بدأت سلطات الانقلاب في العمل على طرح مقرات الوزارات والهيئات الحكومية القديمة إلى البيع، بعد أن يتم إخلاؤها في غضون الأيام المقبلة، ونقل العاملين بها للعاصمة الإدارية الجديدة؛ حيث أعلنت حكومة الانقلاب أنه سيتم نقل 50 ألف موظف للمقرات الجديدة في غضون شهور قليلة، تنفيذًا للبرنامج الذي وضعه نظام الانقلاب، من أجل بيع المقرات القديمة بوسط العاصمة فورًا للمستثمرين الأجانب.
وبدأت بالفعل حكومة الانقلاب، برئاسة مصطفى مدبولي، عقد لقاءات دورية لمتابعة إجراءات انتقال الحكومة والهيئات التابعة لها إلى العاصمة الإدارية الجديدة؛ حيث يتم بعد انتقال آلاف الموظفين للعاصمة الإدارية (50 ألف موظف دفعة أولى) تسليم شركة العاصمة الإدارية الحي الحكومي من شركات المقاولات المنفذة للمشروع في يوليو القادم، على أن تُمارس حكومة الانقلاب عملها بالكامل من هذا الحي في النصف الثاني من عام 2020؛ حيث تنتقل الدواوين الرئيسية للوزارات وبعض الهيئات ومجلس الوزراء والبرلمان كمرحلة أولى يعقبها نقل جميع الهيئات التابعة كمرحلة ثانية.
وتشتمل المقرات القديمة التي سيطر عليها نظام الانقلاب تمهيدًا لبيعها، ونهب ثرواتها، على عشرات المقار الأثرية الغنية؛ حيث إن بعضها عبارة عن قصور تاريخية غاية في الجمال استولى عليها نظام الراحل جمال عبد الناصر، مثل مجلس الوزراء ووزارات الصحة والتربية والتعليم والأوقاف والخارجية القديم، وغيرها.
ونقلت صحيفة “الأهرام” الحكومية عن طارق عطية، المتحدث باسم اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية، أن معظم المباني التاريخية مسجلة كتراث معماري، خاصة في منطقة الزمالك والقاهرة الخديوية، وبعضها لا يزال يستغل كمنشآت إدارية تابعة للوزارات الأخرى، بل إن بعض هذه القصور في أوقات سابقة قام أصحابها ببيعها إلى بعض رجال الأعمال الذين قاموا بهدمها وبناء أبراج بدلاً منها.
وطالب عطية بأن تشمل عملية التطوير لهذه المقار إعادة النظر في البنية التحتية والمرافق العامة وفق اُسلوب حديث لا يسمح بتكرار عمليات الحفر والتنقيب التي شوهت المظهر الجمالي للشوارع والميادين، ولا بد من الاهتمام بالحدائق العامة لجذب الزوار وعودتها إلى سابق عصورها كما هي الحال في حدائق الأزبكية والأندلس والأسماك وحديقة الحيوان بالجيزة، وبما يساعد أيضًا في جذب المستثمرين غلى إقامة المتنزهات والكازينوهات وأماكن الترفيه المختلفة.
وأضاف عطية أن المباني الحكومية تأخذ 3 أشكال؛ الأول منها غير مسجل في الآثار ولا ينتمي إلى الطراز المعماري الفريد، وهذا النوع يمكن إزالته أو تغييره، أما المباني التاريخية المعمارية الفريدة فيجري تطويرها وتجميلها وكذلك المباني الأثرية يجري ترميمها فقط وعودتها إلى هيئة الآثار.
مليارات في جيوب العسكر
ونقلت الصحيفة عن اللواء أحمد زكي عابدين، رئيس شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية حول عدد المقرات التي ستنقل بأن رئيس الحكومة الانقلابية قرر المتابعة الدورية للترتيب لنقل هيئة الحكومة بأجهزتها ووزاراتها المختلفة والمحدد لها أنها ستمارس عملها في العاصمة الإدارية في النصف الثاني من العام المقبل، وسيكون على رأسها مجلس الوزراء والوزارات وبعض الهيئات ويصل عددها إلى 34 وزارة وهيئة في المرحلة الأولي، ويستوعب هذا الحي الحكومي أكثر من 50 ألف موظف ويقع على مساحة 550 فدانا، وسيكون تسليم هذه المباني للوزارات في النصف الثاني من العام الجاري وتنفذ هذه المنشآت حاليًا أكثر من 18 شركة مقاولات.
شركة العسكر تحصل على ثمن المقرات القديمة
وكشف عن أن شركة العاصمة ستحصل على المقابل النقدي لبيع بعض المقرات القديمة التي سيتم إخلاؤها داخل القاهرة في شكل حصص من الأسهم بعدما تئول تبعية هذه المباني والمقرات إلى الصندوق السيادي؛ حيث يعاد تقييمها وبحث أفضل الأساليب لاستغلالها، سواء من خلال استخدامها في مشروعات استثمارية خدمية أو إنتاجية لصالح المواطنين أو بيعها أو تأجيرها على أن يئول العائد إلى شركة العاصمة الإدارية من وراء ذلك.
وقال: إن المقرات الحكومية الأثرية وعددها محدود ستئول إلى وزارة الآثار لتدار كمنشآت أثرية بعد ترميمها وتجميلها باعتبارها مزارات أثرية، مؤكدًا أن المباني المقرر إخلاؤها لم يحدد سعرها بعد.
