كتب – جميل نظمي
بفعل الانقلاب العسكري الذي لا يفهم في لغة الآثار والثقافة، لسبق خبراته الوحيدة للعمل في الثككنات العسكرية، ومراقبة حدود الوطن.. تحولت "طابية كوسا باشا" بالإسكندرية.. من حصن منيع لصد هجمات الغزاة عن المدينة إلى وكر للبلطجية.
قلعة تاريخية
فعبر عقود عديدة كانت طابية كوسا باشا -قلعة بحرية تقع بمنطقة أبوقير شرق الإسكندرية- حصنًا منيعًا، دافع عن مصر والإسكندرية ضد هجمات الغزاة، ورغم أهميتها الكبيرة، فإنها تعرضت إلى حالة من الإهمال والنسيان أفقدتها أهميتها التاريخية، بعد ما تحولت إلى وكر للبلطجية وتجار المخدرات، أعقب تهدم أجزاء منها.
تراث وقيمة
يعود تاريخها إلى عام 1807م، حين أمر حاكم مصر الوالي محمد علي باشا، أحد كبار قادة جيشه ويدعى "محمد كوسا باشا"، الذي شغل منصب الحاكم الإداري لمنطقة أبوقير -فيما بعد- ببنائها ونسبت إليه، وكان الهدف من بنائها أن تكون حصنًا منيعًا لصد هجمات الغزاة عن شرق الإسكندرية، خاصة بعد رحيل الحملة الفرنسية، وفشل حملة فريزر الإنجليزية.
تقع "الطابية" بمنطقة أبوقير شرق الإسكندرية، يحيط بها سور خارجي مرتفع من جميع الجهات، ويفصل بين هذا السور وبين التل الرملي المحيط به خندق بعرض 20 مترا، وعمق 8 أمتار تقريبًا.
المدخل منفصل تماما عن "الطابية"، ويقع في منتصف الخندق تقريباً، ويتقدم الخندق قنطرة خشبية للمرور من فوق الخندق إلى داخلها، ومازالت بقايا هذه القنطرة قائمة، عبارة عن عروق خشبية غليظة ومفككة.
بعد الانقلاب العسكري
تهدمت أجزاء كبيرة منها، وتحولت مع مرور الوقت إلى أطلال، يتخذها البلطجية ومدمنو المواد المخدرة ملجأ لهم، ويقول أهالي المنطقة: "المكان مهجور بشكل كامل الآن، ورغم وجود لافتة كبيرة عليه تشير إلى تبعيته للآثار، إلا أن الطابية لم تطئها قدم أي سائح"، بل تحولت إلى مكان للبلطجية والخارجين عن القانون، ويتخذوه مآوى لهم بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية،
هذه الحالة من الاهمال من قبل الاثار والداخلية ودوائر الانقلاب العسكري، على الرغم من أن "الطابية مدرجة ضمن قائمة الآثار الإسلامية المهمة بالمدينة، نظرًا لمكانتها التاريخية الكبيرة"، هكذا وصفها محمد متولي، مدير عام منطقة آثار الإسكندرية.
وأكد متولي، أن الطابية "بالفعل في حاجة ماسة إلى الترميم العاجل"، لافتا إلى أن إمكانيات الآثار لا تغطي التكاليف المرتفعة لعملية الترميم، التي ستتخطى عشرات الملايين من الجنيهات، وفقا لدراسة أعدتها كلية الهندسة بجامعة القاهرة، حسب ما أوضح في تصريحات صحفية.
الإهمال والتراخي في معالم الحياة المدنية بات السمة الأساسية للانقلاب العسكري الذي فرط في تاريخ وتراث مِصْر، وحطم حاضرها وأمم مستقبلها لصالح بيادة عسكرية لا تفهم سوى في القتل والدمار لا البناء والعمران، ما يحتم ضرورة الإسراع في إزالة الانقلاب العسكري وقياداته الفاشلة حفاظًا على تاريخ ومستقبل مِصْر.
Facebook Comments