نكبة فلسطين عام 1948.. ونكبة السيسي الثانية!

- ‎فيعربي ودولي

كتب- أسامة حمدان:

 

في الخامس عشر من مايو من كل عام يحيى الفلسطينيون، ومعهم الأمة جمعاء، ذكرى نكبة فلسطين التي ألمت بنا في عام 1948، وتمثلت في نجاح الحركة الصهيونية -بدعم من الاحتلال (الانتداب) البريطاني- في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين وإعلان قيام "دولة إسرائيل". 

 

وترافق هذان الأمران مع طرد وتهجير الفلسطينيين من 20 مدينة ونحو 400 قرية غدت أملاكها ومزارعها جزءاً من "الكيان الجديد" آنذاك (إسرائيل).

 

وخلال تلك الأحداث -التي رافقها تدخل عسكري عربي ضد الاحتلال اليهودي لفلسطين- لقي عشرة آلاف فلسطيني على الأقل مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولاً، وأصيب ثلاثة أضعاف هذا الرقم بجروح وهجر 60% من سكان فلسطين (أي نحو 700 ألف).

 

نكبة فلسطين 

 

هي نكبة احتلال المقدسات، وفصل الشعب عن أرضه وطرد أهالي 531 مدينة وقرية من ديارهم عام 1948، وفصولها بدأت حين خانت بريطانيا وعودها للعرب بمنح الاستقلال لبلادهم بعد إنهاء الحكم العثماني، وأصدرت على لسان وزير خارجيتها "وعد بلفور" في 2 نوفمبر 1917 الذي "ينظر بعين العطف" إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

 

وخلال 28 عاما من حكم الانتداب البريطاني، سنّت بريطانيا القوانين واتخذت الإجراءات التي سهلت إنشاء هذا الوطن حتى أصبح كيان عام 1948.. وكان عدد اليهود بفلسطين خلال الاحتلال (الانتداب) البريطاني 56 ألف (أي 9% من مجموع سكان فلسطين) غالبيتهم من رعايا الدول الأجنبية.

 

وما إن انتهى الانتداب عام 1948 حتى أصبح عددهم 605 آلاف يهودي نتيجة الهجرة الظاهرة والخفية التي سمحت بها بريطانيا، رغم معارضة أهالي فلسطين ومقاومتهم وثوراتهم وأهمها ثورة 1936، وهكذا أصبح اليهود يمثلون 30% من سكان فلسطين الذين بلغ عددهم حوالي مليوني نسمة عام النكبة.

 

ضعف الجامعة العربية!

 

أما على الصعيد الإنساني فقد خلفت هذه النكبة وراءها حوالي 900.000 لاجئ طردوا من 531 مدينة وقرية، نزحوا إلى الجنوب المتبقي في قطاع غزة وإلى الشرق فيما أصبح يعرف بالضفة الفلسطينية وإلى الشمال نحو سوريا ولبنان.

 

وكان الفلسطينيون يتطلعون إلى الجامعة العربية التي قامت بأول خطوة لتوفير الاحتياجات الدفاعية للفلسطينيين في سبتمبر 1947 بما عرف باللجنة العسكرية الفنية وذلك لتقييم المتطلبات الدفاعية الفلسطينية، وخرج التقرير باستنتاجات تؤكد "قوة الصهاينة وأنه ليس للفلسطينيين من قوى بشرية أو تنظيم أو سلاح أو ذخيرة يوازي أو يقارب ما لدى الصهاينة"!

 

وقد كانت القيادات الصهيونية قد شرعت في إعداد خطط عسكرية تفصيلية منذ مطلع عام 1945 توقعاًَ للمواجهة المقبلة، وفي أيار 1946 رسمت عصابات الهاجاناه اليهودية خطة سميت بخطة أيار (مايو) 1946 وتقضي بما يسمى "الإجراءات المضادة".

