“العقرب”.. ما لا عين رأت ولا أذن سمعت عن وحشية العسكر

- ‎فيتقارير

كتب سيد توكل:

 

الساعة تشير للثالثة فجرًا، الشوارع تخلو من المارة، في الوقت الذي يتجمع فيه عدد كبير من النساء والأطفال أمام مجمع سجون طرة على طريق الأوتستراد، يجلسون بين حواجز خرسانية صماء، معهم الطعام والدواء والملابس أو ما يسمى بـ"الزيارة"، مشهد اعتاده ذلك المكان يوميًا منذ ساعات الفجر الأولى و حتى الثامنة صباحًا من اليوم التالي، يجلس الأهالي بين الحواجز الخرسانية كجزء من رحلتهم التي يصفونها بقطعة من العذاب لرؤية ذويهم لفترة قد لا تتجاوز 5 دقائق داخل “سجن العقرب” أو طرة شديد الحراسة 922 كما يطلق عليه رسميًا.

 

وفي الداخل معاناة أخرى يرويها "معتقل سابق" بسجن العازولي، متضامن مع معتقلي العقرب، يقول في شهادته:" كلمتين حابب أقولهم عن حملة التجويع الممنهجة داخل سجن العقرب باعتباري كنت معتقل سابق في سجن العازولي العسكري بمعسكر الجلاء التابع لقيادة الجيش الثاني الميداني بمدينة الإسماعيلية".

 

وتداول أهالي معتقلي سجن العقرب أنباء عن تعرض عنابر الإخوان لاعتداء من قبل ضباط السجن ورش مواد حارقة عليهم الأمر الذي أحدث إصابات في صفوف المعتقلين.

 

أين الحراك الثوري؟

ويضيف المعتقل الذي رفض ذكر اسمه حفاظاً على حياته :"ليه بقول الكلام دا الآن لأنه فيه ناس كتير ما تعرفش يعني ايه جوع وممكن يشوف الموضوع بالنسبه له شئ عادي وأنه المعتقلين لازم يستحملوا لأنهم رجالة وايه يعني نموت من الجوع عادي وهو بيقول الكلام دا بتكون بطنه مليانه بالأكل ومش حاسس بالباقيين والموضوع لا يتعدي كلمتين علي الفيس وتمر الأيام والموضوع يتنسي وخلاص دون حراك يذكر".

 

وتابع:"لما كنا في سجن العازولي كان الأكل عبارة عن رغيف عيش بتاخدة الساعة 2 بالليل أيوة الساعة 2 بالليل مع شوربة مربي أيوة حضرتك زي ما سمعت كده شوربة مربة ودي عبارة عن ايه بقي ،عبارة عن علبة مربي كبيرة المفروض العسكري اللي بيوزعها علي الزنازين يفتح علب مربة ويوزعها مع رغيف العيش علي كل زنزانة تاخد شوية في علبة".

 

موضحاً:"بس لأنه العلب كانت صفيح ولازم سكينة علشان تتفتح فكانت بتزهق العساكر في الفتح فكانوا بيعملوا ايه بيفتحوا علبة أو اتنين بالكتير ويفضيهم في حاجة واسعة ويزودهم ميه لغاية لما تبقي شوربة وبيرجع باقي العلب المخزن – وبكده بيكون من العساكر المميزين لدي القائد لأنك بالنسبة ليهم خاين وحلال قتلك  – ويبدأ يوزع علي الزنازين المية قصدي شوربة المربة وحضرتك بقي "تغمس" رغيف العيش دا بقي بالمية دي لغاية الساعة 4 العصر تاني يوم" .

 

شوربة الرز!

ومن مشاهد المعاناة يضيف:"الساعة 4 العصر تاني يوم يجي واحد من الزنزانة ينزل علشان يجيب شوية "رز" وعليهم مية ركز معاي عليهم مش جنبهم في حاجة تانية مثلاً ، شوية الرز ما يأكلوش عيل صغير لزنزانة فيها مايقرب من ال26 بني آدم وبياكلوا الرز والمية دا "بأيديهم " المية دي بقي عبارة عن أيه ؟عبارة عن مثلاً أنك ممكن تلاقي قشرة باذنجان فتعرف اني دي ميه باذنجان أو بذرة بامية اللي بتكسر السنان فتعرف أنه دي شوربة بامية" .

 

وتابع:"بعد المغرب بقي يديك رغيف عيش تاني بشوربة المربة ،علشان كده الناس كانت بتستغرب ازاي أنه الزنازين مفهاش حمامات غير"الجردل" وأنه الـ26 لما يخرجوهم من الزنزانة الساعة 2 بالليل علشان ياخد الرغيف وشوربة المربي بيروحوا الحمام والحمام لـ 26 لا يزيد عن 3 دقائق أيوة حضرتك 3 دقائق ولو أتأخرت العسكري يدخل يجيبك من الحمام علي وضعك الناس كانت بتسغرب 26 في 3 دقائق العقل لا يستوعب، لأنه حضرتك مفيش أكل فالطبيعي أنه المعظم ما بيعملش حمام إلا كل أسبوع مرة مثلاً يعني" .