وأضاف أن الشركة تنفذ حاليًا حيًّا للمال والأعمال على مساحة 195 فدانا في العاصمة الإدارية وسيضم عددا من مقرات البنوك وكبريات المؤسسات المالية والشركات التجارية الاستثمارية، ومثل هذه الأحياء ستكون بنظام القرى الذكية، مؤكدًا أن جميع موارد الإنفاق على المشروعات ذاتية من حصيلة بيع الأراضي وبعيدة عن موازنة الدولة، كما أنه سيتم تشييد قطار كهربائي من العباسية إلى العاصمة الإدارية لتسهيل وصول الموظفين اليها.
فيما كشف محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري عن أنه تم تشكيل لجنة قومية برئاسة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء السابق تضم الهيئة العامة للتخطيط العمرانى ومحافظة القاهرة وشركة مصر لإدارة الأصول العقارية وهيئة الآثار لفحص هذه العقارات وبيان الأساليب المقرر بترميمها وإعادة الروح البنائية الفريدة لها سواء كان المبنى بعد إخلائه أثريا أو حضاريا، مؤكدا ان لديه خطة لإعادة الوجه الحضاري للقاهرة الخديوية وتدخل ضمنها الأبنية التي سيتم إخلاؤها بعد نقل دواوين الوزارات إلى العاصمة الإدارية ويصل عددها إلى أكثر من 70 مبنى فى شكل فيلات وقصور وأبنية ذات طراز حضارى فريد والخطة تتضمن إنشاء ممرات للمشاة داخل أروقة العاصمة وتجميلها مع التركيز على مضاعفة المساحات الخضراء.
ونقلت الصحيفة عن المهندسة فتحية شتيوى رئيس شركة مصر لإدارة الأصول العقارية أن حكم المحكمة الدستورية الصادر العام الماضى والقاضى بإلزام جميع الشركات الحكومية أو الاستثمارية التى تستأجر مقرات أو مباني من شركة مصر لإدارة الأصول العقارية بأن تقوم بتسليمها للشركة، خاصة وأن البرلمان سيناقش حكم الدستورية، وسيشرع قانونا خاصا يلزم هذه الشركات – سواء كانت حكومية أو خاصة – بتسليم هذه المقرات لأنها مبان تاريخية فريدة كان يتملكها أجانب هاجروا للخارج بعد ثورة 1952، أو لورثة مصريين لم يعثر لهم على وريث، وهى متميزة فى الطراز المعماري، مشيرة إلى أن الشركة باعتبارها إحدى شركات القابضة للتأمين فإنها تستحوذ على 351 عمارة تاريخية على مستوى محافظات مصر، معظمها يتركز في القاهرة والإسكندرية حيث يوجد فى القاهرة الخديوية ما يقرب من 75 عمارة بنيت معظمها فى عهد الخديوى إسماعيل الذى كان يرغب فى أن يجعل مصر قطعة من أوروبا والقاهرة جزءا من باريس، فكانت القاهرة مصرية الملامح فرنسية التخطيط.
وقال زاهى حواس، رئيس المجلس الأعلى للآثار الأسبق: إن منطقة وسط البلد يمكن إعادة تخطيطها لتكون منشآت سياحية وبازارات ومسارح ودور عرض سينمائى لأنها أعظم منطقة غنية بالطرز المعمارية الفريدة على مستوى العالم حيث تجمع ثقافات معمارية عديدة، لذا يجب استخدام هذه المنطقة كمتاحف قومية وعالمية ومراكز للفنون الجميلة والتشكيلية لجذب أنظار الفنانين من مختلف دول العالم لوضعها على خريطة العواصم الفنية والثقافية العالمية.
وطالبت سهير زكي، المستشارة المعمارية لتجميل القاهرة الخديوية، بالإبقاء على المباني الحكومية التي تقدم خدمات فعلية للمواطن وإخلاء الدواوين الإدارية التى ليس لها تعاملات مباشرة وابقاء هذا الوضع حتى الانتهاء من المشروع القومى لميكنة الخدمات على مستوى الوزارات بالكامل لتنتقل كل الأبنية الإدارية الى العاصمة الإدارية، مع مراعاة أن تتم أعمال التجميل فى الشوارع والميادين والحدائق التراثية ثم واجهات هذه المبانى وكذا المباني التي يتم إخلاؤها، ثم بعد اكتمال ميكنة الخدمات يتم إصلاح البنية الأساسية لهذه العمارات التي تهالكت نتيجة استخدام حجراتها وبدروماتها كورش ومخازن علاوة على غياب أعمال الصيانة الدورية.
وطالبت بتدبير الموارد المالية اللازمة للتطوير والصيانة لان الموارد المتاحة ضئيلة مقابل نفقات المشروع التى تستهدف تطوير 500 مبنى حكومى وخاص و35 شارعا وميدانا، حيث إن تحصيل هذه الموارد ناتج عن المبالغ الرمزية التى تدفعها الشركات المالكة لهذه العمارات وتبرعات البنك الأهلى المصرى واتحاد البنوك وجزء من النفقات التى تقدمها محافظة القاهرة.
وقالت إن القاهرة الخديوية تحتوي على أكثر من 80 فندقا بعضها تابع للحكومة والبعض الآخر تابع للقطاع الخاص على أن توضع خطة لتجميلها والنهوض بها بشكل يليق بقاهرة المعز لدين الله وجعلها مزاراً سياحياً تاريخيا جذاباً للسياح من مختلف دول العالم وقد شرعت شركة (ايجوث) القابضة للسياحة فى اعمال التطوير وتجميل عدد من هذه الفنادق أبرزها (الكونتيننتال) بميدان الأوبرا.