كتب: أسامة حمدان
الجهل شعار المرحلة "السيساوية"، ولذلك عندما تسمع أحدهم يضرب المثل المصري المعبر: "سمك .. لبن .. تمر هندي" تدرك على الفور أنه يقصد من يحاول تحقيق الانسجام بين ما لا ينسجم، والتوفيق بين عناصر لا تتفق، مثل أن يكون وزير الطيران المدني المصري، شريف فتحي، خريج خدمة اجتماعية ولا يعرف كيف تهبط الطائرة!
كلهم عبد العاطي كفته!
فور إعلان "مصر للطيران" الخميس الماضي، فقد الاتصال بالطائرة رقم MS 804 في تمام الساعة 2:30 صباحًا بتوقيت القاهرة، فوق البحر المتوسط على بعد نحو 280 كم من السواحل المصرية، وعلى متنها 66 راكبًا، بينهم 10 من طاقمها، صرح وزير الطيران شريف فتحي، أمام عدد من الصحفيين أثناء سؤاله عن الطائرة، قائلاً: "انتوا ليه بتأزموا الموضوع الأزمة مش هتتحل في 7 ساعات الطائرات في
دول تانية بتقعد سنتين مخطوفة"!
جاء ذلك بعد تفجر فضيحة مفادها أن "مصر للطيران" قالت في بيان رسمي أن أحد أجهزة الطائرة أرسل إشارة استغاثة للقوات المسلحة المصرية، التي لم تحرك ساكناً وتركتها تشتعل وتهوي إلى أعماق سحيقة في البحر.
وتراجع "فتحي" عما تم نشره في بيان مصر للطيران، محاولا تبرئة "الجيش" من مسئولية سقوط الطائرة، وزعم: "إن قصة إرسال استغاثة كانت خطوة متسرعة من أحد العاملين ضمن فرق الإنقاذ؛ حيث أرسل المعلومات إلى مركز العمليات ثم تراجع عنها"!
وكان المتحدث العسكري للانقلاب، العميد محمد سمير، أصدر بيانًا رسميًا على صفحته بـ"فيسبوك" ينفي ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن حادث اختفاء الطائرة المصرية، وأنكر استقبال أي رسائل استغاثة من الطائرة المفقودة.
تقاعس الجيش عن مسؤولية إغاثة الطائرة المنكوبة، وتعيين وزير طيران بعيد كل البعد عن المجال وبدرجة "دبلوم" خدمة اجتماعية، ينسجم مع خلطة الانقلاب التي بدأت بجهاز اللواء عبد العاطي "كفتة" لعلاج "فيرس سي" والإيدز، لقد هزم الانقلاب المنطق والعقل والحكمة مثلما "هزم الإيدز بصباع كفتة"!
زغرتي يا انشراح!
وبما أن العقل ليس له دور في المرحلة الانقلابية التي تمر بها مصر، كان منطقياً أن يحمل عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، فقط شهادة "الإعدادية" وينخرط في سلك العسكرية، ويقود دولة مركزية ثقيلة بحجم حاملة طائرات عملاقة، في محيط سياسي مضطرب
ومتلاطم الأمواج، وهو الذي لا يستطيع أن يقود "طشت" يطفو في "آناية" متفرعة من ترعة زراعية!
وعلى أساس "التبعية" لا الكفاءة تم تعيين وزير الطيران شريف فتحي، كما تم تعيين "طارق عامر"، نجل المشير عبد الحكيم عامر البطل الثاني للنكسة والهزيمة أمام إسرائيل، محافظاً للبنك المركزي وهو خريج "آداب"، ولا علاقة له بالاقتصاد ما تسبب في غرق الجنيه المصري في هوة سحيقة ربما لن يعود بعدها أبداً.
وبدوره قام "عامر" بتعيين أحد معارفه ويحمل شهادة "الدبلوم"، في وظيفة مستشار محافظ البنك المركزي، وذلك تحقيقاً للقاعدة الذهبية التي اخترعها الزعيم المشير الفيلسوف الطبيب في علم الإدارة، والتي تقول "مش مهم الشهادة المهم نكون كده" !
وبمنطق "الأضحوكة" الذي تنبأ به المرشح الرئاسي السابق حازم صلاح أبو إسماعيل، وخلاصته أن الفاشل لا يجمع إلا الفشلة من حوله، يؤكد مراقبون أن الذي يحكم مصر فعلياً قطيع من لواءات الجيش لا دراية لهم بسياسة ولا إدارة، حتى في المناصب التي يتولاها مدنيون تكون الكلمة فيها للواءات التي تتولى المهام الاستشارية، وتختفي أصابعها تحت أطقم "الحلل" المدنية!
حكومة قنديل!
وبالمقارنة بين حكومات الانقلاب التي يحمل جنرالها شهادة "الإعدادية"، وحكومة الرئيس الدكتور محمد مرسي، التي كان على رأسها الدكتور هشام قنديل، نجد أن الأخيرة كانت حكومة كفاءات واختصاصات، وأن انتقاد القوى السياسية لها كان على خلفية الحرب التي قادها الجيش على جماعة "الإخوان المسلمين"، في إهدار واضح للمصلحة الوطنية وضرب الحائط بحل مشاكل المصريين.
يذكر أن حكومة الدكتور هشام قنديل ضمت شخصيات لها ثقل علمي وخبرات في وزارات الطيران المدني والرياضة والشباب والتموين،
غلب عليها طابع حكومة تكنوقراط وفنيين متخصصين كل في مجاله.
وضمت حكومة "قنديل" في وقتها وجوه جديدة في إطار تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وضخ دماء جديدة في عديد من الوزارات، إلا أن حالة التربص والترصد للرئيس محمد مرسي من جانب بعض القوى اليسارية والناصرية التي تعادي الإخوان المسلمين، لم تقبل إرادة الشعب بأن يكون "مرسي" رئيساً للجمهورية.
وفي دولة يحكمها الانقلاب عادي ألا ترى أحداً "بيشتغل شغلانته"، لأن لواءات الجيش أمثال عبد العاطي يديرون كل شيء من الإبرة وحتى صناعة الكحك والغريبة، وهو مشهد لخصه الدكتور "باسم عودة"، وزير التموين الشرعي عندما قال للقاضي الأسبوع الماضي :"لا اعرف سبب وجودي أمامك أنا لم أبيع تيران وصنافير لدولة أخري.. وكل ذنبي أنني جعلت كيلوا الزيت للمواطن بثلاث جنيات وعملت منظومة للفلاح كي لا نستورد القمح" !
Facebook Comments