التعويضات الهزيلة.. سياسة حكومية قسرية وأهالي علم الروم يرفضون رغم التهديدات

- ‎فيتقارير

كشف ملف مدينة "علم الروم" شمالي البلاد عن إشكالية أوسع في إدارة حكومة السيسي لملفات نزع الملكية والتعويض من جانب تكرر شكاوى الأهالي من غياب الشفافية، وتراجع الالتزامات، عن قيم التعويضات المعلنة وعدم توفير بدائل اقتصادية حقيقية.

وبينما تعلن حكومة السيسي أن التعويضات تُحسب وفق معايير فنية، يؤكد الأهالي أن فقدان الأراضي الزراعية يعني فقدان مصدر العيش، وهو ما يجعل الأزمة أبعد من مجرد خلاف مالي، بل قضية حياة يومية واستقرار اجتماعي.

ومن جديد انتقد أهالي  قرية علم الروم بمحافظة مرسى مطروح ملف التعويضات المرتبط بقرار الدولة نقلهم من أراضيهم، وبحسب مصادر محلية، تراجعت الحكومة عن القيم المالية التي سبق أن طرحتها كتعويض، ما أثار حالة من الغضب والارتباك بين السكان.

وأوضح مسئول حكومي أن التعويضات ستكون متفاوتة حسب مستوى تشطيب المباني، وليس وفق القيمة الموحدة التي طُرحت سابقًا.

وأعلنت الدولة أن الأراضي التي سيُنقل إليها الأهالي ستكون سكنية فقط، ولن تشمل مساحات زراعية، وهو ما يتعارض مع المطالب الأساسية للأهالي الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق رئيسي.

وقالت اللجان التمثيلية للأهالي، ومنها عضو في لجنتي الـ15 والـ45، المشكلتين لتمثيل الأهالي في التفاوض مع الدولة، نفى وجود أي دليل على صحة التقديرات للمساحات التي رفعتها هيئة المجتمعات العمرانية داخل القرية، مؤكدًا أنه لا يمكن التحقق منها.

 

وتوقع أحد القيادات القبلية أن الدولة استفادت من تركز مساحات الأراضي في يد عدد محدود من الأسر، ما مكّنها من الضغط عليهم لرفع المساحات، وبالتالي تقليل قيمة التعويضات الإجمالية.

ورجح قبليون حرمان الأهالي من الأراضي الزراعية ما يهدد مصدر رزقهم الأساسي، ويحوّل التعويض إلى مجرد سكن بديل بلا ضمانات لاستمرار النشاط الاقتصادي. إضافة لفقدان الثقة في وعود الدولة، ويزيد من شعورهم بأنهم مستهدفون بقرارات لا تراعي مصالحهم.

ويعد استمرار الخلاف حول قيمة التعويضات وطبيعة الأراضي البديلة استمرارا لتصاعد التوتر بين الأهالي والسلطات، خاصة مع وجود لجان تفاوضية لم تصل إلى نتائج مرضية.

عروض جديدة

وكشفت مواقع منها "مدى مصر" أن التعويضات الحكومية المقترحة لأهالي علم الروم في مرسى مطروح وُصفت بأنها هزيلة وغير عادلة، إذ تستند إلى أسعار قديمة (منطقة رأس الحكمة قبل خمس سنوات) ولا تعكس القيمة السوقية الحالية للأراضي. وأكد الأهالي أن المبالغ المقترحة تقلّ عن 1% من القيمة الحقيقية مقارنة بعقود الاستثمار الموقعة مع الجانب القطري.

 

وعرضت حكومة السيسي تعويضات مالية منخفضة جدًا، تعتمد على تقديرات قديمة، وهو ما أثار غضب الأهالي الذين يرون أن أراضيهم على الساحل الشمالي الغربي تساوي أضعاف المبالغ المطروحة.

وتشمل التعويضات المنازل (نحو 200 منزل مأهول) ومساحات زراعية تتراوح بين 300 و350 فدانًا داخل نطاق المشروع.

