«حراس المعبد».. ترامب رسول الصهيونية المسيحية ولن يفرط فيه الغرب!

- ‎فيتقارير

“محاكمة ترامب.. مساءلة ترامب.. عزل ترامب”، كلها عبارة عن زوبعة في فنجان وفقاعات إعلامية فقط، لن يتم عزله، بل سيفوز بفترة رئاسية ثانية؛ لأن ترامب ونوعية ترامب من اليمين المتطرف يُراد لهم أن يحكموا في الغرب، هكذا يريد حراس المعبد الماسوني .

واختار ترامب عددًا من أبرز وأشهر المحامين لتمثيله وتعزيز موقفه في محاكمته أمام مجلس الشيوخ، فقد ضم ترامب إلى فريق الدفاع: المستشار القانوني المستقل كين ستار الذي عرف بدوره في الإعداد لإجراءات محاكمة الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1998، والمحامي الشهير آلان ديرشويتز الذي ترافع في محاكمة لاعب الكرة “أو.جي سيمسبون”.

ويعكس اختيار البيت الأبيض لهذين الاسمين رغبة في تبرئة ترامب، وفي تحقيق انتصار على صعيد الحرب الإعلامية التي لا بد أن تؤثر على مسار الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويقود الفريق “بات سيبولون”، مستشار البيت الأبيض، فيما يقدم الادعاء والدفاع خطابهما الافتتاحي، يوم الثلاثاء المقبل، بشأن لائحة اتهام ترامب، التي تتضمن إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس على خلفية اتصاله بالرئيس الأوكراني.

المسيحيون الإنجيليون

يأتي ذلك في وقت تسعى فيه الصهيونية المسيحية للتأثير على السياسة الأمريكية فيما يخص قضايا الشرق الأوسط، ولا سيما القضية الفلسطينية وقضية القدس خاصة، وذلك من خلال إقامة الشبكات والمؤسسات التي مكنتها من تعبئة وسائلها الإعلامية والانتخابية والمالية، وتتركز آليات هذا التأثير في طرق العمل السياسي السائدة، من ذلك على سبيل المثال مراقبة تغطية الإعلام للتطورات السياسية، وكذلك التواصل مع من يقومون بزيارات رسمية للولايات المتحدة.

ولجأ مراقبون سياسيون أمريكيون إلى مقاربة دينية، والبحث عن أسباب قرار ترامب في المعتقدات الدينية المشتركة بين أنصاره من المسيحيين الأمريكيين الإنجيليين المؤمنين باقتراب نهاية العالم وظهور المخلص، مع الجماعات الدينية اليهودية المتشددة، خصوصًا المنظمات اليهودية الأمريكية الأرثوذكسية، التي تقوم أيديولوجيتها الدينية على الدعوة إلى الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإقامة هيكل سليمان الثالث مكان المسجد الأقصى.

ويُمكن الإشارة إلى أهم العقائد التي تتميز بها الطائفة الإنجيلية على النحو التالي:

– الإيمان بظهور السيد المسيح مرة ثانية.

– الإيمان بالحرب في آخر الزمان أو الـ “ارمجدون” وانتصار المسيح في هذه الحرب واستتباب السلام في العالم.

– الإيمان بوجود جثمان النبي سليمان تحت المسجد الأقصى، ويعتقد الإنجيليون أن المسجد الأقصى هو محكمة السيد المسيح، ويجب إعادة بنائه.

– الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى أنشأ البيت المقدس لليهود، وأن حكومة السيد المسيح سوف تكون في البيت المقدس. بالإضافة إلى ذلك، يعتقدون أن “إسرائيل” والصهيونية هي مخطط من الله تعالى للشرق الأوسط والعالم.

– يعتقد الإنجيليون أنه مع ظهور الدجال (شخصية شريرة في الطوائف المسيحية والإسلامية)، سيؤمن اليهود بالمسيح، وسيهاجر جميع اليهود إلى فلسطين في آخر الزمان.

ووفقا لمعتقدات هذه الطائفة، يمكن أن نفهم سبب أهمية فلسطين المحتلة المحورية لهذه الطائفة، وفي الحقيقة أن هذه الطائفة تؤمن بأن البيت المقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة ستكون عاصمة حكومة السيد المسيح في آخر الزمان.

القدس

وتُعَدُّ الجالية اليهودية في الولايات المتَّحدة الأمريكية هي الأكبر في العالم على الإطلاق، وذلك بفضل عدد أتباعها الذي يتراوح بين خمسة ملايين وسبعة ملايين شخص. وبحسب العديد من الإحصاءات فإنَّ عدد أتباعها يفوق حتى عدد اليهود المقيمين في دولة إسرائيل.

