• سلطة الانقلاب عسكرت العمل السياسي وأقصت كل القوى منه ولم تبقِ إلا قوى ترضى بدور الديكور السياسي
• جماعة الإخوان المسلمين تواجه حصارا شديدا.. إلا أنها قادرة على البقاء حتى سقوط الانقلاب ليرحل حاكم آخر وتبقى الجماعة مستمرة
• الفصل بين معركة السلطة العسكرية ضد الثورة وضد الديمقراطية وضد الهوية الإسلامية مستحيل
• كل القوى التي تجمعت ضد الانقلاب العسكري أصبح مصيرها مرتبطا بمصير الثورة ومنها جماعة الإخوان المسلمين
• الحراك الثوري غير قابل للإجهاض وقادر على الاستمرار وسلطة الانقلاب غير قابلة للاستمرار
أعدها للنشر: الحرية والعدالة
أكد المفكر والباحث السياسي د.رفيق حبيب أن الانقلاب العسكري على الثورة والديمقراطية، ارتبط بالحرب التي تشنها سلطة الانقلاب على جماعة الإخوان المسلمين، والعديد من القوى الإسلامية الأخرى. وليست الحرب على جماعة الإخوان المسلمين، بسبب رفضها للانقلاب العسكري فقط، بل لأن سلطة الانقلاب تريد التخلص من القوى الإسلامية الفاعلة.
فالحرب على جماعة الإخوان المسلمين، بعد الانقلاب العسكري، ليست بسبب أن الرئيس المنتخب منها، وليست بسبب رفض الجماعة للانقلاب العسكري، بل لأن السلطة العسكرية، تريد التخلص من القوى السياسية المنظمة الكبيرة، وتريد التخلص من القوى الإسلامية، التي ترفض أن تكون ذراعا تابعا للسلطة العسكرية.
وأضاف في دراسة حديثة له عنوانها "الإخوان والثورة ..هل المصير واحد؟" فالسلطة العسكرية، تريد التخلص من القوى الحركية التي تحمل مشروعا إسلاميا، وتريد التخلص أيضا من كل القوى التي يمكن أن تُنجح الثورة، وكل القوى التي يمكن أن تكون سندا لتحول ديمقراطي حقيقي. فسلطة الانقلاب العسكري، تحارب جماعة الإخوان المسلمين لأنها قوة إسلامية ومنظمة، ولها قاعدة شعبية واسعة، وكذلك لأنها حركة تعمل من أجل التحرر والاستقلال وتحقيق أهداف الثورة والتحول الديمقراطي. لذا فالمعركة بين السلطة العسكرية والإخوان، كانت ستحدث حتى إن لم يكن الإخوان في الحكم قبل الانقلاب العسكري.
وكشف "حبيب" أن المواجهة تكررت بين السلطة المستبدة وجماعة الإخوان، ولكن هذه المرة تأتي المواجهة بعد ثورة شعبية، تمثل بداية النهاية للحكم المستبد. ولم يعد من الممكن العودة مرة أخرى لمراحل النضال السياسي قبل الثورة، وكأن الثورة لم تقم. فقيام ثورة يناير يمثل بداية للمرحلة الأخيرة من النضال ضد الاستبداد. أصبح الفصل بين معركة الانقلاب العسكري ضد الثورة، ومعركته ضد جماعة الإخوان المسلمين مستحيلا. كما أن الفصل بين معركة السلطة العسكرية ضد الثورة وضد الديمقراطية وضد الهوية الإسلامية، مستحيلا أيضا.
وكل القوى التي تجمعت ضد الانقلاب العسكري، أصبح مصيرها مرتبطا بمصير الثورة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين. فلا يمكن أن نتصور أن يكون لجماعة الإخوان المسلمين مستقبل مختلف عن مستقبل الثورة.
