شاهد| أزمة جديدة بين الأطباء ووزارة الصحة واستمرار نزيف الهجرة للخارج

- ‎فيتقارير

مجددًا عادت أزمة الأطباء إلى صدارة المشهد في مصر، وعاد معها الحديث عن ظروف عمل الأطباء الذين قرعوا أجراس الإنذار عشرات المرات، وخاضوا 4 إضرابات عارمة منذ اندلاع ثورة 25 يناير احتجاجًا على هذه الظروف.

البداية هذه المرة جاءت من طريق المنيا الذي شهد الحادث المأساوي لمصرع الطبيبات الثلاث وإصابة أخريات كن في طريقهن لحضور تدريب إلزامي بالقاهرة، رغم إبداء تخوفهن من حوادث الطريق السريع، وتجاهل مطالبهن لإرجاء موعد السفر ليوم واحد في سبيل تمكينهن من استقلال القطار، لتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي استياءً وغضبًا من وزارة الصحة، بعدما كشفت الطبيبات الناجيات عن تهديدهن بالندب إلى مناطق نائية حال اعتذارهن عن حضور الدورة التدريبية، وتجاهل مسئوليها طلب إعفاء بعضهن لأسباب قهرية، فقد كانت بينهن الطبيبة العروس سماح نبيل، وكانت بينهن الطبيبة راعوس أشعيا التي فقدت جنينها ومستقبلها أمًا بعد استئصال رحمها.

أما برلمان الانقلاب فقد اكتفى بتوجيه عبارات التنديد وطلبات الإحاطة، وهو على بعد يومين فقط من إخراجه مشهدًا هزليّا لمناقشة أول استجواب ضد الحكومة منذ انعقاده، والذي كان أيضا ضد وزيرة الصحة بشأن تهالك مستشفى بولاق العام، حين تحولت الجلسة إلى محفل للإشادة بأداء السيسي في ملف الصحة، لتخطو نقابة الأطباء خطوة جديدة في مسار ثورتها على ظروف العمل القاسية في مصر، معلنة تقدمها ببلاغين للنائب العام وهيئة النيابة الإدارية لفتح تحقيق جنائي وإداري في جميع الملابسات والقرارات التعسفية التي أدت لوقوع هذا الحادث الأليم.

وقد تضمَّن البلاغ ارتكاب وزارة الصحة مخالفات إدارية تتمثل في التعسف في تنفيذ التعليمات الصادرة من وكيل وزارة الصحة بالمخالفة للمادة 70 من قانون الطفل بشأن الطبيبات الحوامل، فضلًا عن تهديد المعتذرين عن حضور الدورة التدريبية بإخضاعهن للتحقيق أو ندبهن إلى مناطق نائية بالمخالفة لنصوص قانون الخدمة المدنية.

وكانت نقابة الأطباء قد كشفت عن استقالة 3500 طبيب من وزارة الصحة خلال العام 2019م.

وبحسب بيان لها، فقد أرجعت النقابة السبب إلى التعسف الإداري بحق الأطباء وعدم مراعاة ظروفهم بالإضافة إلى ضعف الرواتب.

وحذَّرت النقابة من ارتفاع وتيرة استقالات الأطباء، خلال العام الجاري، لا سيما بعد حادث طبيبات المنيا نتيجة الاستهانة بأرواحهم.

واستهجن البيان الأوامر الإدارية المفاجئة للأطباء بالانتداب لمحافظات أخرى خلال يوم واحد دون مراعاة ظروفهم.

قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، فصلا جديدا من ثورة الأطباء على ظروف العمل المؤسفة في مصر.

الدكتور أحمد رامي، النقابي والمحلل السياسي، رأى أن الأزمات التي يتعرض لها الأطباء في مصر ترجع إلى تراجع أولوية الصحة لدى نظام الانقلاب العسكري، ما تسبب في انخفاض عدد الأطباء بنسبة 9%، وفقًا لبيان جهاز التعبئة والإحصاء لعام 2018.

وأضاف رامي أن عدد أطباء الصيادلة المصريين في بريطانيا ارتفع في عام 2018 بمقدار 1300 طبيب، جميعهم هربوا من مصر إلى بريطانيا، مضيفا أنَّ إجمالي عدد الأطباء في مصر يقدر بنحو 240 ألف طبيب، وإجمالي من يمارسون المهنة داخل مصر 110 آلاف، وهناك 130 ألف طبيب هربوا من مصر، ونصفهم موجود في دول الخليج.

وأوضح رامي أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ذكر أن عدد المستشفيات العامة التي افتتحت خلال الفترة من 2013 إلى 2016 كانت 5 مستشفيات فقط على مستوى الجمهورية، وكشف عن انخفاض عدد الأسرَّة في المستشفيات الحكومية بمقدار 428 سريرا، في ذات الفترة .

وأشار رامي إلى أن عدد الأطباء المحبوسين في سجون الانقلاب في 2016، كان 1233 طبيبا، بالإضافة إلى تعرض الأطباء في مستشفى المطرية للضرب بالأحذية في عهد السيسي من قبل أمين شرطة، مضيفا أن الربع الأخير من العام الماضي شهد وفاة 18 طبيبا أثناء العمل، إما لظروف الإصابة بالعدوى أو بسبب ظروف وضغوط العمل.

ولفت رامي إلى أن فلسفة نظام السيسي قائمة على عدم احترام كرمة الإنسان، وبالتالي لن يهتم بالصحة أو التعليم، مضيفا أن الطبيب المقيم في الرعاية المركزة يتقاضى 60 جنيها.

https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/480047769325110/?v=480047769325110

وقال الدكتور مصطفى جاويش، المسئول السابق بوزارة الصحة: إن الأسباب الحقيقية لاستقالات الأطباء بهذا العدد الكبير ترجع إلى معاناة الأطباء من ظروف صعبة جدًا بسبب نقص الإمكانيات والموارد والتجهيزات التي تمكّنهم من تقديم الخدمة للمواطنين، فضلا عن تدني الأجور والتعسف الإداري بحقهم.

وأضاف جاويش، في مداخلة هاتفية لقناة “وطن”، أن الأطباء بحاجة إلى تدريب؛ لأن هناك قصورا شديدا في تدريبهم، وهو ما يدفعهم للاستقالة من وزارة الصحة والعمل في بيئة آمنة، وسط خبرات وإمكانيات كبيرة تمكنهم من أداء عملهم وتطوير مستواهم.

وأوضح جاويش أن الاستقالات الجماعية للأطباء من وزارة الصحة تكشف القصور وعدم التخطيط الجيد من جانب الوزارة للمستقبل، وأيضا عدم وجود نية لديها لتقديم خدمة جيدة، مضيفا أن وزيرة الصحة تحدثت خلال الاستجواب ببرلمان الانقلاب عن المبادرات الرئاسية والتعليمات التي تتلقاها، وليس ما تخطط له الوزارة، وبالتالي هي مجرد سكرتارية للسيسي.

وأشار إلى أن دور النقابات ومؤسسات المجتمع المدني بات مهمشا في عهد السيسي، مضيفا أن النقابة طلبت عقد لقاء مع الوزيرة خلال الفترة الماضية لبحث أزمة أطباء التكليف، وتهربت الوزيرة منهم ورفضت اللقاء.