صافيناز صابر
أصدر المستشار عدلي منصور -الرئيس المؤقت المعين من قبل الانقلاب- الخميس الماضي قرارين جمهوريين بإحالة مستشارين ينتميان لتيار الاستقلال لوظائف غير قضائية بعد إحالتهما إلى مجالس تأديبية، وهما المستشار هشام الرفاعي الرئيس من الفئة (أ) بمحكمة الزقازيق الابتدائية تم نقله إلى وظيفة غير قضائية بوزارة الموارد المائية والري، والمستشار محمد أبو العلا الرئيس من الفئة (ب) بمحكمة الإسكندرية الابتدائية وتم نقله إلى وظيفة غير قضائية بوزارة القوى العاملة والهجرة.
يؤكد هذه القرار استمرارية سلطة الانقلاب في المضي قدما في مخططها الرامي إلى التنكيل بالقضاة الشرفاء وتسعى إلى إقصائهم بشكل ممنهج، مستخدمة بذلك طرقا شتى سواء كانت بالاعتقال أو العزل أو الإحالة إلى مجالس تأديبية، وهو ما اعتبرها البعض مذبحة جديدة أشد شراسة من المذبحة التي تعرضوا لها في عهد عبد الناصر ذلك لأنها تتم بأيدي قضاة.
لم يكن هذا القرار الأول من نوعه؛ ففي هذا الإطار أصدر عدلي منصور قرارا جمهوريا في 16 من يناير الماضي بعزل المستشار أسامة الصعيدي بمحكمة استئناف القاهرة قاضي التحقيق المنتدب في قضية أرض الطيارين التي كان متهمًا فيها المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق وتم نقله إلى وظيفة غير قضائية بوزارة القوى العاملة والهجرة ، جاء ذلك بعد أقل من شهر بعد صدور حكم ببراءة أحمد شفيق ونجلي مبارك في القضية نفسها، وهذا يعني شيئا واحد فقط أنه يتم الانتقام من القضاة الذين تصدوا لنظام مبارك وفساده.
بات القضاة الشرفاء مستهدفين بعد الانقلاب بدافع الانتقام تارة وبدافع إسكاتهم عن قول الحق تارة أخرى، وهذا ما حدث لـ 75 من قضاة الاستقلال ممن لا يزال التحقيق يجري معهم وتم وقف بعضهم عن العمل، حيث تم اتهامهم بالتدخل في السياسة ومخالفة قانون السلطة القضائية، وكذا المستشار أحمد مكي الذي أحيل للتحقيق مع غيره لأنه كشف تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2005 وهددوه أيضا بالاعتقال.
تم اعتقال المستشار محمود الخضيري من أبرز قضاة الاستقلال في مصر الذين وقفوا ضد بطش نظام مبارك في نوفمبر الماضي ووجهت له تهمة عجيبة وهي الاشتراك مع عدد من قيادات الإخوان بالتحريض على تعذيب المحامي أسامة كمال في ميدان التحرير واتهامه بأنه ضابط بأمن الدولة، وذلك أثناء أحداث ثورة 25 يناير.
وأيضا تم إحالة المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وسكرتير عام نادي قضاة مصر الأسبق وآخرين إلى الجنايات بتهمة سب وقذف المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة القاهرة في ظل تحريك مريب للبلاغات المقدمة حصريا من المستشار الزند باتهامات مطاطة، وتجميد التحقيقات وكافة البلاغات المقدمة ضده والمستشار عادل عبد الحميد وزير العدل الانقلابي الملاحقين بفساد مالي، ولم يتم تحريك أي تحقيقات ضدهما.
وفي هذا الإطار أصدر مجلس تأديب القضاة برئاسة المستشار صابر محفوظ رئيس لجنة الصلاحية، قرارا بإحالة 7 قضاة من أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" إلى المعاش، وهو ما يعني العزل من الوظيفية، وذلك لاتهامهم بالاشتغال بالسياسة، والانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين بالمخالفة لقانون السلطة القضائية، وأعراف وتقاليد القضاء، والمستشارون هم: حازم صالح، وعماد أبو هاشم، ومحمد عطا الله، ومصطفى دويدار، وأحمد رضوان، وعماد البنداري، وأيمن يوسف.
أما المستشار وليد شرابي المتحدث الرسمي باسم الحركة فقد تم إحالته منفردا إلى المحاكمة التأديبية، وصدر حكم بعزله، وهناك العديد من الأسماء التي لم يفصل فيها بعد، وهذا في ذاته يعد فضيحة وخير دليل على أن ما يحدث من ملاحقة القضاة أسبابه سياسية بالدرجة الأولى.
سياسي بالدرجة الأولى
بداية يوضح المستشار محمد عوض -منسق عام حركة قضاة من أجل مصر- أن القرارات الجمهورية الصادرة بشأن العديد من القضاة مؤخرا وإحالتهم إلى وظائف غير قضائية لا تعدو عن كونها مجرد تصديق على قرار مجلس التأديب ولا تخرج عن نطاق "الشو الإعلامي"، مشيرا إلى أن ما حدث أنه تم إحالتهم إلى مجلس الصلاحية هو الذي يتولى معاقبتهم إما بإحالة إلى المعاش أو إلى وظيفة غير قضائية على أساس ألا تتوافر فيه شروط العمل بالقضاء وهذا في ذاته يمثل عزلا للقاضي.
محمد عوض: القضاة الشرفاء يتعرضون لإجراءات انتقامية لرفضهم الانقلاب |