مع بدء فصل الشتاء وهطول الأمطار واشتداد الصقيع وموجات البرد يشهد قطاع غزة تصاعدا فى الأزمة الإنسانية التى تعاني منها العائلات الفلسطينية والتى تعيش فى ظروف صعبة تزيد من معاناتها اليومية، خاصة بعد الدمار الهائل الذي خلّفه العدوان الصهيونى على المنازل والبنية التحتية.
يشار إلى أن آلاف الأسر الفلسطينية تعيش داخل خيام ومراكز إيواء مؤقتة وهى غير قادرة على مواجهة الأمطار الغزيرة أو الرياح القوية، ما أدى إلى غرق الفُرُش والأغطية والوسائد، وترك العديد من السكان في العراء، معرضين لخطر التعرض للبرد والأمراض المرتبطة بالطقس القاسي.
وتشكل هذه الظروف تحديًا إضافيًا للنازحين الذين فقدوا منازلهم خلال حرب الإبادة، حيث أصبحت الحاجة إلى مأوى آمن ووسائل حماية أساسية أكثر إلحاحًا مع استمرار المنخفضات الجوية.
انهيار المنازل
لم تتوقف آثار المنخفض الجوي الذى ضرب قطاع غزة خلال الأسبوع الماضى عند غرق المخيمات، بل امتدت إلى انهيار عشرات المنازل التي تعرضت أثناء الحرب للدمار أو التصدع ما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 16 منزلًا خلال اليومين الماضيين، مع تسجيل 16 حالة وفاة بين المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
كما أدت السيول إلى جرف التربة وتدمير جزء كبير من المخيمات، مما زاد من حجم الأزمة الإنسانية وأجبرت آلاف الأسر على العيش في ظروف حرجة دون مأوى مناسب.
أمطار جديدة
وتشير التقديرات إلى انحسار المنخفض الحالي ، إلا أن القلق يظل مسيطرًا على السكان، في ظل التحذيرات من موجة مطرية جديدة متوقعة يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين.
ويكشف الوضع الراهن عن هشاشة المقومات الأساسية للحماية، واستمرار المخاطر اليومية التي تواجه المدنيين، ما يجعل فصل الشتاء موسم تهديد حقيقي لحياة مئات الآلاف في غزة فى ظل الحصار الصهيونى ورفض حكومة الاحتلال السماح للمساعدات بالدخول .
نزع للروح
على صعيد سلاح المقاومة قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج، ، إن الحركة لديها مقاربتها الخاصة بشأن السلاح وتسعى لإقناع الإدارة الأمريكية بها، مؤكدا أن غزة قدمت ما عليها وآن لها أن تنهض وتتعافى.
وكشف مشعل فى تصريحات صحفية عن مقاربة المقاومة بشأن مطالب الاحتلال بنزع سلاحها، موضحا أن حماس تطرح على الأطراف المختلفة معادلة مفادها أن المقاومة تريد تكوين صورة فيها ضمانات بأن لا تعود الحرب بين غزة والاحتلال ، أي كيف يُخبأ هذا السلاح ويحفظ ولا يستعمل ولا يستعرض به، وأشار إلى أن المقاومة طرحت أيضا فكرة هدنة طويلة المدى لتشكل ضمانة حقيقية مؤكدا أن الخطر يأتي من الكيان الصهيوني، وليس من غزة التي يطالبون بنزع سلاحها .
ووصف نزع السلاح عند الفلسطيني بأنه بمثابة "نزع للروح". معربا عن قناعته بقدرة حماس على إقناع الإدارة الأمريكية بمقاربتها المتعلقة بالسلاح، بالنظر إلى العقل الأمريكي البراجماتي وبالتالي فرضها على الكيان الصهيونى.
وكشف مشعل أن الوسطاء يبحثون هذه المقاربة مع الأمريكيين موضحا أن إستراتيجية غزة القادمة هي الانشغال بنفسها، في محاولة للتعافي وإعادة الحياة من جديد .
قوة دولية
وشدد على أن غزة قدمت كل ما عليها وزيادة، ولا أحد يطالبها أن تطلق النار ولا أن تمارس واجبها في المقاومة، مشيرا إلى أن حماس أبلغت الوسطاء بحاجتها لمن يساعدها على النهوض والتعافي مجددا.
وبشأن القوة الدولية، قال مشعل إنه لا مانع لدى المقاومة من وجود قوة استقرار دولية على الحدود مثل قوات اليونيفيل، تتولى الفصل بين غزة والاحتلال ، مشيرا إلى أن الضامنين خاصة الوسطاء (مصر وقطر وتركيا) والدول الثماني العربية والإسلامية بإمكانهم ضمان غزة وحماس والمقاومة، بحيث لا يأتي من داخل غزة أي تصعيد عسكري ضد دولة الاحتلال.
وعن رؤية حماس لشكل إدارة غزة، أكد أنه كان هناك توافق على أن تسلم غزة لحكومة تكنوقراط وأن تجمع القطاع والضفة الغربية، لكن الأمر تعثر بسبب الحرب والفيتو الصهيونى .
وكشف أنه قبل أسبوعين أو ثلاثة جرى حوار معمق بين الفصائل وتم طرح 40 اسما استخلص منهم 8 يمثلون تنوع المجتمع الغزي، ولكن هذه الخطوة تعرقلها دولة الاحتلال .
مجلس السلام
وحذر مشعل من أن مجلس السلام الذي ورد في خطة الرئيس الأمريكي بشأن غزة محفوف بالمخاطر، مؤكدا أن حماس ترفض المجلس التنفيذي الذي ينضوي تحته ويشكل الحكم الحقيقي داخل غزة، والسبب أنه "شكل من أشكال الوصاية" على الفلسطينيين .
وقال : نريد أن يحكم الفلسطيني الفلسطيني وهو من يقرر من يحكمه مشددا على أن القضية الفلسطينية استعادت روحها على الساحة الإقليمية وتحولت من الأدراج لتفرض نفسها على الجميع. وفي المقابل تحولت دولة الاحتلال في العالم إلى كيان منبوذ، لأنها ارتكبت إبادة جماعية.
وعن فكرة التطبيع وما كان يُطرح بخصوص تصفية القضية الفلسطينية، أوضح مشعل أن هذه الفكرة باتت أبعد بعد السابع من أكتوبر 2023 إلا لمن يريد تجاهل ما أفرزته حرب الإبادة الشرسة على غزة خلال عامين .