يشير إلى اقتصاد مُثقل بالديون، ومواطن يدفع ثمن الإصلاح وحده، ودولة تبيع الأصول لتسدد فوائد الديون، لا أصلها.

بيانات حكومية متفائلة

 

ما بين بيانات حكومية متفائلة، وشهادات دولية دبلوماسية، يبقى السؤال الجوهري بلا إجابة: متى يخرج الاقتصاد المصري من أسر القروض؟ ومتى تتحول “الإصلاحات” من أرقام على الورق إلى تحسن حقيقي في حياة المواطنين؟.

 

حتى الآن، كل المؤشرات تؤكد أن حكومة الانقلاب لا تزال تدير الأزمة لا تحلّها، وتؤجل الانفجار لا تمنعه، عبر سياسة خطيرة عنوانها الأوضح: سداد القروض بالقروض.