دراسة: 90% من المباني مخالفة.. ومقتل 8 بانهيار عقار “الساحل” برقبة الحكومة

- ‎فيتقارير

خبراء: 2 مليون عقار آيل للسقوط بمحافظات مصر
كتب – أنور خيري
لقي ثمانية مواطنين مصرعهم، مساء السبت، في انهيار إحدى العمارات السكنية بمنطقة الساحل بشبرا. وقال مدير إدارة الدفاع المدني في القاهرة، اللواء جمال حلاوة، في تصريحات صحفية، إن "القوات تمكنت من انتشال ثماني جثث، بينهم خمسة أطفال وسيدتان، فيما أصيب آخرون، جراء انهيار عقار قديم في منطقة الساحل وسط القاهرة".

وأرجع مصدر أمني انهيار المبنى إلى أنه "قديم ومكون من ثلاثة طوابق، فيها تصدعات حاول صاحبه ترميمها".. فيما أفاد مصدر طبي أن "عدد الوفيات وصل إلى ثمانية أشخاص، بينهم خمسة أطفال، وثلاث إصابات، وتم نقلهم جميعا إلى مستشفى الساحل، شمال القاهرة.

وشهدت مصر انهيارات مبان؛ نتيجة البناء العشوائي، وعدم الالتزام بقوانين البناء، أو تعلية المباني بلا تراخيص قانونية، بجانب الفساد الذي يضرب الادارات المحلية.
ويرجع خبراء في الإسكان أزمة انهيارات العقارات القديم إلى ارتفاع أسعار الشقق والمباني والعقارات التي بات يتحكم بها محتكرون مقربون من النظام الحاكم، وما يفاقم الأمر ، اتباع وزارة الاسكان نظام المزايدات في توزيع العقارات والأراضي التي غالبا ما يستولي عليها غير مستحقيها، مما يدفع ساكني العقارات القديمة إلى التمسك بالاقامة في المباني الايلة للسقوط، هربا من نار الأسعار.

قنبلة موقوتة
كما يرجع الخبير في التخطيط ونظم المعلومات المهندس سامي فرج أزمة العقارات الآيلة للسقوط ؛ إلى البناء العشوائي دون الإلتزام بالمواصفات الهندسية، وغياب الإشراف والرَّقابة من المهندسين المتخصِّصين على أعمال التصميم والتنفيذ، وانعدام الصيانة الدورية للمباني، وتدهْـوُر حالة المرافق من مياه وصرف صحي، وهو ما يؤثر بالسَّلب على صِحة المبنى، سوء استخدام العقارات في غير الغرض السّكني، بجانب إهمال المسؤولين في المحليات للدّور المنوط بهم، فضلاً عن التكدّس السكاني في العقارات".

فيما أكدت دراسة بجامعة القاهرة مؤخرا، أن 90% من عقارات مصر مخالفة وأن 50% من تلك العقارات تحتاج للصيانة؛ بينما نعيش على قنبلة موقوتة اسمها العقارات الآيلة للسقوط، وفي محافظات الجمهورية 2 مليون عقار آيل للسقوط و132 ألف قرار إزالة مجمَّدة.
من بينها ؛عقارات الخطورة الداهمة في حي وسط القاهرة، تضم مناطق الحسين والجمالية والدرب الأحمر والحمزاوي والأزهر والباطنية وباب الخلق، وهي تلك المناطق التي تشكل مصر الفاطمية، وتضم 38 ألف عقار، منها عقارات أثرية يقع أسفلها 55 ألف محل تمثل ثروة لسكانه وشاغليه، وهي أقدم عقارات أحياء القاهرة؛ حيث مرَّ على معظمها أكثر من 150 عاما، وصنف منها 433 عقارا تحت بند الخطورة الشديدة.

وفي تقرير لمحافظة القاهرة؛ احتلت أحياء وسط القاهرة النصيب الأكبر من قرارات الإزالة بعدد 2700 عقار، فيما بلغ إجمالي القرارات بالمحافظة 8800 عقار، وتلتها أحياء المنطقة الجنوبية 2500 عقار؛ حيث المناطق الشعبية بالسيدة زينب والخليفة ومصر القديمة، التي تشكِّل نسيج وروح القاهرة الشعبية، ثم 2000 عقار في أحياء المنطقة الشمالية شبرا والساحل وروض الفرج والزاوية والشرابية وحدائق القبة والزيتون.

فساد المحليات
كما أكدت دراسة لوزارة الإسكان، أن الفساد فى المحليات أهم أسباب انهيار العقارات، وأن 10% من الثروة العقارية مهددة بالانهيار، و50 مليار دولار مهددة بالضياع، و50% من العقارات لم تجر صيانتها منذ إنشائها، و200 ألف قرار تنكس وإزالة لم تنفذ بسبب الرشاوى.

وتحتل القاهرة الكبرى المركز الأول فى العقارات الآيلة للسقوط، و40% من أحيائها بحاجة ماسة إلى إعادة تجديدها، ومحافظة الإسكندرية أصدرت 57 ألف قرار إزالة لم يتم تنفيذها، بينما تحتل محافظة أسيوط المرتبة الأولى فى عدد المخالفات.

ولفتت الدراسة إلى أن أكثر من 90% من العاملين بالإدارات الهندسية، الموجودة فى 27 محافظة، و186 مركزًا، و92 حيًا، و1411 وحدة محلية، و214 مدينة، غير متخصصين، فهم من حملة المؤهلات المتوسطة، وهم المسؤولون عن قرارات الإزالة وتحصيل رسوم المخالفات.

كما تكشف الإحصائيات الصادرة عن وزارة التنمية المحلية، أن إجمالي عدد قرارات الهدم الصادرة لمبان على مستوى الجمهورية بلغ 111 ألفًا و875 قراراً، تم تنفيذ 69 ألفاً منها، و648 قراراً مطعون عليها أمام القضاء، وصدرت أحكام نهائية بشأن 9527 قراراً. وتمثل حالات الخطورة الداهمة، والمهددة بالانهيار 1838 مبنى، في حين بلغ عدد قرارات الترميم 98 ألفًا و392 قراراً، تم تنفيذ 39 ألفاً و97 قراراً منها، بنسبة 40% تقريبا.

وفي السياق ذاته، حدد تقرير صندوق تطوير العشوائيات 189 مدينة بها عشوائيات، تم حصر 304 مناطق غير آمنة، منها 31 منطقة خطيرة يجب هدمها، و186 منطقة خطيرة بدرجة أقل، وهي عشش متهدمة، و54 منطقة خطيرة بدرجة ثالثة.

فيما يرى خبير الإنشاءات محمد صلاح أن حل تلك الأزمة ، يستوجب الاسراع في "مشروع الرقم القومي للعقار" والمُدوَّن فيه كل بيانات العقار من تاريخ إنشائه، ومواصفاته وأعمال الترميمات التي تمّت عليه وسجل الصيانة المُرتبِط به… إلخ، كل هذا يجب أن يكون متوافرا في قاعدة معلومات قومية ضخمة لجميع العقارات الموجودة على مستوى الجمهورية".

وأضاف صلاح: تسهل تلك القاعدة المعلوماتية، توجيه فِرق هندسية لمُعاينة العقارات وكتابة تقرير فنّي عن حالة كلِّ عقار على حِدة، وِفق الوضع الحالي، ومن ثَـمّ وضْع علامات حمراء على العقارات الخطِرة وعلامات صفراء على العقارات التي تحتاج إلى صيانة أو أعمال ترميم، وعلامات خضراء على العقارات الآمنة".