كتب يونس حمزاوي:
أصدر عبدالفتاح السيسي -رئيس الانقلاب اليوم الأحد- قرارا بتخصيص نحو 8 آلاف فدان من الأراضي المملوكة للدولة لصالح بزنس العسكر متمثلا في جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، بذريعة استخدامها في تنفيذ مشروع الصوب الزراعية الحديثة.
ونص القرار، الذي حمل رقم 424 لسنة 2017، على أن تودع بمأمورية الشهر العقاري المختص حوافظ (مستندات) بالأبعاد، والمساحات التفصيلية للمساحة المبينة المخصصة للجيش، بعد موافقة مجلس الوزراء على القرار، بناءً على ما عرضه المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة.
وحسب مراقبين فإن هذه القرارات تصب في صالح بزنس العسكر الذي يستفيد منه كبار الجنرالات من خلال تسخير صغار الضباط وصف الضباط والمجندين في هذه المشروعات دون مقابل.
ومنذ انقلاب 3 يوليو أصدر السيسي عدة قرارات مشابهة بتخصيص أراض مملوكة للدولة لصالح بزنس العسكر، الأمر الذي أفضى إلى إغلاق مئات الشركات المدنية التي لم تستطع أن تنافس مشروعات العسكر؛ نتيجة عدم التكافؤ في التنافسية، لإعفاء مشروعات الجيش من الضرائب والجمارك، علاوة على الأيدي العاملة المجانية من خلال تشغيل المجنّدين.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتخذ فيها رئيس الانقلاب قرارات مشابهة، فقد أصدر قراراً انقلابيا في 27 يوليو الماضي بإعادة تخصيص مساحة 360.5 فداناً من الأراضي المملوكة للدولة، المخصصة للتنمية السياحية بمحافظة مرسى مطروح شمال غرب مصر، لصالح الجيش، وقراراً آخر بإعادة تخصيص بعض قطع الأراضي المملوكة للدولة ببعض المحافظات، لاستخدامها في نشاط الاستصلاح والاستزراع، لصالح القوات المسلحة.
وفي 28 فبراير الماضي، نشرت الجريدة الرسمية قرار رئيس الانقلاب بإعادة تخصيص أراضٍ لمصلحة القوات المسلحة، بواقع 14596.35 فداناً من الأراضي المملوكة للدولة، ملكية خاصة، بجهة غرب وصلة محور الضبعة بمحافظة مطروح، خلاف 142 ألف فدان خُصصت للجيش في منطقة شرق العوينات بمحافظة الوادي الجديد.
كما أصدر السيسي قرارًا في عام 2016 بتخصيص 238 فدانًا من الأراضي المملوكة للدولة، ناحية المنيا الجديدة جنوب القاهرة، لمصلحة القوات المسلحة، إضافة إلى إعادة تخصيص قطعة أرض من الأراضي المملوكة للدولة بمساحة 72 فدانًا، و30 قيراطًا، بمحافظة جنوب سيناء، لمصلحة الجيش، نقلاً من الأراضي المخصصة للأنشطة السياحية.
وأصدر السيسي قرارات أخرى بتخصيص 107.55 أفدنة من أراضي الدولة بغرب بورسعيد شمال شرق مصر لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، بدعوى استخدامها في مشروعات الاستزراع السمكي، علاوة على قطعة أرض بمساحة 1284638 مترًا مربعًا بمنطقة العين السخنة للجيش، نقلاً من أراضي الدولة المخصصة للأنشطة السياحية.
الأخطر من ذلك أن السيسي منح الجيش مساحة كيلومترين على جانبي جميع الطرق الرئيسية على مستوى الجمهورية، لاستغلالها، وإدارتها، واعتبارها مناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية لا يجوز تملكها!
إمبراطورية الجيش
وكانت شبكة بي بي سي قد أعدت بعد ثورة يناير تقريرا مثيرا حول الإمبراطورية الاقتصادية للجيش، قالت فيه: «لا أحد يعلم كيف تحولت ثكنات الجيش إلى مشروعات استثمارية للمنتجات الاستهلاكية، والطعام، والمياه المعدنية، والتشييد والتعدين واستصلاح الأراضي، وحتى السياحة، وكم تكلفت، ومن الذي يستفيد من أرباحها بالتحديد، لأن كل تلك المعلومات مصنفة تحت بند (أسرار عسكرية)، يحميها قادة الجيش من أن تقع في يد أي حكومة مدنية أو رأي عام».
ووصف التقرير «إمبراطورية بيزنس الجيش» بأنها «دولة داخل دولة»، ونقلت عن أحد اللواءات أنهم لن يسمحوا لأحد أيا كان أن يضع يده على المشاريع التي «بناها الجيش من عرقه وتعبه»، بل إن الجيش أقرض وزارة المالية بعد ثورة يناير مبلغًا من المال وصل إلى مليار دولار، لسد الاحتياجات الضرورية.
وقال التقرير إن التقديرات تتفاوت فيما يخص حجم صناعات الجيش، فهي تتراوح ما بين 8% و40% من الناتج المحلي لمصر، لكن لا أحد يعلم على وجه الدقة بسبب سرية حسابات الجيش، إلا أن نفوذ الجيش لا يتوقف عند إمبراطوريته الاقتصادية بل يمتد للحكم، إذ يعين اللواءات المتقاعدين في مناصب المحافظين بعد خروجهم من الخدمة، ويتولون مناصب في أهم المنشآت المدنية ويديرون أهم مؤسسات القطاع العام».