 

حتى العسكري الغلبان! 

وعن دور العسكري "الغلبان" كما يطلق عليه في التعذيب، يقول :"العساكر تقريبًا كان عندهم توجه أنهم قصاد الزنازين يشربوا الشاي وياكلوا ساندوتشات ويشربوا كانز وخلافه واحنا كنا "بنعشم " عليهم زي العيال الصغيرة أيوة حضرتك والله كنا بنعشم عليهم زي العيال الصغيرة ".

 

وتابع:"الحال دا وصل البعض أنه يدعي ربنا أنه ينزل محكمة عسكرية في أي قضية علشان يقابل المحامي أو حد من الأهل علشان ياكل بس وياسلام بقي لما ربنا استجاب دعاء واحد من اللي كانوا موجودين في الزنزانة".

 

وأوضح:"ونزل فعلاً محكمة عسكرية ورجع يحكيلنا عن الفرخة اللي أكلها لوحدة وهو متكلبش وجت واحدة من الأهالي جابتله كوباية شاي وجابتله نص فرخة تاني وعصير وكانت جاية تسأل في المحكمة عن ابنها المختفي من شهور ويقدر الله أنه الراجل دا يكون عنده معلومة عنه فالست تصاب بحالة من الهيستريا أنها عرفت أنه ابنها لسه عايش وتجيبله كرتونة عصير وفرختين تانيين وتعطي للحرس فلوس علشان يسمحوا أنه يجيب الفراخ والعصير معاه" .

 

سياسة الظالمين 

وعن تفنن "الظالمين" كما وصفهم الشيخ محمد جبريل في دعائه الشهير، وانتهاكاتهم لحقوق المعتقلين، يقول :"علي باب العازولي كانت المفاجأة،العساكر ياخدوا الأكل منهم ويمر ضابط كبير ويقولهم ما تخدوش منهم الأكل وما يدخلوش بيه خليهم ياكلوه هنا والباقي يترمي في الزبالة وبدأ صاحبنا ياكل الفرختين تاني مع العصير وهو يدعوا اللهم أطل المحاكمة العسكرية واحنا كنا بنحسده علي فكرة، مش بقولك أنت مش حاسس بالجعانيين في العقرب"  .

 

ويختم بالقول: "شوفتوا الجوع بيوصل لفين شوفتوا قذارة أكتر من كده للي عندهم فجر في الخصومة ادعوووووووووووووووووا كتير لإخوانكم في العقرب".

 

معاناة مضاعفة

بدوره، قال مسئول الملف المصري بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مصطفى عزب إنهم في المنظمة يرصدون تزايدًا مستمرا بالانتهاكات المرتكبة بحق المعارضين في سجن العقرب.

 

 

وتابع في تصريحات صحفية :"في ظل حرمان كامل من الحقوق الدنيا للمعتقلين، وتصاعد خطابات التحريض من مؤسسات النظام عبر وسائل إعلامها المختلفة، منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013 حتى الآن، تتضاعف معاناة المعتقلين في هذا السجن خاصة القيادات".

 

وأوضح أن هذه الانتهاكات تتمثل في "المعاملة القاسية أو المهينة والإذلال والتجويع والحرمان من التريض والحبس الانفرادي دون أي مبرر، والحرمان من الزيارات بشكل تعسفي رغم حصول الأسر على تصريحات قضائية بالزيارة".

 

وأشار إلى أن عددا من المعتقلين رغم كبر سنهم وسوء حالتهم الصحية يتعرضون إلى التعذيب والضرب والسحل لمجرد التكدير دون سبب يتعلق بانتزاع اعترافات أو غيره.

 

من جانبه قال المحامي حليم حنيش: “ التنكيل بالمساجين وخصوصًا قيادات الإخوان أصبح بشكل دوري ويومي، والإهانات بقت متعمدة قدام الأهل للنيل من كرامتهم. حقيقي لازم حاجه تتعمل”. 

 

 وعلقت شيماء صقر: “ الصبح واحنا عند #مقبرة_العقرب دخلت حوالي 3 أو 4 عربيات والمخبر قال دول تفتيش العقرب، جايين من مصلحة السجون عشان يعملوا تفتيش وتجريدة، معنديش فكرة بصراحة هيفتشوا وياخدوا إيه والزيارات ممنوعة والكانتين والكافتيريا مقفولين؟! التفتيش بيكون قمة في الإهانة وقلة الأدب، ربنا يحفظهم من كل سوء ويرينا في كل ظالم آيه ويعجل بالفرج “.

 

جدير بالذكر أنه في 28 مارس الماضي أكدت زوجة عصام سلطان – احد نزلاء العقرب- تعرضه لضغوطات شديدة بسجن العقرب كي يعلن تأييده للانقلاب منها منعه عن الطعام والدواء، وكشف سلطان في رسالة أنه يتعرض لضغوط شديدة لإجباره على تأييد الانقلاب وإلا سيتم إعدامه قائلاً: “لن أؤيد الانقلاب العسكري ومرحبا بالبدلة الحمراء”.