تشهد الأوضاع فى السودان تطورا كبيرا فى التصعيد العسكرى بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع فى ظل دعوات داخلية برفض توقيع أى هدنة مع الدعم السريع وحسم الصراع عسكريا خاصة عقب قرار مجلس السيادة بعودة الحكومة السودانية إلى العاصمة الخرطوم فى الوقت الذى نجحت فيه قوات الدعم السريع فى اعادة السيطرة على بعض المدن عقب إحكامها السيطرة على دارفور بالكامل .
على المستوى الخارجى هناك محاولات أمريكية بالتنسيق مع بعض الأطراف العربية والإسلامية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار ولو بصورة مؤقتة لإعطاء فرصة للتفاوض وإنهاء الأزمة .
انتصارات ميدانية
في هذا السياق، قال المحلل السياسي السوداني مصعب محمود إن عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة الخرطوم تمثل مؤشرًا واضحًا على ما تحقق من انتصارات ميدانية خلال الفترة الأخيرة، وتعكس في الوقت ذاته بداية مرحلة جديدة من استعادة الاستقرار وعودة الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها.
وأوضح محمود فى تصريحات صحفية أن عودة النشاط إلى الخرطوم تحمل العديد من الرسائل السياسية والمجتمعية المهمة، في مقدمتها وجود حالة من التكامل والتكافل بين الحكومة والشعب، مؤكدًا أن العاصمة تظل الخيار الوحيد ولا بديل عنها، باعتبارها رمز الدولة ومركز إدارتها وسيادتها.
وأشار إلى أن المواطنين سبقوا مؤسسات الدولة في العودة إلى الخرطوم، وهو ما يعكس تمسك المجتمع السوداني بعاصمته وإصراره على استعادة الحياة رغم الظروف الصعبة، لافتًا إلى أن عودة الحكومة جاءت لاحقًا استجابة لهذا الحراك المجتمعي الطبيعي.
وتوقع محمود أن تشهد المرحلة المقبلة رسائل متعددة للداخل والخارج، أبرزها تأكيد قدرة الدولة على استعادة حضورها في العاصمة، إلى جانب إطلاق عدد من المشروعات الحيوية التي تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية وتلبية احتياجات المواطن السوداني، تمهيدًا لمرحلة التعافي وإعادة البناء.
الحسم العسكري
وقال المحلل السياسي السوداني فضل الله رابح إن الأوضاع الأمنية والعسكرية الراهنة في السودان لا تُهيئ الأجواء للقبول بأي هدنة، موضحًا أن غالبية التقديرات ترى في الهدنة المحتملة فرصة لقوات الدعم السريع لإعادة التموضع وتأمين أوضاعها وتعزيز قدراتها العسكرية، بدلًا من أن تكون مدخلًا حقيقيًا لإنهاء الصراع.
وأوضح رابح فى تصريحات صحفية أن خروج السودانيين في مسيرات داعمة للجيش الوطني يعكس حالة واسعة من الانسجام بين المجتمع والمؤسسة العسكرية، ويؤكد رغبة الشارع في الحسم العسكري وتثبيت الثقة في قدرة الجيش والسلطة التنفيذية الحالية على إدارة ملفات الدولة، مشددًا على أن هذه الرسائل الشعبية يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند طرح أي مبادرات لحل الأزمة.
وأضاف أن ملف الهدنة ينبغي قراءته في إطار الدبلوماسية الأمنية والسيادية، لما يحمله من دلالات مهمة للمجتمع الدولي، أبرزها أن قرار تجاوز الأزمة السودانية بات خيارًا داخليًا يستند إلى الدعم الشعبي الواسع للجيش وإسناد خياراته الميدانية.
مواجهة وجودية
وأكد رابح أن اختزال الصراع في كونه نزاعًا على السلطة يمثل خللًا مفاهيميًا، موضحًا أن ما يجري في السودان هو مواجهة وجودية حول مركز الدولة القومية
وداعا إلى الاعتراف بالسلطة الشرعية الحالية، وعلى رأسها الجيش والقوى المتحالفة معه موضحا أن أي أطر تفاوضية تساوي بين الجيش وقوات الدعم السريع لن تحظى بقبول شعبي، ولن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الأزمة .
وشدد رابح على أن أي حديث جاد عن هدنة أو مسار للحل يجب أن يبدأ بإعادة تعريف طبيعة الأزمة والشرعية في السودان ومن يمثلها.
عقوبات بريطانية
من جهة آخرى قررت المملكة المتحدة فرض عقوبات صارمة " على عدد من أبرز قادة قوات الدعم السريع، في خطوة تُعد الأكثر حزمًا منذ اندلاع الحرب في السودان.
شملت العقوبات كلًا من الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع، واللواء جدو أبو شوك قائد قطاع شمال دارفور، إضافة إلى أبو لولو والفاتح قرشي الناطق الرسمي للدعم السريع وذلك على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم جسيمة ضد المدنيين في مدينة الفاشر، من بينها القتل الجماعي والعنف الجنسي الممنهج والهجمات المتعمدة وتدمير الأحياء السكنية.
تتضمن الإجراءات البريطانية تجميد الأصول المالية وحظر السفر ومنع أي تعاملات اقتصادية معهم. وأثار القرار ردود فعل واسعة داخل السودان، حيث اعتبره مراقبون خطوة مهمة نحو محاسبة المتورطين في انتهاكات دارفور وإشارة واضحة إلى أن المجتمع الدولي لن يسمح بمرور الجرائم دون عقاب.