الصحافة الأجنبية: أحكام قضية “خاشقجي” تستهدف إفلات الأمراء القتلة

- ‎فيجولة الصحافة

أجمعت الصحف الأجنبية على أن الأحكام التي أصدرها النائب العام السعودي، أمس الثلاثاء، في قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي تستهدف بالأساس إفلات الأمراء القتلة من العقوبة.

وقضت محكمة سعودية، الاثنين، بإعدام خمسة أشخاص- لم تذكر أسماءهم- والسجن 24 عاما لثلاثة آخرين، فيما برّأت أبرز المتهمين، المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني، ونائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، وآخرين.

وقالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إن من أدينوا في قضية مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي، هم مجرد “مهرجين” انتهى دورهم. وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب سايمون تيسدال، أن المتورطين الحقيقيين في القضية ما زالوا خلف الستار، ولم تتم محاكمتهم بالطريقة الصحيحة.

وبحسب الصحيفة، فإن الحكم بهذه الطريقة “لن يؤدي إلى إغلاق الموضوع، لأن الاغتيال الوحشي لخاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول العام الماضي شوّه صورة المملكة وجلب لها العار، وأضر بسمعتها الدولية لفترة طويلة قادمة، كما شوه صورة محمد بن سلمان نفسه بشكل لا يمكن إصلاحه”.

وتابعت أن “الأحكام جاءت بعد محاكمة تفتقر إلى أي إجراءات قانونية مناسبة، بما يعني أن هذه الجريمة الشنيعة ستلطخ ضمير أسرة آل سعود بأسرها بشكل لا يمكن محوه”. ونوهت الصحيفة إلى أن جريمة اغتيال خاشقجي والفضيحة الدولية، هي بمثابة “الحصاد المر” لمشوار الأمير محمد بن سلمان.

وفي سياق تعليقها على هذه الأحكام، قالت صحيفة “واشنطن بوست”، في افتتاحيتها، إن الحكم الصادر بحق من اتهموا بجريمة قتل خاشقجي يعد “سخرية من العدالة”. وتقول الافتتاحية، إن “السعودية قدمت صورة معيبة وساخرة للعدالة في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.

وتشير الصحيفة إلى أنه “لم يتم تحديد هوية أي منهم، لكنّ الرجلين المعروفين اللذين أديا دورا في الجريمة، وهما نائب مدير المخابرات السابق أحمد عسيري، ومستشار ولي العهد محمد بن سلمان، سعود القحطاني، تمت تبرئة ساحتهما، وربما تمت البراءة بناء على توجيهات ولي العهد، الذي قام، كما قالت المخابرات المركزية، بتوجيه الجريمة”.

وترى الافتتاحية أن النتيجة هي إهانة لعائلة خاشقجي، وللذين طالبوا بمحاسبة حقيقية في القضية كلهم، وبينهم نواب الكونجرس، محذرة من أن “القبول الدولي بهذه الأحكام لن يكون فقط تصرفا خاطئا، بل هو خطير أيضا، وسيرسل رسالة إلى الحاكم السعودي المتهور، مفادها بأن مغامراته الإجرامية تم التسامح معها”.

وتنوه الصحيفة إلى أن التحقيق الذي قامت به المقررة الأممية في قضايا القتل خارج القانون والإعدام الفوري، أغنيس كالامار، أثبت أن رئيس الفريق ناقش تقطيع جثة خاشقجي قبل دخوله إلى القنصلية، وقالت يوم الاثنين: (بحسب مصادري، فإن المدعي العام أكد أنَّ قتل خاشقجي كان متعمدا مع سبق الإصرار والترصُّد، لكنَ ولي العهد أكَد أنه كان حادثا عرضيا، مع وجود أدلة تثبت العكس.. خمنوا من الذي اتبع القاضي كلامه؟)”.

وتقول الافتتاحية: “ما كان من المحتمل أن يعرقل محمد بن سلمان مسار العدالة بوقاحة شديدة كهذه، لولا الدعم الذي حصل عليه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأصدر البيت الأبيض بيانا يوم الاثنين يثمن فيه الحكم، واصفا إياه بأنه خطوة مهمة في محاسبة المسئولين عن هذه الجريمة البشعة”.

وتقول صحيفة “نيويورك تايمز”، في مقال لمدير مكتبها في بيروت بن هبارد، إن “الأحكام التي أعلن عنها متحدث باسم الحكومة، يوم الاثنين، تعكس الرواية السعودية بأن قتل الصحفي لم يكن بأمر من الديوان الملكي، لكنه كان قرارا وليد اللحظة للعناصر على الأرض، وهي رواية تتعارض مع مؤشرات كثيرة بأن العناصر وصلوا إلى إسطنبول العام الماضي بنية القتل ومعهم الأدوات لفعل ذلك”.

ويشير الكاتب إلى أنه مع أن الأحكام قابلة للاستئناف، إلا أن صدورها أثار مخاوف احتمال أن تقوم السعودية بقطع رؤوس من قاموا بعملية القتل، وتحمي الذين أمروا بالقتل، فيما تنكر المملكة أي تورط لولي العهد والحاكم الفعلي، محمد بن سلمان، أو كبار مستشاريه الذين يقول المحللون الأجانب، إنهم ربما كانوا خلف جريمة القتل، مشيرا إلى أن الخبيرة التابعة للأمم المتحدة، التي حققت في جريمة القتل، وصفت الأحكام بأنها “سخرية”.

وتذكر الصحيفة أن المحاكمة، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، أحيطت بالسرية، فلم تفصح المملكة عن أسماء المشتبه بهم، فيما تم تحليف الدبلوماسيين الأجانب الذين حضروا جلسات المحكمة بأن يحافظوا على سرية تلك الجلسات.

وينقل هبارد عن الباحث في الشأن السعودي لدى “هيومن رايتس ووتش”، آدم كوغل، قوله إن المحاكمة غير الشفافة ومعاملة الحكومة الشاملة للقضية أظهرتا الحاجة لتحقيق مستقل، وأضاف: “إن تبرئة القيادة على المستوى الرفيع من أي مسئولية في مقتل جمال خاشقجي تثير قلقا حول عدالة إجراءات المحكمة. إن تعامل السعودية مع جريمة القتل، من الإنكار التام للجريمة إلى تحميلها لعملاء صغار في محاكمة افتقرت إلى الشفافية، يؤكد الحاجة إلى تحقيق جنائي”.