واليهود الأمريكيون يعتبرون ليبراليين وناخبين تقليديين للديمقراطيين: في عام 2016 صوَّت واحدٌ وسبعون في المائة من اليهود لصالح هيلاري كلينتون، وفي عام 2008 حصل باراك أوباما على دعم ثمانية وسبعين في المائة من اليهود في البلاد.

وعلى الرغم من انتقاداتهم فإنَّ ترامب يشير في الكثير من خطاباته إلى اليهود ويُقدِّم نفسه كمدافع مفترض عن مصالحهم. وفي خطابه في مؤتمر منظمة اللوبي الصهيونية المحافظة “لجنة الشؤون الأمريكية الإسرائيلية العامة” شدَّد ترامب على أنَّ القدس هي “العاصمة الأبدية للشعب اليهودي” وأنَّه يعمل بالنيابة عن اليهود.

وفي خطابه هذا تحدَّث بحماس حتى عن ابنته إيفانكا، الحامل بـ”طفل يهودي”. وقال إنَّ هذا الطفل سيكون سعيدًا أيضًا بكون القدس عاصمة لإسرائيل. ولكن في آخر المطاف فإنَّ الرئيس الأمريكي لا يعمل باسم غالبية اليهود في الولايات المتَّحدة الأمريكية، بل من أجل إرضاء الإنجيليين، أي الأصوليين المسيحيين.

ويشكل المسيحيون الإنجيليون، بحسب التقرير، زهاء 13% من سكان العالم المسيحيين، وحوالي ربع سكان الولايات المتحدة، وهم يعتبرون الآن المجموعة الدينية الأمريكية الأكثر تعاطفا مع إسرائيل.

البيت المقدس!

والإنجيليون تيار نشأ من داخل الديانة المسيحية البروتستانتية، والذي بدأ في أوروبا في فترة القرن الثامن عشر، ومصدر اسم الحركة هو الكتاب المقدّس لدى المسيحيين، والذي دعت الحركة إلى جعله مركزيا في الحياة اليومية للمؤمنين، ويقع المركز الأكبر للإنجيليين اليوم في الولايات المتحدة، ولديهم مراكز أخرى أيضا في هولندا، ونيوزيلندا، وأستراليا.

و”الصهيونية المسيحية”، هي ظاهرة دينية شائعة في أجزاء مختلفة من العالم المسيحي، ويؤمن المسيحيون الإنجيليون بأنّ هجرة اليهود لإسرائيل، وإقامة الدولة اليهودية هي جزء ضروري من عملية الخلاص المسيحية.

وفي 16 يناير الجاري 2020 تحلّق مبشرون إنجيليون معروفون حول ترامب في إحدى أكبر كنائس ميامي، متضرعين إلى الله ليسانده، مجددين إيمانهم بدوره، كقائد سياسي، في تحقيق نبوءات الكتاب المقدس.

لا يمثل ترامب شخصية تتمتع بالقيم الأخلاقية أو الدينية التي يدافع عنها المسيحيون المحافظون، فهو رجل مطلق، وارتبط اسمه بفضائح مع ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز. ورغم أنّه “خاطئ”، فإنه يحظى بدعم كبير من الإنجيليين.

“حين تقول لا للرئيس ترامب، كأنك تقول لا لله”، تصرخ القسيسة باولا وايت، المستشارة الروحية الخاصة بالرئيس الأمريكي، في إحدى عظاتها المتلفزة، وعيّنت الواعظة الشهيرة قبل شهرين على رأس “مبادرة البيت الأبيض للإيمان والفرص”، وهي واحدة من أثرى وأبرز وجوه التبشير التلفزيوني الإنجيلي في الولايات المتحدة.

كانت باولا وايت أوّل امرأة في التاريخ تتلو الصلاة خلال مراسم تنصيب رئيس أمريكي عند أداء ترامب اليمين في العام 2017، في إحدى عظاتها المنتشرة على الانترنت، تقول: “حين أطأ أرض البيت الأبيض، فإنّ الله يطأ أرض البيت الأبيض. لديّ كامل الحقّ والسلطة لأعلن البيت الأبيض أرضا مقدسة، لأنّني كنت أقف هناك، وكلّ مكان أقف فيه هو مكان مقدّس”.

وفتحت المذبحة الدموية التي شهدتها مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا مؤخرا، والتي قتل خلالها إرهابي يتبع الطائفة الإنجيلية الصهيونية، خمسين شخصا في مسجدين بالمدينة خلال صلاة الجمعة، الباب على مصراعيه أمام نقاش واسع، حول تأثير صعود أحزاب اليمين الشعبوي المتطرف في أمريكا والغرب، وخاصة في أوروبا، وما يشكله خطابه السياسي من خطر، قد يُزيد الميل إلى ارتكاب أعمال إرهاب من قبل تابعيه بحق مسلمين.