بوابة الحرية والعدالة

شاهد| السعودية الإمارات البحرين.. هل بدأ موسم الهجرة إلى إسرائيل؟

رامي ربيع
"ومن نافلة القول أن أي بحث في قضية فلسطين وأي حل لها لا يؤدي إلى تحرير القدس الشريف ويزيل العدوان الغاشم عنها وعن المقدسات فيها، ويعيدها عربية لأصحابها الشرعيين لهو حل غير مقبول"، هكذا عبر سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي السابق، عن نظرة السعودية للقضية الفلسطينية قديمًا.

تغير الزمن بعد أيام الفيصل هذه، وحلت المبادرة العربية محل سقف الحل الشامل، وفي 2015 دعا عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفي عام 2017 كرر الجبير دعوته السابقة، بعد أن انخفض سقف الطموحات بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وبعد سنتين فقط من موقف الجبير انخفض السقف، وتسارعت خطوات التطبيع، وتغيرت المصطلحات، وتزامن التسارع في وتيرة التطبيع الخليجي الإسرائيلي مع تغيير في المشهد السياسي والتحالفات بالخليج العربي، وصعود نجم محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وهو ما يفسر الترحيب الإسرائيلي على لسان أيوب قرا، وزير الاتصالات الصهيوني، بتنصيب محمد بن سلمان وليا للعهد.

وقبيل وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية بأيام، نشرت صحيفة "وورلد ستريت جورنال" وثيقة تتضمن عرضًا من دول خليجية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ورمزيا دشن ترامب خط سير من الرياض إلى تل أبيب في رحلة مباشرة هي الأولى، وقد تمنى رئيس الوزراء الإسرائيلي ألا تكون الأخيرة، وتحدث ترامب عن تبدل مشاعر حكام السعودية باتجاه إسرائيل.

من جانبه، ذهب الصحفي الإسرائيلي إيلي نيسان إلى أن هناك علاقة استراتيجية اقتصادية وأمنية سرية بين الرياض وتل أبيب.

تاريخيًا كان سفير السعودية السابق في واشنطن بندر بن سلطان آل سعود على اتصال بالإسرائيليين، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت عام 2007، كما صافح الأمير تركي الفيصل، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، أمام الكاميرات في ميونخ 2010، واشترك في ندوة لمنتدى السياسات الإسرائيلية استضافها معبد يهودي في نيويورك عام 2017، إلى جانب رئيس الموساد السابق أوفريم هليفي، ثم وصلت الاتصالات ذروتها بزيارة سرية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تل أبيب.

الضابط السعودي المتقاعد المقرب من القصر الملكي أنور عشقي، يعد أبرز المروجين علنا للعلاقات السعودية الإسرائيلية، وقد التقى إسرائيليين في الهند، ثم طار إلى القدس المحتلة، وبدأ الدعوة علنا لتطبيع مع الكيان الصهيوني.

وقد حولت اتفاقية تيران وصنافير بين مصر والسعودية الأخيرة إلى جار مائي للكيان الصهيوني، مما يعني وجود اتصال حدودي مباشر بين البلدين وأصبح منفذ إسرائيل الوحيد على البحر الأحمر سعوديا، وعلى الصعيد العسكري شارك قائد الجيش الإسرائيلي إلى جانب نظيريه السعودي والإماراتي في مؤتمر لقادة جيوش التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بواشنطن.

بموازاة الاتصالات السعودية تسارع أبو ظبي للقاء إسرائيل من الأبواب الخلفية، فقد قاد سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة عبر مصعد سري بأجد فنادق نيويورك للوصول إلى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني، وهو لقاء توج سنين من التعاون والتنسيق الخفي بين أبو ظبي وتل أبيب تداخلت فيه التجارة والأمن والسياسة وتجاوزت الإمارات عقدة التواصل السري مع إسرائيل حين ربطت أمنها علنا بمنظومة الأمن الإسرائيلي عبر ماتي كوتشافي، صاحب شركة آسيا غلوبال تكنولوجي، ومرتبط بجهاز الاستخبارات الصهيوني، وقد فاز كوتشافي بصفقة تأمين المراكز الحيوية في الإمارات عبر نظام أمني يكشف كل شاردة على عموم التراب الإماراتي.

العتيبة ربط اتصالا بمهندس القبة الحديدية الإسرائيلية الجديدة عوزي روبن؛ بهدف دراسة إمكان الاستفادة من التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية وشارك الطيران العسكري الإماراتي في مناورات حربية للمرة الثانية، إلى جانب سلاح الجو الإسرائيلي، وتربط بين تل أبيب وأبو ظبي رحلة أسبوعية تحط بالإمارات قادمة من إسرائيل عبر الأردن.

وعلى نفس المنوال، تسارع البحرين التي ينظر إلى سياستها الخارجية على أنها تابع للسعودية نحو بناء علاقات مع الاحتلال، فقد التقى ملك البحرين الرئيس الصهيوني شمعون بيريز، ووزيرة الخارجية الصهيونية تسيفى ليفني، سرا في نيويورك.

ويعود تطور العلاقات بين الكيان الصهيوني والبحرين إلى جهود معهد شيمون فيزنتال الذي يسير رحلات بانتظام بين المنامة وتل أبيب، وينظم بعض الأنشطة برعاية ملك البحرين، أما وزير خارجية البحرين فقد نظم عدة لقاءات مع مسئولين إسرائيليين، وصرح علنا بأن البحرين تريد السلام مع إسرائيل، واحتفل إسرائيليون بعيد الأنوار في العاصمة البحرينية المنامة العام الماضي.

دولتان خليجيتان هما قطر وسلطنة عمان تبادلتا فتح مكاتب للتمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل منتصف التسعينات، إلا أن سلطنة عمان جمدت علاقاتها رسميا مع تل أبيب منذ عام 2000، ثم أغلقت قطر مكتب التمثيل الإسرائيلي وقطعت العلاقة إبان الحرب على غزة عام 2008، أما الكويت فتصر على موقفها الرافض لإقامة أي نوع من العلاقات مع الكيان الصهيوني.

سنتان تسربت فيهما ملامح علاقات ثلاثة من دول الخليج بالكيان الصهيوني وتسارعت الخطوات، وبقي الإعلان الرسمي فقط.