هويدي: الفضيلة الوحيدة للتطبيع أن اللعب والخيانة أصبحت على المكشوف

- ‎فيأخبار

كتب: حسين علام

كشف الكاتب الصحفي فهمي هويدي عن أن الفضيلة الوحيدة لأحاديث التطبيع في مصر على يد النظام الحالي هي أن اللعب فيها صار على المكشوف، إذ سقطت الأقنعة وغدا الكلام فيها مباشرا بغير مواربة أو حياء.

وقال هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم الثلاثاء، إنه حين رفض لاعب الجودو المصرى إسلام الشهابى مصافحة خصمه الإسرائيلى فى أوليمبياد ريو، فإن أحد المثقفين المصريين انتقده فى عمود نشرته صحيفة المصرى اليوم (عدد ١٤ /٨) تحت عنوان «سقطة الشهابى»، أما الرسام البرازيلى فينى أوليفيرا فقد كانت له قراءة مختلفة للمشهد.. ذلك أنه رسم المتصارعين المصرى والإسرائيلى، لكنه أظهر العلم الإسرائيلى على صدر الأخير وهو يقطر دما. وأوحى بذلك للقارئ أن المصارع المصرى لم يرَ الإسرائيلى رياضيا ولا مصارعا، لكنه رآه قاتلا واستحضر التاريخ فى قطرات الدماء التى هطلت من العلم. وكان ذلك تعبيرا بليغا صوّر المفارقة بين مثقف مصرى من أنصار التطبيع سقطت القضية من ذاكرته، وبين فنان برازيلى شريف ظلت القضية حاضرة فى وعيه.

وأضاف أن هذه اللقطة تشكل مدخلا لقراءة خطاب دعاة التطبيع من جانب المثقفين المصريين والعرب. ذلك أن أغلبهم  سقطت من ذاكرته الجريمة التاريخية، بحيث لم يعد يرى سوى اتجاهات الريح والحسابات السياسية الراهنة، موضحا أن هذا التجاهل لقضية الاغتصاب والاحتلال يعبر عن خلل فادح آخر فى الرؤية يهز أساس نظرية الأمن القومى المصرى والعربى. ذلك أن فكرة إقامة دولة لليهود إذا كانت حلما راود قادة الحركة الصهيونية منذ القرن التاسع عشر فإنها أيضا كانت استجابة للحرص الغربى على تطويق مصر وإقامة رأس حربة للغرب فى المشرق العربى.

وتابع: "أى قارئ لتاريخ الحركة الصهيونية يعرف جيدا أن من بين الأفكار المبكرة التى طرحت لإقامة وطن قومى لليهود أن تكون شبه جزيرة سيناء أو أوغندا مقرا له. والأولى داخل حدود مصر والثانية لدى منابع نيلها. وقد تحدث وزير المستعمرات البريطانى فى عام ١٩٠٣ عن حكم ذاتى لليهود فى أوغندا. كما سافر إلى هناك لذلك الغرض وفد يمثل المؤتمر اليهودى العالمى. إلا أنه عاد غير مقتنع بالفكرة.

جرى الحديث أيضا عن وطن لهم فى ليبيا (على حدود مصر الغربية). ولكن رجحت فى النهاية أيضا فكرة إقامة الوطن فى فلسطين التى استمدت شرعيتها من الزعم الأسطورى بأنها «أرض الميعاد» التى خص الله بها «شعبه المختار». من ثم جاء اختيار فلسطين حلا توفيقيا استهدف إصابة ثلاثة عصافير بحجر واحد. الأول يلبى مطالب الوطن القومى الذى ألحت عليه الحركة الصهيونية. الثانى يهدد مصر ويراقبها. الثالث ينشئ القاعدة الغربية فى قلب العالم العربى".

