“قطع شطرنج”.. تقارير سرية تطارد قضاة السيسي

- ‎فيأخبار

           كتب: أسامة حمدان

"من خان يخون" قاعدة يؤمن بها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ويطبقها حتى على أذرعه المقربين، من ذلك ما كشفت عنه مصادر قضائية بإدارة التفتيش القضائي بوزارة العدل والنيابة العامة، عن تلقى وزارة العدل في حكومة الانقلاب "تقارير سرية" عن نشاط القضاة على صفحات التواصل الاجتماعي "فيس بوك"!

 

وتهدف تلك التقارير السرية التي ابتدعها نظام جمال عبد الناصر، وشاعت في عهده إلى ما قبل النكسة،  إلى متابعة ما يتم تدوينه عليها من آراء وتعليقات حول القضايا التي لها جانب سياسي وتتعلق بالرأي العام. 

 

وأشارت المصادر إلى أن النائب العام في حكومة الانقلاب، المستشار نبيل صادق، أرسل كتابا دوريا إلى كل أعضاء النيابة العامة، طالبهم فيه بعدم تدوين أي تعليقات عبر صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، بحجة الحفاظ على هيبة القضاء والنيابة العامة عكس ما كان يجري أيام الرئيس محمد مرسي.   

 

تيران وصنافير!

 

وأضافت المصادر أن التفتيش القضائي بوزارة العدل انتهى من التحقيق مع 4 مستشارين كتبوا آراءهم السياسية في قضية "تيران وصنافير" وحتى الآن لم تظهر نتيجة التحقيق وذلك بحسب "المصرى اليوم".   

 

وأكد المستشار عبد الستار إمام، رئيس نادي قضاة المنوفية، أن قانون السلطة القضائية يحظر على القاضي الاشتغال بالسياسة، بمعنى أنه لا ينتمي إلى جماعات أو حزب أو فكر سياسي، ورسالته الأولى إحقاق الحق والعدل.   

 

وأوضحت المصادر أن وزير العدل في حكومة الانقلاب عقب توليه منصبه اجتمع مع 8 من شباب القضاة كانت إدارة التفتيش أحالتهم للصلاحية بسبب الكتابة على صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، وقدموا تظلمات وتمت إعادة النظر فيها وبعد دراستها مرة أخرى والتحقيق مرة ثانية تبين أنهم لم يدوّنوا أي عبارات سياسية، وأن ما كتبوه لم يتجاوز تسجيل موقف ضد نادي القضاة وبعض أعضائه، وطالبهم الوزير بعدم الكتابة على الصفحات الشخصية للحفاظ على هيبة القضاء، بالإضافة إلى أن القاضي لا يعمل بالسياسة.

 

ولم ينس المصريون موقف المستشار أحمد الزند المقال من منصب وزير العدل، في حكومة الانقلاب، وهو يستغيث بالرئيس الأمريكي باراك اوباما، خلال أزمة نادي القضاة مع الرئيس محمد مرسي، وكان لقضاة  الزند دور سياسي في دعم الثورة المضادة، وصل إلى حد نزولهم بأسلحتهم الشخصية وإطلاق النار على المتظاهرين.

 

قطع الشطرنج

 

من جانبه، صرح المستشار عماد أبو هاشم، رئيس محكمة استئناف المنصورة، تعليقًا على إحالة قضاة جدد للتحقيق بسبب منشورات على "الفيسبوك"، قائلاً، إن إحالة عشرات القضاة للتحقيق بدعوى كتابتهم لآراء سياسية على مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد أن عبد الفتاح السيسي يريد تحريك القضاة كقطع الشطرنج كيفما شاء.

 

وأضاف أبو هاشم- في مداخلة هاتفية لقناة مكملين مساء الأحد- أن السيسي سيصل بالمواطنين إلى "تجريم قول ربنا الله"، داعيا القضاة إلى التكاتف ومساندة زملائهم المحالين للتحقيق .

 

وأوضح أبو هاشم أنه لا يجوز التحقيق مع القضاة أو فصلهم بسبب آرائهم السياسية، بحسب قانون السلطة القضائية، ولهم حرية إبداء الرأي حسب المواثيق الدولية والدستور المصري، كما أن قانون السلطة القضائية لم يحرم القضاة من إبداء رأيهم، وإنما حذر القضاة من الاشتغال بالسياسة والترشح للمجالس النيابية.

 

تغول مهين

 

وكان عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، قد واصل تغوله المهين على السلطة القضائية في مصر، ومارس هوايته في إقصاء الشرفاء عن مؤسسات الدولة، حيث أصدر قرارا بإحالة 44 من القضاة إلى المعاش، بناء على التقرير الذي عرضه عليه المستشار حسام عبدالرحيم، وزير عدل العسكر.

 

وبصمود وثبات استقبل عدد من القضاة المحالين للمعاش، قرارات السيسي، بينما أخذ آخرون في تبادل التهاني بسبب تلك الإحالة والتي اعتبرها بعضهم وسام شرف على صدورهم، أن يتم  محاربتهم والتضييق عليهم في زمن الانقلاب الدموي، في حين يتمتع قضاة السيسي بالعديد من المنح والعطايا والمكافآت التي لا تتوقف.

 

ومن بين القضاة المحالين للمعاش المستشار أحمد محمد سليمان، وزير العدل بحكومة الدكتور هشام قنديل  وهو قاض مصري شريف، وأحد أعلام تيار الاستقلال بنادي القضاة، والذي وُلد عام 1950، تخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1970، وحاصل على الماجستير في الشريعة و القانون عام 1977، وشغل منصب رئيس نادي قضاة المنيا فترتين، كما عمل مستشارًا بمحكمة استئناف القاهرة و أسيوط، وتمت إعارته ليعمل قاضيًا في المحكمة الاتحادية بدولة الإمارات.

 

وعُين "سليمان" وزيراً للعدل في مايو 2013  خلال حكم الرئيس مرسي،  بعد استقالة المستشار أحمد مكي، وقد استقال سليمان في 7 يوليو 2013 ؛ بسبب رفضه للانقلاب العسكري الذي قاده عبدالفتاح السيسي، ومعسكر الانقلاب.

 

وعلى مايبدو  أن السيسي لم يستطع نسيان معارضة المستشار أحمد سليمان له، ورفضه لانقلابه الدموي، فقرر اليوم الانتقام منه بإحالته للمعاش، بعدما أمر صبيانه في القضاء المصري بعمل لجان تأديبية باطلة بحقه وحق 43 قاضيًا آخرون.