“تمزيق الأوراق”.. على من تضحك الحكومات العربية التي وافقت على صفقة القرن؟

- ‎فيتقارير

مصرحٌ للزعماء العرب وحكوماتهم وبرلماناتهم أن يسبُّوا أمريكا وإسرائيل علنًا ليرضوا شعوبهم، ولكن غير مصرح لهم أن يقوموا بأي تحرك جاد على الأرض ليوقفوا تمدد إسرائيل، وترجو الشعوب من الحكام ألا يستمروا في تلك المسرحية بخطابات رنانة، وإنما تريد الشعوب منهم العمل على أرض الواقع.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي برد رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، على صفقة القرن المشبوهة خلال اجتماع الاتحاد البرلماني العربي في العاصمة الأردنية عمّان، حيث ألقى بنسخة من خطة ترامب المزعومة للسلام في سلة المهملات.

وُلدت ميتة

ويظهر الفيديو رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، وهو يلقي بنسخة “صفقة القرن” إلى سلة المهملات خلال اجتماع الاتحاد البرلماني العربي في العاصمة الأردنية عمّان.

وخلال خطابه في الاجتماع، أمسك الغانم بمجلد صفقة القرن، وقال: «باسم الشعوب العربية أقول إن هذه صفقة القرن ومكانها مزبلة التاريخ»، ملقيًا بها إلى سلة المهملات، وأكد الغانم أن صفقة القرن وُلدت ميتة ولن تنفعها ألف إدارة.

في عام 1973 وفي خضم حرب السادس من أكتوبر بين مصر وإسرائيل، لجأ العرب إلى استخدام النفط كسلاح فعال ضد الولايات المتحدة وكل الدول الغربية التي دعمت إسرائيل في حربها، وارتفع سعر النفط آنذاك أربعة أضعاف، ما دفع بالاقتصاد الأمريكي ومعها اقتصادات الدول الغربية إلى جوف ركود اقتصادي خانق استمر سنوات، وتسبب في ظاهرة واسعة للبطالة في الدول الصناعية الكبرى.

وفي عام 1979 وبعد زيارة أنور السادات إلى إسرائيل والتفاهم بشأن مسار السلام المصري الإسرائيلي، جمَّدت الجامعة العربية عضوية مصر، ونقلت مقرها من القاهرة إلى تونس، وفرضت مقاطعة اقتصادية على القاهرة.

واليوم يُملي عمليًّا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على الفلسطينيين شروط الاستسلام الإسرائيلية دون ردود فعل رسمية نارية من العواصم العربية.

بل صدرت بيانات خجولة في بعض الدول العربية، تحمل بعض العبارات الرافضة للخطة ولكن دون بيانات رنانة وطنانة، على عكس ما كان في الماضي، وزاد الطين بلة أنّ سفراء بعض الدول مثل دولة الإمارات والبحرين وعمان كانوا حاضرين أثناء إعلان ترامب ونتنياهو ما يسمى بـ”صفقة القرن”.

خريطة جديدة

والأكثر من ذلك لفتًا للانتباه هو ما قاله السفير الإماراتي في واشنطن بعد إعلان ترامب، حيث وصف خطة الرئيس الأمريكي بـ”الخطة الجدية” وبـ”نقطة انطلاق مهمة” لمفاوضات مستقبلية تحت رعاية الولايات المتحدة، حسب تعبيره!.

أسئلة كثيرة تنتظر إجابات في العالم العربي في قادم الأيام، هل ستُعقد قمة عربية طارئة للرد على خطة ترامب للسلام؟ وهل سيُبدد الزعماء العرب آمال ترامب ونتنياهو ولن يشتروا بضاعتهم؟ وهل ستشهد العواصم العربية “انتفاضات” بعد ما باتت هناك قناعات أن العالم العربي في سبات عميق؟.

لا يُراهن الشارع العربي كثيرا على قيادته السياسية، ويدركون بألم أن الحواضر العربية القاهرة، بغداد، ودمشق، قد استُنزفت بالانقلابات وصراع الجيوش ضد الشعب، والخليج خاضع للسيطرة والابتزاز والتهديد بـ”البعبع” الإيراني، وإن كان من فعل يُنتظر للمواجهة فهو فلسطيني بامتياز.

إنهاء اتفاقية أوسلو، هذا ما بدأ يتحدث عنه قادة فلسطينيون، ووقف التنسيق الأمني، والأهم إنجاز المصالحة الفلسطينية للتصدي ليس لـ”صفقة القرن” فقط؛ بل للغطرسة الإسرائيلية، حين يُعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، في تغريدة له بعد خطاب ترامب، “لن نعترف بدولة فلسطينية تحت أي ظرف”.

ومهما امتلك كيان العدو الصهيوني من قوة غاشمة؛ فإنه لن يستطيع أن ينهيَ وجود الشعب الفلسطيني، ومهما امتلكت الإدارة الأمريكية من سطوة على الزعماء؛ فإنها قد تشتري قبولهم أو سكوتهم، لكنها لن تستطيع تغيير حقائق التاريخ والجغرافيا، وأنَّ نشْر ترامب خريطة جديدة لفلسطين حلم ساذج لن يتحقق.

إسرائيل بقوتها وجيشها عاجزة عن التصدي للقنبلة الديموغرافية لفلسطيني الداخل، فهي ترى حتى وإن شجعت الهجرة غير الشرعية لليهود من كل أصقاع العالم، ستصبح بعد عقد أو عقدين من الزمن أقلية حتى داخل حدودها، فكيف سيصبح مصيرها مع إقليم عربي لن يعترف بشرعيتها؟ ولن يقبل وجودها؟.