بين الإقصاء والاحتواء
ويرى "حبيب" أن محاولة إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من العملية السياسية، وتحجيم دورها الاجتماعي، وربما إقصائها اجتماعيا ودينيا أيضا، لم يعد لها أي معنى عملي. فواقعيا لا توجد حياة سياسية بسبب عسكرة المجال السياسي برمته، لذا فلا معنى لإقصاء الإخوان من عملية سياسية لا توجد أصلا. ومشكلة سلطة الانقلاب، أنها لم تتمكن من تشكيل مجال سياسي ديكوري وتحت السيطرة، بل هدمت المجال السياسي برمته، حيث تم عسكرة كل العمل السياسي، مما جعل استراتيجية إقصاء الإخوان من العملية السياسية، بلا معنى. فالواقع أن سلطة الانقلاب، أقصت كل القوى من المجال السياسي، ولم تبقِ إلا قوى ترضى بدور الديكور السياسي.
وإذا كانت سلطة الانقلاب اتجهت سريعا نحو استراتيجية الإقصاء، فإن أي محاولة لاحتواء جماعة الإخوان المسلمين داخل عملية سياسية مقيدة، لم يعد لها معنى. والداعم الغربي للانقلاب كان يريد احتواء الإخوان داخل عملية سياسية مقيدة، أما الداعم الخليجي فقد عمل من أجل إقصاء الإخوان بالكامل.
ولأن سلطة الانقلاب بدأت بالإقصاء ثم عسكرة المجال السياسي بالكامل، فلم يعد من الممكن أن تعود إلى استراتيجية الاحتواء مرة أخرى. ومن الواضح أن سلطة الانقلاب لا تستطيع فك قيود العسكرة عن المجال السياسي، بعد أن اعتمدت على تجميد وعسكرة الحياة السياسية حتى تستمر. وبالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين لم يعد لإقصائها من العملية السياسية أي معنى، فلا توجد عملية سياسية أصلا. مما يعني أن إقصاء الإخوان لن يؤدي إلى نتيجة، لأنه ليس إخراجا لهم من عملية سياسية قائمة، بل هو نتاج للغياب الكامل للسياسة.
عسكرة المجال السياسي
ونبه "حبيب" إلى أن عسكرة المجال السياسي وتجميده تؤدي ضمنا لفتح المجال العام كله أمام المواجهة بين الانقلاب والثورة، لأن تغييب العملية السياسية يجعل المسار الوحيد المتاح هو مسار النضال الثوري، دون أي بدائل سياسية أخرى. واتباع سلطة الانقلاب استراتيجية القمع الأمني يغيّب أي حضور للسياسة، ويجعل السلطة مجردة من أي معنى سياسي، وتمثل أداة قمع فقط. ومع حضور القمع الأمني وغياب السياسة، يحضر الفعل الثوري، ليصبح واقعيا، هو دليل الحضور السياسي.
بهذا المعنى، نجد أن قوى تحالف الشرعية ورفض الانقلاب، لها بالفعل حضور سياسي، ولا يمكن احتواؤها سياسيا، أو إقصاؤها سياسيا، لأن العمل السياسي أصبح مواجهة بين الفعل الثوري وآلة القمع الأمني. وكل قوة حاضرة في مشهد الحراك الثوري، تصبح حاضرة سياسيا. ولأن الحراك الثوري هو فعل شعبي في الشارع، فلا يمكن أن تتمكن سلطة من إقصاء أي طرف له حضور في حراك شعبي في الشارع، فلم يعد الحضور الرسمي في العمل السياسي له أي معنى بعد أن أصبح العمل السياسي غائبا ومجمدا بالكامل.
الاستئصال
وتحت عنوان "الاستئصال" رصد "حبيب" لأن سلطة الانقلاب مندفعة في استراتيجية البديل الواحد، وهي استراتيجية القمع، لذا فإنها اندفعت في محاولة تفكيك جماعة الإخوان المسلمين، واستئصالها. ومع تجريم جماعة الإخوان المسلمين وإعلانها تنظيما إرهابيا، دخلت السلطة العسكرية في معركة استئصال رسمية، حتى تنهي وجود الإخوان. وأصبح استمرار الحراك الثوري دليلا على استمرار وجود جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك كل القوى الإسلامية المناهضة للانقلاب العسكري، بل وأصبح استمرار الحراك الثوري دليلا على استمرار حضور المشروع الإسلامي واستمرار حضور التيار الحامل للهوية الإسلامية.
• اتباع السلطة العسكرية لاستراتيجية الصدمة والرعب والقمع الأمني الشامل جعلها لا تملك إلا بديلا واحدا.. الهروب إلى الأمام حتى السقوط |
Facebook Comments