“شبه الدولة.. الوليدة.. الناشئة”.. مصطلحات بطعم “الفشل” السيساوي

- ‎فيتقارير

أحمدي البنهاوي

"في زيارته الثلاثاء لأسيوط، "لف السيسي ورجع تاني"، في قمة "التوهان" الذي يعانيه شبه "القزم"، وهو في هذه المرة يعبر عن الفشل العملي للدولة المصرية في ظل الانقلاب العسكري".. هكذا بدت دولة عبد الفتاح سعيد السيسي، قائد الانقلاب العسكري في مصر، ليثير تهكمًا واسعا بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عنوان الهاشتاج #لف_ورجع_تاني، فلم تكد تمر دقائق على عودته للسلام الوطني هزيلا، حتى عجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور "الكوميكس" الساخرة والمقاطع التسجيلية الاستهزائية.

وكان أول ما حضر في ذهن المعلقين مصطلحاته المبررة لثالوث التراجع الاقتصادي والقمع الأمني والعسكري، والفشل في كل مناحي الحياة.

أشباه دول!

يمنح "السيسي" في خطاباته الحية "Live" نفسه للعقلاء- سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو في حوارات المقاهي- مادة للسخرية والتهكم عبر "الكوميكس"، وفي 5 مايو الماضي، اعترف السيسي بأننا "لسنا في دولة حقيقية"!.

فأثناء إلقائه كلمته باحتفال الفرافرة، قال "مسبتش حاجة واحدة خلال السنتين اللى فاتوا يا ترى أنا كافحت فساد ولا مكافحتش، وحبيت أقول الكلمتين دول عشان أقول للناس بكره أحسن وأفضل"، مضيفًا "فيه موضوع تانى متكلمتش فيه لأنه قصة تانية، إحنا مش فى دولة حقيقية"، وشفعها السيسي بكلمة منقحة عنها في التعبير عن الفشل والعجز، وتابع قائلا "خلوا بالكم وطلوا على بلدكوا صحيح، دى أشباه دولة، مش دولة حقيقية"!.

أشلاء دولة!

غير أن صحيفة "الوطن"، المنحازة للانقلاب، عبرت عن المثل الشعبي "جاء يكحلها عماها"، فقالت إن "الرئيس" قال إن "مصر لا بد أن تكون دولة حقيقية، دي مش دولة حقيقية ولازم تكون حقيقية، خلوا بالكوا دي أشلاء دولة". وتابع "أنتم مشوفتوش دولة بصحيح لحد الآن.. بكره تشوفوا بعنيكم الدولة بحق وحقيقي".

غير أن الطاغية يكابر عندما يستشعر أن ما قاله خطأ، يكابر باستخدام طريقة "المتاهة"، فأتبع عباراته القاسية على العقلاء والعلماء من أبناء مصر الذين يرقدون في سجونها، قائلا: "إحنا بنتكلم على دولة قانون دولة مؤسسات، دولة تحترم نفسها والعالم يحترمها، وكل ما تنجحوا أكتر كل ما أهل الشر هيخططوا أكتر".

وباتت "شبه الدولة" و"الدولة غير الحقيقية" حلما لا يتحقق إلا بعد سنين، استطاع السيسي التعجيل بخرابها، فقال: "أنا مبخافش ولو خوفت كل اللى عملناه مكنش هيتعمل ولا بعد 10 سنين".

"الدولة وليدة"

إلا أن السيسي كان قد أمعن في الإساءة إلى مصر، وزاد لحن قوله الذي عرفه به الشعب، فقد أطلق عليها هذه المرة "الدولة الوليدة". الإساءة هذه المرة لم تكن فقط للمصريين كما اعتاد الطاغية مخاطبة الجماهير، بل لدى مقابلة السيسى "أولاند"، في 17 أبريل الماضي، اعتبر أنه "لا يمكن قياس مستوى حقوق الإنسان في مصر حسب المعايير الأوروبية، مؤكدا أن مصر تعيش في ظل حرب مع الإرهاب، ووسط منطقة إقليمية مضطربة".

