دراسة: (100 مليون صحة) حملة سيساوية مسيسة.. و”فيروس سي” نموذج للتقديرات الجزافية

- ‎فيتقارير

حذرت دراسة من أن قرض البنك الدولي لنظام الإنقلاب، والذي يقدر إجمالا بـ 530 مليون دولار، ويستهدف “مكافحة فيروس سي”، إلى جانب تطوير العديد من المستشفيات الحكومية ووحدات الرعاية الصحية الأولية والعمل على زيادة معدلات استخدام وسائل منع الحمل، امتداد لاتفاقيات قرض صندوق النقد الدولي التي أبرمها السيسي، يقود لتحرير الخدمة الصحية، وإلغاء الدعم عليها من خلال نظام التأمين الصحي الشامل، الذي يهدر حقوق المواطنين.

وأكدت الدراسة التي أعدها الباحث أمجد حمدي بعنوان “السياسات الصحية بعد 2013: فيروس سي نموذجاً” ونشرها موقع “المعهد المصري للدراسات” أن “وزارة الصحة” بحكومة الإنقلاب؛ خدعت الشعب، بعد استمرارها في التصريح من خلال مسؤوليها المتكرر بتقديرات وأرقام مبالغ فيها ومتضاربة، موضحا أنه وبناء على ذلك فإن مصر لا تمتلك حتى الآن أي تقدير حقيقي لحجم الإصابة بالفيروس لديها.

وأشار إلى أن الفحص الذي يمثل مرجعية تنبني عليه نسبة المرض في مصر التي تتبناها “الصحة” كانت عملية إجراء فحص عينة عشوائية لا تتعدى ال20 ألف مواطن عام 2008، ومنذ ذلك الحين ونحن نرسم السياسات عليه!

مجرد منفذ

وأكد “حمدي” أن النظام استغل نجاح “بروتوكول العلاج بالسوفالدي، من خلال ترويج أن السيسي عالج الشعب وتخلص من “فيروس سي”، وأن ما يتم في مصر معجزة ينظر لها العالم بعين التقدير والاحترام، وأن مصر استطاعت أن تحصل على العقار بـ 1% من ثمنه متفوقة على جميع دول العالم، وأن لديها تجربة في العلاج تدرس في جميع المحافل الدولية وفق تعبير وزير الصحة السابق أحمد عماد.

ولفت الباحث إلى حقيقة مهمة وهى أن مصر قامت باستيراد وتقديم العلاج للمواطن ولم يكن دور وزارة الصحة أكثر من منفذ لتسليم الجرعات للمواطنين الذين كانوا يترددون عليها بشكل شهري، وأنه لا يوجد لديها برنامج للعلاج كما تدعي.

واعتبر أنه من العبث تقييم ظاهرة ليست موجودة على أرض الواقع، وأن التقييم الوحيد المعترف به في مجال مكافحة “فيروس سي” هو تقييم السياسات الوقائية، ومصر حصلت على المركز الأخير على العالم في هذا المجال بشهادتها قبل شهادة منظمة الصحة العالمية.

التكلفة الحقيقية

وقدرت الدراسة ان التكلفة الإجمالية لا تزيد من ميزانيتها سنويا أكثر من 500 مليون جنيه للإنفاق على برنامج علاج “فيروس سي”، مشيرة إلى أن المبلغ ضعيف جدا مقارنة مثلا بما تنفقه الدولة في مؤتمرات شباب العالم التي تعقد بشرم الشيخ، ويحضرها خمسة آلاف شاب من مختلف دول العالم، وجيش من المسئولين والموظفين المرموقين بالدولة والممثلين للوزارات والهيئات الحكومية، ونفقات الإقامة وبدلات السفر، كذلك إجراءات التأمين المبالغ فيها، والحملات الإعلامية والترويجية للمؤتمر.

وأوضحت أن هناك تقدير آخر يجمل ما تم إنفاقه من علاج على نفقة الدولة وبرنامج التأمين الصحي لـ1،4 مليون مواطن ثلاثة مليارات جنيه على أقصى التقديرات التقريبية في ثلاث سنوات، بمعدل مليار جنيه سنويا فقط، أي أقل مما كان يتم إنفاقه على برنامج العلاج السنوي للإنترفيرون والذي كان يتكلف 80 مليون دولار سنويا أي ما يعادل مليار وأربعمائة ألف جنيه سنويا، شاملا الإنفاق الخاص.