 

وفي 29 نوفمبر 1947 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار مجلس الأمن الدولي بتقسيم فلسطين إلى "كيان يهودي" ودولة عربية فلسطينية وتدويل منطقة القدس، أي جعلها منطقة دولية لا تنتمي لدولة معينة ووضعها تحت حكم دولي). واشتمل القرار على الحدود بين الدولتين الموعودتين وحدد مراحل تطبيقه وتوصيات لتسويات اقتصادية بينهما.

ورحب اليهود بمشروع التقسيم، بينما شعر الفلسطينيون ومعهم الأمة بالإجحاف. 

 

وفي اليوم التالي لقرار التقسيم بدأت عصابات الهاجاناه اليهودية بدعوة جميع اليهود في فلسطين بين سن 17 و25 عاماً إلى الخدمة العسكرية وبدء العمل على تحضير الخطة (دالت)، وكان الغرض من هذه الخطة الاستحواذ على المناطق المعدة لإقامة "كيان الاحتلال الإسرائيلي".

 

وفي 12 أبريل 1948 أقرت جمعة الدول العربية بزحف الجيوش العربية إلى فلسطين وأكدت اللجنة السياسية أن الجيوش لن تدخل قبل انسحاب بريطانيا المزمع في 15 أيار 1948، وقررت الحكومة البريطانية إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في منتصف الليل بين الرابع عشر والخامس عشر من أيار 1948!

 

وفي الساعة الرابعة بعد ظهر يوم 14 أيار عام 1948، أعلن المجلس اليهودي الصهيوني في تل أبيب أن قيام "كيان الاحتلال الإسرائيلي" سيصبح ساري المفعول في منتصف الليل، ونشر الرئيس الأمريكي هاري ترومان رسالة الاعتراف بالكيان الصهيوني بعد إعلانها ببضع دقائق، فيما اعترف الاتحاد السوفيتي بـ"إسرائيل" بعد إعلانها بثلاثة أيام.

 

السيسي يدعم إسرائيل

 

واليوم يشكل الفلسطينيون (فلسطينيو الداخل) نحو 20% من سكان "إسرائيل"، وسنت "إسرائيلي" العديد من القوانين التي تنص صراحة على تفضيل اليهود على غير اليهود، وإن قرابة ربع فلسطينيي 48 هم مهجرون داخلياًً لا يستطيعون العودة إلى المنازل والأراضي التي سلبت منهم. 

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين المسجلين لدى الأمم المتحدة نحو 4.4 مليون لاجئ. فيما تشير التقديرات إلى وجود نحو مليون لاجئ غير مسجل. وهكذا يشكل اللاجئون أغلبية الشعب الفلسطيني الذي يبلغ عدد أفراده نحو 10 ملايين نسمة. ‏

 

وتؤمن الأغلبية الكبرى من الفلسطينيين بضرورة تلبية حقوق اللاجئين، وفى مقدمة هذه الحقوق حق العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194.

 

وتقول جماعة الإخوان المسلمين التي شارك أبنائها في الدفاع عن فلسطين، إن استمرار الظلم والعدوان على الفلسطينيين من قبل المستعمرين الصهاينة لن يؤدي إلا إلى استمرار المقاومة الفلسطينية، للدفاع عن النفس والعرض والأرض والمقدسات.

 

وأضافت الجماعة، إذا كانت مدة الاحتلال قد طالت ففي التاريخ عبرة، فقد احتل الصليبيون الشام والقدس عدة قرون، لكنهم رحلوا في النهاية، فلن يضيع حق وراءه مطالب، إن الظروف التي يمر بها العالم العربي الآن لا ريب أنها ستغير قواعد المعادلة، وسوف تعيد الحقوق إلى أصحابها.

 

وحتى اليوم، تتواصل عمليات الطرد والتهجير القسري التي تمارسها حكومات "الاحتلال"، بتسهيل ودعم الانقلاب العسكري في مصر، من خلال هدم البيوت في القدس والضفة الفلسطينية وتدمير آلاف المنازل كما حدث خلال الحروب العدوانية الأخيرة التي شنها الجيش الإسرائيلي الصهيوني على قطاع غزة، ومصادرة الأراضي وضمها لغرض بناء جدار الفصل العنصري على أراضي الضفة الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية والاعتداء على المسجد الأقصى.