وقال إن هذه الخلفية ظلت حاكمة للنظر المصرى إلى إسرائيل منذ ظهرت إلى الوجود. ومن ثم صارت أحد أهم أسس نظرية أمنها القومى. إلا أننا نسمع من دعاة التطبيع «اجتهادا» آخر يهدم النظرة من أساسها مستدعيا ثلاث حجج هى: أن إسرائيل اختلفت الآن وقدمت نموذجا مغايرا لذلك التى استقر فى أذهان جيلنا ــ وأنها صارت قوة مهمة فى المنطقة اقتصاديا وعسكريا الأمر الذى حولها إلى شريك فى رسم خرائطها وينبغى ألا تترك لتنفرد بذلك ــ الحجة الثالثة أن العرب قاطعوها طوال نحو سبعين عاما. لكن ذلك لم يغير شيئا، وإنما ظلت الرياح تجرى لصالحها طوال الوقت.

وأ,ضح أن الحجة الأولى هى الأخطر والأكثر تدليسا. ذلك أن «إسرائيل الجديدة» حسب تعبيرهم هى الأسوأ فى تاريخها ــ من حيث هى الأكثر استعلاء ويمينية وعنفا. مستشهدا بمقولات معارضين تاريخيين لسياساتها مثل ناعوم تشومسكى أستاذ اللغويات اليهودى الشهير المقيم فى الولايات المتحدة، و إسرائيل شاحاك الذى رأس منظمة حقوق الإنسان فى إسرائيل.

• أطلقت بلدية مدينة بيت شميش اسم الجندى اليور أذاريا، الذى اعدم الفتى الفلسطينى الجريح عبدالسلام الشريف فى مارس الماضى (هاآرتس ٣١/ ٣/ ٢٠١٦).

وكشف هويدي عن أن أفيجدور ليبرمان نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الحالى الذى يعد أحد رموز الإرهاب فى إسرائيل امتدح فى تصريح أخير العلاقة الاستراتيجية الناجحة بين إسرائيل ومصر. إذ اعتبرها أهم حليف لبلاده فى المنطقة. وهو ذاته الذى صرح فى عام 2009 بأن مصر أخطر على إسرائيل من إيران. أسوأ من ذلك أنه دعا إلى قصف السد العالى وإغراق مصر.

وقال من أغرب ما روج له المطبعون الادعاء بأن إسرائيل تخطط لبناء شرق أوسط جديد تحتل فيه دورا مركزيا، ولا ينبغى على مصر أن تقف متفرجة إزاء ذلك. فذلك مستوى آخر من التدليس والتغليط يعظم من الدور الإسرائيلى ويلغى على نحو مدهش العالم العربى والإسلامى. حيث لا يرى فيها سوى أنظمة منبطحة وشعوب عاجزة. وهم يتخذون لحظة الانفراط والانكسار الحالية من جانب الأنظمة لكى يبنوا عليها رؤية للمستقبل. غير مدركين أن تلك لحظة عابرة فى التاريخ، اسهم الانكسار والانكفاء المصرى بدور أساسى فى إطلاقها.

فى حين أن هذه ليست مصر الحقيقية. وأن الفوضى التى ضربت العالم العربى لا تعبر عن حقيقة الشعوب العربية. فضلا عن توتر العلاقات مع إيران أو مخاصمة تركيا ليس أبديا، ولكنه سحابة صيف لا تلبث أن تزول.

وأضاف "هم أيضا يسوغون الانبطاح بدعوى أنه بعد سبعين سنة من الخصام. فإن إسرائيل ازدادت تمكينا وقوة. بالمقابل فلا المقاطعة أفلحت ولا فلسطين تحررت ولا العالم العربى استفاق ونهض"، موضحا أن الفشل -إذا صح- فإنه يحسب على الأنظمة وليس على الشعوب. وأنه يعالج باستعادة صوت الشعوب ودورها وليس التسليم للعدو. كما يكون بالسعى للملمة الصف العربى والإسلامى وليس تجاهله والارتماء فى أحضان العدو.