قرارات حماس.. أبعاد استراتيجية يخشاها “عباس”

- ‎فيتقارير

كتب- محمد مصباح:

 

في مارس 2016 شكّلت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" لجنة إدارية، لإدارة الشؤون الحكومية في قطاع غزة، بعدما تخلّت الحكومة الفلسطينية عن القيام بمسئولياتها في القطاع، حيث اتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إجراءات بحق قطاع غزة، قال إنها رداً على تشكيل حماس هذه اللجنة، ومنها تخفيض رواتب الموظفين وإحالة بعضهم للتقاعد المبكر، وتخفيض إمدادات الكهرباء للقطاع.

 

اليوم، وفي بيان صحفي، بعد أسبوع من الحوار والنقاشات مع المخابرات المصرية، وتلكؤ حركة فتح ووفد محمود عباس بوجود تلك اللجنة ، معتبرين أنها حجر عثرة أمام الحوار والمصالحة الفلسطينية، أعلنت "حماس" حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة. وذلك لدفع الحوار الفلسطيني والسير نحو الوحدة الفلسطينية، وكان حلّها مطلباً رئيسا من السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" لإنهاء الإجراءات العقابية ضد القطاع.

 

ودعت "حماس"، في بيان صحفي، حكومة الوفاق الوطني للقدوم إلى قطاع غزة، لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فوراً.

وأعلنت الحركة موافقتها على إجراء الانتخابات العامة. كما أبدت استعدادها لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة "فتح"، حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، في إطار حوار تشارك فيه كافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق 2011.

 

أبعاد إستراتيجية

 

الخطوة التي قد يراها البعض تراجعا من حماس أمام ضغوط المخابرات المصرية وحركة فتح ، لها أبعاد استراتيجية أكبر من ذلك؛ حيث تقدم بادرة جسن نية من الحركة لحلحلة الموقف في الأراضي الفلسطينية، من إصرار فتح وعناصرها بمحتلف أطيافهم، سواء جبهة محمود عباس، أو محمد دحلان، أو عزام الأحمد، على ضرورة حل اللجنة، التي تمثل عائقا في الحوار.

 

كما يمكن قراءة الخطوة في إطار رغبة حماس بالانسحاب من العمل الحكومي وتفاصيله، والتفرّغ للمقاومة وترتيب وإعادة بناء المشروع الوطني، وترك المجال لحكومة الوفاق الوطني لتقوم بدورها في كل الأراضي الفلسطينية.

 

كما يمثل القرار دفعا للمصالحة الفلسطينية، وسحب للذرائع من حركة فتح والرئيس محمود عباس، وتبرئة لساحتها أمام الفلسطينيين، ويضع القرار الحمساوي الإستراتيجي الكرة في ملعب محمود عباس، حيث تتجه الأنظار الآن إلى ما سيفعله عباس الذي طالما طالب بحل اللجنة الإدارية، وتمكين الحكومة من ممارسة عملها، والاستعداد للانتخابات، وما إذا كان سيقدم بدوره خطوات موازية.

 

تعنت فتحاوي 

 

ورغم خطوات حماس المرحبة بالجلوس مع فتح بلا أي شروط لإنجاح المصالحة، ما زال وفد فتح الموجود بالقاهرة يرفض لقاء وفد حماس، بالرغم من اتخاذ حماس خطوات إيجابية نحو تحقيق مشروع المصالحة.

 

يشار إلى أنه في 7 سبتمبر الجاري وصل، في زيارة رسمية إلى مصر، وفد من حركة "حماس"، برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، إلى جانب يحيى السنوار رئيس الحركة بغزة.

 

والجمعة الماضية، وصل وفد من حركة "فتح" الفلسطينية برئاسة عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية للحركة ورئيس كتلتها البرلمانية، بالتزامن مع وجود وفد "حماس" هناك.

 

وقال عباس، الأربعاء الماضي، إنّ وفده سيناقش في القاهرة، أفكارا  طرحها مسؤولون مصريون، على حركة "حماس"، لإنهاء الانقسام.

 

وأضاف عباس، خلال كلمة، في مستهل اجتماع اللجنة التنفيذية لحركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح)، برام الله، أنّ "الأفكار المطروحة هي إلغاء اللجنة الإدارية التابعة لها، وفتح الطريق أمام حكومة الوفاق الفلسطينية للعمل في القطاع، والاتفاق على إجراء الانتخابات". 

 

ويسود الانقسام السياسي أراضي السلطة الفلسطينية، منذ منتصف يونيو 2007، إثر سيطرة "حماس" على قطاع غزة، بينما بقيت حركة (فتح)، تدير الضفة الغربية، ولم تفلح وساطات إقليمية ودولية في إنهاء هذا الانقسام.

 

وإلى ذلك ، وبحسب تقديرات استراتيجية، وبرغم من الاعتراف الدولي بحكومة محمود عباس، وفرض حصار دولي شديد على قطاع غزة، فإن حركة حماس ورغم صعوبات الحصار ما زالت الطرف الأقوى في فرض سيطرتها على الأرض، وسط تهلهل سلطة عباس وصراعات طاحنة في حركة فتح، تبقي مخاوف كبيرة من استيعاب حركة حماس جميع الفصائل والفوز بانتخابات عامة في جميع الأراضي الفلسطينية، حيث ثبت على مدى 10 سنوات انحياز حماس للشعب الفلسطيني وخياراته ، وتحقيق قدر معقول من مطالب الشعب المعيشية؛ وهو ما يخشاه عباس، الذي يواجه بصراعات باللجنة المركزية بفتح يقودها محمد دحلان. وهو ما يؤخر قرار عباس وفتح على المصالحة الجادة مع حماس.