وبرر مسئولون حكوميون أن التعويضات تختلف حسب مستوى تشطيب المباني، لكن الأهالي رفضوا هذا المعيار واعتبروه غير منصف، وما زاد رفضهم هو الأراضي البديلة حيث اكتشف الأهالي أنها أرض سكنية فقط، ولن تشمل مساحات زراعية، وهو ما يتعارض مع مطلب أساسي للأهالي الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق.

ويرفض الأهالي التعويضات غير العادلة التي لن تمكنهم من شراء مساكن بديلة أو أراضٍ زراعية أخرى ورجحت القيادات القبلية أن الدولة استفادت من تركّز مساحات الأراضي في يد عدد محدود من الأسر، ما سهّل الضغط عليهم لقبول تقديرات أقل.

واعتبروا بحسب الموقع أن التعويضات يجب أن تُحسب وفق القيمة السوقية الحالية، لا بأسعار مجحفة تعود لسنوات مضت.

والمشروع الاستثماري في منطقة سملا علم الروم يشمل نحو 4900 فدان، تم بيعها لشركة ديار القطرية مقابل 3.5 مليار دولار، ومع احتفاء السيسي وحكومته بالمشروع باعتباره نقلة تنموية كبرى، يؤكد الأهالي أن نصيبهم من التعويضات لا يتناسب مع حجم الصفقة ولا مع قيمة أراضيهم.

وكشفت تقارير أن التعويضات الحكومية المقترحة لأهالي علم الروم هي مبالغ مالية منخفضة جدًا لا تتجاوز جزءًا يسيرًا من القيمة السوقية الحقيقية للأراضي والمنازل، وتُحتسب وفق معايير قديمة وغير شفافة.

وطالب الأهالي بتعويضات عادلة تشمل أراضٍ زراعية بديلة، بينما الحكومة تكتفي بعرض مساكن سكنية فقط، ما يجعل الأزمة مفتوحة على مزيد من التوتر بين السكان والدولة.
 

نمط متكرر بسياسات حكومة السيسي

ومنذ انقلاب السيسي واجه الأهالي قرارات إخلاء أو إزالة في أكثر من منطقة – مثل الوراق، العريش، المرج، والدائري –  بتعويضات "هزيلة" مقارنة بالقيمة السوقية الحقيقية للأراضي والمنازل، أو غير متناسبة مع طبيعة حياتهم ومعاشهم.

وفي الوراق، شهدت الجزيرة محاولات متكررة لإخلاء السكان لصالح مشروعات استثمارية، مع عرض تعويضات مالية أو وحدات سكنية بديلة، لكن الأهالي رفضوا لأنها لا تعكس قيمة الأرض الزراعية التي يعتمدون عليها.

وفي مدينة العريش بشمال سيناء، شكلت عمليات الإزالة والتعويض ارتباطا بالاعتبارات الأمنية، حيث أُزيلت منازل ومزارع قرب الحدود أو في مناطق العمليات، مع تعويضات مالية محدودة لا تكفي لإعادة بناء حياة جديدة.

وفي توسعة الطريق الدائري بالمرج والدائري أدت إلى إزالة آلاف الوحدات السكنية، وعُرضت تعويضات مالية أو وحدات بديلة في مناطق بعيدة، ما أثار غضب الأهالي الذين فقدوا مواقعهم الحيوية.

وهناك بحسب المراقبين سمات مشتركة تتمثل في غياب الشفافية حيث الأهالي غالبًا لا يعرفون الأسس التي تُحسب بها التعويضات، ولا تُعلن تقديرات رسمية واضحة.

كما تقصي الحكومة الأراضي الزراعة ففي معظم الحالات، التعويضات لا تشمل أراضٍ زراعية بديلة، رغم أن كثيرًا من الأهالي يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق.

وتستفيد الدولة من الضغط على الأهالي لتركز الملكيات أو ضعف القدرة على المقاومة، لتفرض أرقامًا أقل من القيمة الحقيقية.