جعجعة بلا طحين

وتناول الباحث تقديرات أعلنها الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان في 11 نوفمبر 2018، من أن حملة ال100 مليون صحة قامت بمسح 9 ملايين مواطن على مستوى محافظات المرحلة الأولى خلال أول 20 يوما. واعتبرت الدراسة التصريح بمثابة كذبة تضاف لغيرها، وقالت: “يصعب تصديق أن يناظر فريق عمل عدده أقل من 2000 موظف 9 ملايين مواطن في عشرين يوما فقط خصوصا وأن بيئة العمل المصرية داخل وزارة الصحة ضعيفة وبها مشاكل هيكلية كبيرة وكثير من الوحدات الصحية مغلقة أو معطلة وبها عجز شديد في الإمكانات والموارد البشرية. وأشار إلى أن غموضا وتكتما إعلاميا يصاحبه عدم وجود تغطية حقيقية، وفقرا شديدا في المادة الإعلامية عن الحملة، فقط تصريحات وزارة الصحة.

طابع سيسي

وعن طبيعة الحملة (100 مليون صحة) التي أطلقتها وزارة الصحة بحكومة الإنقلاب، أكدت الدراسة أنها حملة سياسية وليست فنية، مضيفة أن تسييس الحملة يرجع إلى عدة أمور أهمها، أن الحملة جاءت كمبادرة من عبدالفتاح السيسي – بالمخالفة للواقع -، وبالتالي فإن الرقم الذي طلب تحقيقه لابد من إعلان الوصول إليه بغض النظر عن تحقيقه من عدمه، لكن أحدا لن يسأل “كيف” يمكن الوصول إلى هذه الأرقام فأداة الاستفهام ” كيف ” غير موجودة في قاموس الاستبداد.

واستغربت الدراسة أن كل بيانات وزارة الصحة بخصوص حملة 100 مليون صحة تركز على الرقم فقط، ولا تذكر نتائج وأن الرقم الذي تم ترديده لم يصاحبه ذكر نتائج هذا المسح (9 ملايين مواطن) أو حتى مؤشرات أولية عن الأعداد المحتمل اكتشاف إصابتها بالفيروس.

“البنك” العميل

وأشار أمجد حمدي إلى علامات استفهام حول قرض البنك الدولي ومدى الاستفادة منه: تضارب التصريحات الصادرة من عمرو الشلقاني ممثل البنك الدولي في مصر والذي أكد مرة أن قيمة القرض ( 133 مليون دولار للوقاية و129 للعلاج )، ثم عاد وقال أن البنك الدولي قدم لمصر 429 مليون دولار لتنفيذ الحملة، بالإضافة إلى أن الدكتور عمرو الشلقاني هو مدير المكتب الفني السابق لوزير الصحة المصري وليس بعيدا عن صنع القرار داخل وزارة الصحة.

وبحسب الدراسة فإن لهذا ولغيره من الأسباب غض البنك الدولي الطرف عن ممارسات منها “السماح لرأس الانقلاب باستغلال القرض للترويج لنظامه من خلال إطلاق مبادرة إعلامية تروج للمشروع على أساس أنه مشروع الرئيس للحفاظ على صحة المصريين”.

مجموعة أكاذيب

وفي مقدمة الدراسة أشار الباحث إلى أن نظام 3 يوليو حاول الحصول على شرعية من خلال تبني سياسات عامة في مجالات مختلفة، والترويج أنها سياسات ناجحة، وبرز مؤخرا برنامج فيروس سي الذي حظي بدعاية حكومية وإعلامية كبيرة. فقد أكد عبدالفتاح السيسي في كلمته بمؤتمر حكاية وطن في يناير 2018 أن المشروع القومي لعلاج فيروس سي كان من أهم إنجازات فترة ولايته الأولى، وأن نسبة الشفاء من المرض بلغت 97%، حيث تم علاج 1،4 مليون مواطن بتكلفة تصل إلى 3،7 مليار جنيه.

كما أشار أحمد عماد وزير الصحة السابق إلى أن تجربة مصر في علاج فيروس سي فريدة وتدرس في جميع المحافل الدولية، حتى وصل الأمر إلى القول بأن روسيا الاتحادية والبرازيل والمغرب ودولة فرسان مالطا ودول أخرى تطلب نقل التجربة المصرية في العلاج وتتطلع إلى الحصول على الدواء المصري للاستفادة من التجربة الناجحة!

السياسات الصحية بعد 2013: فيروس سي نموذجاً