ماذا يفعل “دحلان” أفعى الإمارات المتجولة في السودان؟

- ‎فيعربي ودولي

تشير المعطيات الواردة من السودان إلى أن السعودية والإمارات والسفيه السيسي استطاعوا احتواء المجلس العسكري في الخرطوم، وأكدت مصادر أن مخابرات تلك العصابة تمكنت من تحقيق “نجاحات مهمة” في التأثير على قرارات المجلس العسكري بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، من خلال الدعم المالي الضخم المقدم على شكل ودائع مليارية.

وحاولت مخابرات الدول الثلاث التأثير في قرارات المجلس العسكري بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان من خلال الدعم المالي؛ بهدف مسك زمام الأمور والتدخل في قرارات تلك الدولة، ومحاولة تحقيق نصر بشكل أو بآخر، بينما نجحت الدوحة في الوقوف بجانب المطالب الشعبية.

صحيفة “واشنطن بوست” تؤكد، في تقرير لها، أن المحاولات السعودية الإماراتية المصرية جاءت بنتائج عكسية على المنظومة السودانية، إذ يشكك المحتجون في ساحات الاعتصام بالسودان في دوافع تلك الدول؛ لتقديمها الدعم المالي للمجلس العسكري الانتقالي.

مهمة دحلان

وتُبين التقارير الواردة من الخرطوم أن الثوار ينادون بشكل علني بقطع يد المخابرات الإماراتية المصرية في السودان؛ لعلمهم أن تدخل هذه الأجهزة سيكلف الثورة الكثير، كما حدث في مصر ودول عربية أخرى. وذكرت مصادر سودانية مطلعة، أن القيادي الفلسطيني الهارب محمد دحلان، والمقرب من ولي عهد أبو ظبي يتواجد في السودان، برفقة وزير إماراتي، وذكرت المصادر التي نقلت عنها صحيفة “القدس العربي”، أن دحلان وصل إلى الخرطوم على متن طائرة إماراتية برفقة وزير دولة إماراتي، لم تذكر اسمه.

وأضافت أن القيادي الفلسطيني، اجتمع مع قيادات في المجلس العسكري، فضلا عن لقاءات مع قادة أحزاب سودانية، ويتخوف الناشطون السودانيون من الدور الإماراتي في بلادهم، وحرفه عن مسار ثورتهم، وقد رُفعت في اعتصام وزارة الدفاع لافتات منددة بالتدخل الإماراتي  السعودي المصري.

وفي ذات السياق، تتواصل زيارات قيادات حزبية سودانية إلى دولة الإمارات سرا، الأمر الذي أثار مخاوف لدى كثير من المعتصمين السودانيين، ونشرت صحيفة “الجماهير” الإلكترونية السودانية أن مريم الصادق، نائب رئيس حزب الأمة، كانت آخر الزائرين سرًا إلى أبو ظبي.

ويبدو المشهد داخل مقر الجيش السوداني أكثر اضطرابا منذ قرر المتظاهرون ضرب اعتصامهم أمام المقر في السادس من أبريل الماضي، بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات المتواصلة التي بدأت في ديسمبر نهاية العام 2018، مطالبين العسكر بالانحياز إلى الثورة وإبعاد البشير ورموز نظامه.

اضطراب ذاق المعتصمون السلميون أول لعناته في الثامن من أبريل بعد يومين فقط من اعتصامهم؛ إثر قيام قوات الأمن الموالية للحكومة والوحدات التابعة لجهاز المخابرات والأمن بإطلاق النار على المعتصمين السلميين، وهو ما تسبب في ظهور أولى علامات الانقسام داخل الإخطبوط الأمني لنظام البشير، خاصة مع انحياز بعض أفراد ووحدات الجيش لصفوف المتظاهرين وقيامهم بإطلاق النار دفاعا عنهم.

صراع دولي

لكن الصراع حول مستقبل الانتقال السياسي في السودان لا يبدو مقتصرا على الصدامات الداخلية بين الأجهزة الأمنية، أو حتى صراع الإرادات بينها وبين المتظاهرين السلميين المتمسكين بنقل السلطة لحكومة مدنية، لكنه أصبح فيما يبدو محطة في الصراع الأوسع نطاقا حول الربيع العربي والتغييرات السياسية والاجتماعية المرتبطة به في المنطقة، بين الشعوب المتطلعة للحرية والديمقراطية، وبين الأنظمة الإقليمية الأوتوقراطية السلطوية التي تحمل جدول أعمال واضحًا مناهضًا للديمقراطية والحكم الشعبي.

ويأمل محور عصابة الخليج والسفيه السيسي أنه سيكون قادرًا في نهاية المطاف على تثبيت أركان نظام عسكري جديد موالٍ له ومعادٍ للإسلاميين في السودان، البلد الذي تم حكمه من قِبل نظام إسلامي عسكري لأكثر من ثلاثة عقود، ويسعى المحور لاستغلال نفوذه السياسي الحالي في أمريكا لمنع واشنطن من تسمية الاستيلاء العسكري على السلطة على أنه “انقلاب”، بما قد يتبع ذلك من احتمالية تقديم أي مساعدات اقتصادية وأمنية، وبالتالي ضمان الدعم الأمريكي للنظام الجديد بعد التخلص من الوجوه القديمة وعلى رأسهم الموضوعون على قوائم العقوبات الأمريكية.

ويبقى هذا السيناريو أحد أكثر السيناريوهات الكابوسية لثورة السودان التي يراد لها اليوم أن تنتهي بين مخالب الثورة المضادة، لكن يبقى الأمل في أن ثوار السودان، وعلى عكس ثوار الربيع العربي الذين أخذهم محور الثورات المضادة على غرة أحيانا وبقلة وعي منهم أحيانا أخرى، يبدون أكثر وعيا بتجربتهم.

وهم متمسكون بتسليم السلطة بشكل فوري إلى حكومة مدنية، ما يعني أن الأسابيع القادمة ستشهد صراع إرادات بين المتظاهرين السودانيين الشباب الذي خرجوا لاستعادة بلادهم من أيدي نظام استبدادي، وبين الطغمة العسكرية والقوى الإقليمية التي تسعى لاختطاف ثمار الثورة السودانية وإعادة السودان إلى عصابة عسكرية تشبه ما حرى في مصر.