كتب- بكار النوبي:
شهدت الأيام الأخيرة تصاعدا في أزمة مشروع بناء الكنائس على خلفية رفض الكنيسة للتعديلات التي أجرتها حكومة الانقلاب مؤخرا، وأصدرت الكنيسة بيانا بذلك، فيما اتهم المستشار مجدي العجاتي، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب بحكومة الانقلاب، الكنيسة بنقض عهدها بعد الاتفاق للمرة الثانية، الأمر الذي دفع الكنائس للدعوة إلى اجتماع عاجل غدا الأربعاء، وتدخل فوري من عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب لاحتواء الموقف واسترضاء الكنيسة.
وقالت مصادر حكومية مطلعة -حسب صحيفة المصري اليوم- إن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسى استدعى المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أمس، بشكل مفاجئ، لمناقشة أزمة مشروع قانون بناء وترميم الكنائس، الذى قوبلت مسودته الأخيرة باعتراضات من طوائف النصاري، بسبب التعديلات التى أجرتها الحكومة مؤخراً.
وأضافت أن إسماعيل انصرف من مقر مجلس الوزراء، ظهراً، رغم تحديد موعد انعقاد الاجتماع الأسبوعى لوزراء المجموعة الاقتصادية برئاسته، وأن المستشار مجدى العجاتى، ظل طوال الـ٤٨ ساعة الماضية، على اتصال شبه دائم برئيس الحكومة، بحثاً عن حل للأزمة مع الكنيسة.
أزمة المادة رقم 5
وأوضحت المصادر أن المادة ٥ من مشروع القانون والخاصة بالإبقاء على موافقة الجهات الرسمية لإصدار القرار النهائى ببناء الكنائس، تعتبر العائق الأساسى لتمرير القانون المقرر مناقشته فى مجلس الوزراء، الأسبوع المقبل، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الدولة.
وأشارت إلى أن مجلس الوزراء قرر تأجيل مناقشة مشروع القانون إلى الأسبوع المقبل، لإعادة النظر فى المادة التى يبحث العجاتى عن حل لها.

من جانبها، تعقد الكنائس المصرية الثلاث اجتماعات مكثفة خلال الساعات المقبلة لمناقشة التعديلات، تمهيداً للموافقة عليها أو رفضها، ودعا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، المجمع المقدس للكنيسة لاجتماع طارئ، صباح غد، لمناقشة التطورات الأخيرة، ليكون رأى الكنيسة صادراً عن المجمع المقدس.
وقال رفيق جريش، المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، إن الاجتماع الأخير بين الحكومة وممثلى الكنائس أسفر عن إلغاء عبارة «التنسيق مع الجهات المعنية» من المادة ٥، وتمت زيادة مواد القانون من ٨ إلى ١٠ مواد على أن تختص المادة ٩ بتنظيم الكنائس غير المرخصة، ويتولى مجلس الوزراء حصرها بشرط مرور عام على الصلاة فيها، تمهيداً لتقنين أوضاعها بعد صدور القانون مباشرة، فيما تحظر المادة ١٠ تحويل مبنى الكنيسة فى حالة إغلاقه لأى سبب من الأسباب إلى مبنى آخر ويظل مخصصاً للكنيسة.
وأصدر المكتب الإعلامى للطائفة الإنجيلية بيانا أعلن فيه أن القس أندريه زكى، رئيس الطائفة، دعا إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس الإنجيلى العام، لبحث الأزمة ذاتها.
أبرز الانتقادات
من جانبها قالت سوزي عدلي، نائبة ببرلمان العسكر، أن «التقرير الأخير من الحكومة بشأن القانون تضمن معوقات شديدة لبناء الكنائس"، لافتة إلى أنه من أبرز هذه المعوقات موافقة المحافظ على بناء الكنيسة بالتنسيق مع الجهات المعنية دون الإشارة لهذه الجهات؛ ما يجعل رفض بناء الكنيسة فيما بعد يعلق على الجهات المعنية غير المعلومة. وأشارت سوزي عدلي، في تصريحات صحفية إلى أن القانون اشتمل بند أن يتناسب عدد السكان مع المكان الذي تبنى فيه الكنيسة، رافضة هذا الأمر قائلةً: "كل ما نيجي نعمل كنيسة نعمل إحصائية ومين اللى يحدد العدد ينفع ولا لا، مؤكدة أن القانون يبدو في ظاهره جيد ولكن في باطنة أشواك".
