“روسيف” على خطى “مرسي”.. تعددت الأساليب والانقلاب واحد

- ‎فيعربي ودولي

كتب- أحمدي البنهاوي:

 

يدفع بعض المراقبين- حتى من المنحازين للانقلاب في مصر- بأن أوجه الشبه بين الانقلاب على "ديلما روسيف" رئيسة البرازيل، والانقلاب الدموي العسكري على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي قريبة من بعضها البعض، لا سيما فيما يتعلق بإحكام المؤامرة الغربية على أي ديمقراطية تفرز نظامًا يحقق تنمية اقتصادية لدول الجنوب وتفتيت تجمع "البريكس" الشهير في مواجهة تجمع الدول الثماني الكبار الذي تقود الرأسمالية الأمريكية.

 

وتعادي الولايات المتحدة ومجموعاتها السياسية والعسكرية ومنظوماتها الأممية المساعدة اليسار في أمريكا اللاتينية كمعادتها للإخوان المسلمين في الدول العربية، لاسيما إذا سعوا إلى مشاريع من عينة قناة السويس التي كان الرئيس مرسي وحكومته في طور البدء فيها وكان من المتوقع أن يكون لها تأثيرات سياسية واقتصادية قوية على مصر.

 

المصالح الأمريكية

 

وجاءت الأزمة الأخيرة بعد اتهام الرئيس السابق "لولا "دا سيلفا"" بالتورط في جرائم فساد تخص شركة النفط الحكومية، لكن لم يثبت حتى الآن صحة اتهام أي من روسيف المنتمية ايديولجيا لسيلفا أو داسيلفا ذاته.

 

في الوقت الذي يقود فيه الإعلام اليميني المعارض -الذي نشأ في ظل سنوات حكم العسكر- حملة عنيفة للمطالبة بإقالة روسيف ومحاكمتها.

وتؤيد المعارضة اليمينية خصخصة شركة النفط الوطنية التي تحتكر سوق النفط في البرازيل بالتعاون مع شركات صينية وهندية، وهو ما أثار حفيظة شركات النفط الغربية خاصة الأمريكية التي تطالب بالسماح لها بالعمل.

 

وقال أدريانو بيريس، رئيس المعهد البرازيلي للبنية الأساسية ومقره ريو دي جانيرو، إن رحيل روسيف يمكن أن يؤدي إلى فتح قطاع النفط الحيوي في البرازيل. في ظل معارضة زعماء النقابات – اليساريين- لمخاوفهم من الخصخصة والبطالة.

 

أول رئيس مدني

 

وكما كان الرئيس الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب لمصر منذ عقود من الاستبداد العسكري، كانت المرأة "الفولاذية" أول امرأة تتولى قيادة البرازيل بعد سنوات من مكافحة الاستبداد العسكرى ومعاناة المعتقل.

 

وكان أوقع ما في خطاب الرئيس "مرسي" لتسلم السلطة في التحرير حديثه عن معاناة "الستينات"، وهي نفس الفترة التي لعبت فيها "روسيف" دورا بأنشطة مناوئة للعسكر، التي حكمت ما بين (1964-1985)، وبالعمل في مجال الخدمة العامة منذ استعادة الديمقراطية بالبلاد.

 

وشاركت روسيف خلال حقبة السبعينيات، في المقاومة المسلحة المعروفة باسم كولينا "قيادة التحرير الوطني"، و"في إيه آر – بالماريس"، "الطلائع الثورية المسلحة لمكافحة نظام الأمر الواقع"، وأودعت السجن وتم تعذيبها بالكهرباء وإغراقها في الماء لمدة 22 يوماً بتهمة التحريض ضد الحكم العسكري، ولم تتراجع عن مواقفها فقضت ثلاث سنوات في السجن.

 

واختار الرئيس البرازيلي الأسبق لولا "دا سيلفا" بنفسه روسيف لتخلفه، وفازت بنسبة 58% من إجمالي الأصوات مقابل حصول منافسها مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي البرازيلي المعارض جوزيه سيرا على نحو 44%، من الأصوات في الجولة الثانية، وتسلمت المنصب رسميا في الأول من يناير/كانون الثاني 2011.  

 

"إفشال" اقتصادي

 

اتهم المصريون الذين خدعهم الإنقلاب في 30 يونيو وخرجوا احتجاجا على "فشل" الحكومة والرئيس في سد حاجتهم من الكهرباء والمحروقات، ورغم أن التفاصيل تؤكد أن ما حدث إفشال على غرار مكا حدث مع روسيف فصحف الإنقلاب في مصر تتحدث أن "لعنة" "مرسي" أصابت "روسيف" وأن شعبيتها وصلت إلى 23%، بسببت الركود الاقتصادي ومعركة مساءلتها، وبسبب ما اعتبرته وأنصارها خطأ إجرائيا، يتعلق بشركة بتروبراس النفطية الحكومية، وقالت إن الخطأ اعتاده رؤساء البرازيل وأن القضاء لم يفصل فيها بإدانتها، ولكن المشكل بدأ أثناء أسوأ فترة ركود اقتصادي تعاني منه البرازيل منذ الثلاثينيات وتسبب في انقسام بلد يسكنه 200 مليون نسمة، بصورة أكبر من أي وقت مضى منذ نهاية حكم العسكر.

