كتب: أسامة حمدان
على ضوء الأخلاق التي ترسخها ظاهرة أغاني "التوك توك"، شهدت مدرسة "سنباط" الثانوية التابعة لإدارة زفتى بمحافظة الغربية، ظهر اليوم، نشوب مشاجرة بين طالبين داخل ساحة فناء المدرسة، حال انتهاء الفسحة المدرسية، وصلت إلى حد التشابك بالأيدي والتراشق بالألفاظ النابية بسبب خلافات على الكتب الدراسية ومع زملائهم الآخرين، ما تسبب في سقوط أحدهما مغشيا على رأسه فاصطدمت بأحد أرصفة مباني المدرسة، ما أدى إلى وفاته.
الأغاني الشعبية مثل أي مستحضر كيمائي يدخل إلى المخ في سرعة الرصاصة، منها ما هو شديد الخطورة إلى حد القتل، وتأتي في المقدمة تركيبة أغاني "التوك توك" وهى ظاهرة جديدة، ولكنها مخيفة من حيث الشكل والمضمون، نظرا للتحولات المجتمعية، في ظل الانقلاب الذي أفسد كل شئ في طريقه.
"مفيش صاحب يتصاحب" أغنية تنطلق من سماعة توك توك عالية.. أو من سيارة فاخرة.. أو في فرح شعبي.. مهما كان مكانك فبالتأكيد ستصل لك غنوة ربما لن تفهم كلماتها كاملة، ولكن ستلتقط منها بعض التعبيرات التي تكتشف أنها تحمل تهديدًا باستعمال السلاح والقتل.. وعلى طول كلمات الأغنية ستجد القصة تدور في منطقة تدعى عزبة محسن، وعن أولاد "سليم اللبانين"، وعلى الرغم من أنه لا أحد تقريبا يعرف عزبة محسن ولا أولاد سليم، ولكنهم أصبحوا كالأمر الواقع في حياتنا الآن.
تهدف أغاني التوك توك لجذب جمهور معين من الشباب في المناطق الشعبية عشاق تلك الأغاني، من خلال توليفة مدمرة ازدادت خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبحت ظاهرة منتشرة تطاردك في الميكروباص والتوك توك والمقاهي ،ومحلات الكشري وعصير القصب، والأدهى على الموبايلات الصيني الرخيصة والتي يحملها الشباب في المدارس.
مهرجان "مفيش صاحب يتصاحب" يقترب من تحقيق 10 ملايين مشاهدة على اليوتيوب، وتجاوز عدد جمهوره على "ساوند كلاود" 7 ملايين، ما يعني أن شريحة كبيرة من الشباب وطلاب المدارس تلوثت أسماعهم بتلك الكلمات، واخترقت عقولهم "مفيش صاحب يتصاحب مفيش راجل بقى راجل.. هنتعامل هيتعامل طلع سلاحك متكامل.. هتعورنى هعورك ونبوظلك منظرك.. هتجيب ورا تصبح مرا مالكش قيمه وسط البشرية "!
جريمة قتل طالب مدرسة "سنباط" لا تقع مسئوليتها على مدير المدرسة وحده، الذي فشل في إدارة توزيع الكتب، بل على سلطات الانقلاب التي تحرق الأخلاق وتدمر النذر اليسير الذي تبقى منها، عبر هذا الفلتان في الأغاني الشعبية المتعمد، هى ليست جريمة بكل تأكيد.. بل طامة كبرى، يجب عدم السكوت عنها لعدم تكرارها في مدارس أخرى.
Facebook Comments