العجاتي: الكنيسة نقضت عهدها
واتهم المستشار مجدى العجاتى، الكنيسة بنقض عهدها ورفض مشروع القانون بعد الاتفاق عليه، وكشف عن اتصال الأنبا بولا أسقف طنطا، مسؤول ملف العلاقات العامة بالكنيسة القبطية به، لإبلاغه برفض تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، للتعديلات التى اتفقت عليها الكنائس الثلاث فى اجتماع على أعلى مستوى ٦ ساعات مساء السبت الماضى، مشيرا إلى أن ذلك الأمر أحزنه.

وأضاف «العجاتى»، فى حواره اليوم مع صحيفة «المصرى اليوم»، «هذا المشروع أمضيت فيه حوالى ٥ أشهر فى مناقشات واجتماعات مع ممثلى الكنائس الثلاث، اتفقنا خلالها على بعض الأمور واختلفنا على أمور أخرى، وكنت فى اجتماع ٦ ساعات السبت الماضى على أعلى مستوى، واتفقنا على نسخة نهائية من مشروع القانون، وكنت فى غاية الفرح، ولكنى أبلغت فى المساء فى ذات اليوم، بأن تلك النسخة لم تلق قبولا حسنا من البابا تواضروس الثانى، من خلال اتصال هاتفى من الأنبا بولا، وأتعشم حل الموضوع فى أقرب فرصة، خاصة فى ظل حرص رئيس الوزراء الذى أبلغنى أنه فى حالة الاتفاق على نسخة من المشروع، سيقوم بتعجيل اجتماع مجلس الوزراء ليكون الإثنين أو الثلاثاء حتى يوافق المجلس عليه، ويعرض على مجلس النواب ليقره فى دور الانعقاد الحالى، تنفيذا للاستحقاق الدستورى الذى أوجب إصدار قانون بناء وترميم الكنائس فى أول دور انعقاد والذى سينتهى فى أوائل شهر سبتمبر القادم».
وعن بيان الكنيسة قال العجاتي «لست راضيا عما جاء فيه، ولا يعبر عن الحقيقة الواضحة بأننا حققنا نصرا وأملا كانا بعيدى المنال، ويجب أن نقر بهذا، فنحن وصلنا إلى مرحلة ممتازة من التفاهمات، لأول مرة المشروع ينظم عملية بناء الكنائس، تنظيما موضوعيا يستهدف استقرار الأوضاع، وبناء الكنائس طبقا لإجراءات علنية وميسرة».
بيان الكنيسة
وأصدرت الكنيسة يوم الخميس الماضي 18 أغسطس بيانا قالت فيه إنها فوجئت بتعديلات وإضافات وصفتها بـ"غير المقبولة" على مشروع قانون بناء الكنائس المنتظر عرضه علي البرلمان المصري، مشيرة إلى أن تلك التعديلات "تسبب خطرًا على الوحدة الوطنية".
جاء ذلك في بيان نشره بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية, عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتابعه مراسل الأناضول.
وأوضح حليم أن "ممثلي الكنائس المصرية (لم يحددهم) حضروا اجتماعًا مهمًا أمس اﻷربعاء ضم ممثلي جهات عديدة بالدولة (لم يذكرها) لمناقشة مشروع قانون بناء الكنائس المزمع إصداره، وقد فوجئت الكنيسة بتعديلات غير مقبولة وإضافات غير عملية".
ولم يحدد البيان الجهة التي قامت بالتعديلات ولا ماهيتها، كما رفض مصدر مسئول بالكنيسة، في حديث عبر الهاتف مع "الأناضول"، ذكر تلك الجهة، غير أن مشروع القانون يدرس حاليًا بين أروقة الحكومة.
وأضاف البيان، أن الكنيسة المصرية "تعلن أنها (أي التعديلات والإضافات) سوف تسبب خطراً على الوحدة الوطنية المصرية بسبب التعقيدات والمعوقات التي تحويها وعدم مراعاة حقوق المواطنة والشعور الوطني لدى المصريين اﻷقباط (المسيحيين)"، دون أي تفاصيل عن مضمون تلك التعديلات أو الإضافات.
واختتم المتحدث باسم الكنيسة بيانه، قائلاً: "مازال المشروع قيد المناقشة ويحتاج إلى نية خالصة وحس وطني عال ﻷجل مستقبل مصر وسلامة وحدتها".
وكان السيسي قد التقى وفدا كنسيا يوم الخميس 28 من يوليو الماضي على خلفية تهديدات غير مسبوقة من جانب البابا تواضروس والكاهن مرقص عزيز مخائيل الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية والذي وصف السيسي بأنه أسوأ رئيس جاء لحكم البلاد وأنه خان الأقباط الذي جاءوا به إلى الحكم وعايره بالمشاركة الواسعة للأقباط في مشهد 30 يونيو 2013 الانقلابي.
Facebook Comments