 

وعلى الرغم من الغضب بسبب ارتفاع نسبة البطالة، فإنه كان من الممكن لحزب العمال استغلال الاستقرار الناشئ عن الانتخابات الديمقراطية الذي تقوده روسيف أن يعتمد على دعم الملايين من الطبقة العاملة البرازيلية الذين ينسبون الفضل في إخراج أسرهم من الفقر خلال العقد الماضي لبرامج الرعاية الاجتماعية التي وضعتها.

 

كما تسببت قضية مساءلة روسيف وقف عمل الحكومة في برازيليا بالشلل قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية بمدينة ريو دي جانيرو في أغسطس المقبل، وفي الوقت الذي تكافح فيه الحكومة تفشي فيروس زيكا الذي جرى الربط بينه وبين إصابة حديثي الولادة بعيوب خلقية، وكان من أبرز الأعراض الفجائية التي أثرت على قطاعات السياحة والتجارة والإنفاق على الصحة.

 

جبهة "الإنقاذ" الأمريكية

 

وتعمد نائب "روسيف" شريكها في تحالف انتخابي، الإنسحاب من التحالف، وتصدير أزمة سياسية طاحنة بوجه روسيف، ونائبها ميشال تامر المدعوم من إعلام "الأذرع" اليمينة، وهو ما توقعه خبراء بزعزعة استقرار أي حكومة مستقبلية ودفع البرازيل للانزلاق إلى غموض سياسي يستمر شهورا.

 

وبالتوازي، نشر موقع «ويكيليكس» اليوم الجمعة، برقية دبلوماسية تظهر أن الرئيس البرازيلي المؤقت ميشال تامر، كشف لدبلوماسيين أمريكيين معلومات سياسية «حساسة»، قبل الانتخابات في عام 2006.

 

وفي البرقية التي يعود تاريخها إلى 11 يناير/ كانون الثاني 2006، والمدرجة في خانة «حساس لكن غير مصنف»، ملخص محادثات أجراها تامر مع المسؤولين الأمريكيين، عندما كان لا يزال نائبا عن حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية.

 

وقال موقع «ويكيليكس» في تغريدة على «تويتر»، أن تامر كان «مخبرا لدى السفارة للاستخبارات الأمريكية».

 

وتذكر الوثائق الدبلوماسية سفارة الولايات المتحدة في برازيليا دون الخوض في تفاصيل عن وضع ميشال تامر.

 

ولم تحدد البرقية التي نشرها موقع «ويكيليكس»، رتبة وهوية المسؤولين الأمريكيين الذين قدم إليهم تامر المعلومات.

 

واعتبر تامر، وفقا للمعلومات، أن انتخاب الرئيس "دا سيلفا"، في عام 2002، أوجد «أملا كبيرا» لدى الشعب، معلقا بأن "رئاسته كانت مخيبة للآمال".

 

ورغم ذلك درس حزب تامر، إمكانية تقديمه كمرشح للانتخابات الرئاسية عام 2006. ولم يكن مستبعدا، وفق الظروف، إجراء تحالف مع حزب العمال اليساري الذي ينتمي إليه "دا سيلفا"، وديلما روسيف.

 

كانوا رجالاً

 

وعلى خطى الرئيس محمد مرسي، دعت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف الشعب البرازيلي إلى مقاومة ما وصفته بالانقلاب عليها. وقالت في كلمة ألقتها قبل مغادرتها القصر الرئاسي يرافقها عشرات من أنصارها بعد ساعات من قرار مجلس الشيوخ إيقافها عن مزاولة أعمال منصب الرئيس"ربما ارتكبت أخطاء لكني لم أقترف أي جريمة."

 

وأضافت روسيف أنها ستواصل كفاحها ضد الاتهامات الموجهة إليها وأنها على ثقة من تبرئة ساحتها.

 

وجاءت تصريحاتها بعد موافقة مجلس الشيوخ اليوم الخميس على محاكمتها لانتهاكها قواعد الميزانية في البلاد.

 

وصفت الرئيسة البرازيلية نفسها بأنها "ضحية مهزلة قضائية، ومهزلة سياسية"، لكنها تعهدت بمواصلة طريقها.

 

وقالت "القدر ألقى دائما بالعديد من التحديات في طريقي، تحديات كبيرة، بعضها كان يبدو غير محتمل، ومع ذلك تمكنت من التغلب عليها".       

 

وتابعت روسيف "لقد تعرضت للتعذيب … والآن أعاني منه مرة أخرى، من آلام  الظلم.

 

ورغم أوجه الشبه بين الحالتين إلا أن قوى الانقلاب في البرازيل فضلت أن تنفذ  ذلك بإجراءات سياسية ودستورية وليست انقلابا عسكريا على غرار ما حدث في مصر وهو ما يجعل الأزمة في البرازيل سياسية في المقام الاول على عكس الوضع في مصر حيث سفك العسكر دماء آلاف المعارضين لهم ونفذوا انقلابا دمويا بالحديد والنار على وقع طلقات الكلاشينكوف والجرينوف مدعوما بغطاء مدني من قوى  تسمي نفسها ليببرالية وديمقراطية!.