ولفت "السيسي"، في مؤتمر صحفي، مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إلى أن الأخير سجل اهتمامه وحرصه على موضوع يشغل فرنسا وأوروبا، وهو حقوق الإنسان والحريات في مصر، مضيفا "أقول للرئيس "هولاند" والجميع: إن مصر حريصة على أن تؤكد أنها دولة مدنية حديثة، وأنها دولة وليدة تأخذ أولى خطواتها كدولة ديمقراطية حديثة في الشرق الأوسط"، ناهيك عن اعتباره أن مصر جزء من "المنطقة التي نعيش بها.. منطقة مضطربة للغاية، ولا يمكن للمعايير الأوروبية أن يتم قياسها، ويتم النظر لها في ظل الظروف التي تمر بها دول المنطقة بما في ذلك مصر".

"التجربة الكورية"

مصر استقبلت بعثة كورية في حقبة عبد الناصر لكي تدرس التجربة الكورية في فترة النهضة "المحتملة" لمصر، وبتعليق من المذيعة، مدحته فقالت: "رد دبلوماسي"، فعقب عليها معترفا بخيبته: "أنا رجل عسكري ولست دبلوماسيا".

غير أنه، وفي حوارات مماثلة، أقر بالتقارير الاقتصادية التي تعتبر "مصر في ذيل الدول الناشئة"، وبدأ السيسي يتعامل معها وكأنها مبرر أو سبب مسبق لفشله وتراجعه، وليس قراءة لهذا الفشل.

واحتلت مصر المركز 23 بين 25 دولة ناشئة في استطلاع نشره مركز الدراسات الأمريكي "بيو ريسيرش" بشأن رؤية المستقبل المالي للجيل القادم، وجاء بعدها بولندا ولبنان، كما قبعت في المركز قبل الأخير في سؤال حول ما إذا كان بقاء الشباب في بلدهم أفضل لهم أم السفر للخارج.

تعليقات "السوشيال"

من جانبه، اعتبر د. أحمد جعفر- عبر صفحته على "فيس بوك"- أن "تكريس مفهوم "شبه الدولة" له من المرامي ما يجعل القبول بمزيد من الترهلات والتراجع والتجاوزات شيئا مقبولا، وفرصة لتبرير معدلات "القمع" المتزايدة على مختلف المستويات والأصعدة".

وقال الناشط محمد بركات، عبر حسابه على نفس الموقع: "الواقع أننا عايشين فى بلد بتحكمها حكومة عجيبة وغريبة الشأن فعلا، والدليل على كلامى التصريحات التى يدلى بها وزراء الحكومة، باختصار وعلى سبيل الذكر وليس الحصر، تصريح وزيرة الاستثمار: هنخلى المستثمر يتجوز الفرصة ويجيب منها عيال، وتصريح المتحدث باسم الحكومة بالأمس، أن زيادة أسعار الأدوية بنسبة 20% يصب فى مصلحة المريض المصرى، وتصريح وزيرة التعاون الدولى بأن القروض اللى هناخدها تعتبر استثمارا للأجيال الجاية، وأخيرا تصريحات "الريس" المتتالية: مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا، وبعدين مصر دولة ناشئة، وختامه مسك مصر شبه دولة".

أما الصحفي الليبرالي محمد مصطفى موسى، فكتب عبر حسابه قائلا: "مصر التي وحدها الملك مينا سنة 3200 قبل الميلاد.. لتأسيس أول دولة مركزية في التاريخ، بعد "تفككها لمدة 100 سنة"، بمعنى أنها كانت دولة قبل كده.. ومن يومها تمسك المصريون بوحدتها وحافظوا عليها، بقت وفق تعبير فيلسوف زمانه "دولة ناشئة". وعلق موسى قائلا: "الراجل لم يقرأ حتى "ميكي جيب".. يا ميلة بختك يا مصر".