تدوير النفايات الطبية.. جريمة برعاية العسكر لا تقل خطرًا عن “كورونا”

- ‎فيتقارير

بثَّت قناة مكملين فيلمًا وثائقيًّا بعنوان “اقتصاد العسكر” يكشف عن حقائق ومعلومات جديدة حول سيطرة الجنرالات على الاقتصاد في مصر، وتضمن الفيلم شهادات لعدد من المحللين السياسيين والاقتصاديين الذين كشفوا تفاصيل احتكار الجيش مجالات الاستثمار في مصر ومنافسة الشركات الكبرى المحلية والأجنبية، بالإضافة إلى تحول عقيدة الجيش من صناعة الذخيرة والأسلحة إلى صناعة أواني الطهي وإنتاج السلع الغذائية!.

كما كشف الفيلم عن أسماء بعض القيادات العسكرية التي تتحكم في الاقتصاد المصري، فضلا عن إجبارهم للشركات المدينة المنافسة بالانسحاب من الأسواق لفتح الطريق أمام شركات الجيش، التي تحولت عقيدة قياداته من حماية الحدود إلى حماية “البيزنس”.

وبسبب شهوة الجنرالات الطامحين بتحقيق الثراء السريع، وتحقيق ثروات كبيرة، اضطر آخرون مدنيون إلى سلوك نفس المسلك لجمع الأموال وارتكاب جرائم لا تقل خطورة عن جرائم العسكر، تضر بصحة المواطنين وتفتك بحياتهم، من خلال جمع مخلفات النفايات الطبية الخطرة ومخلفات البطاريات الكهربائية، لإعادة تدويرها وتصنيع منتجات منها، مما يسبب العديد من الأمراض أبرزها السرطان.

منتجات مغشوشة

وتحت سمع وبصر حكومة العسكر وشرطتها وجيشها، تعمل مصانع أقطان عشوائية بتجميع مخلفات المستشفيات ونفايات البطاريات الكهربائية وإعادة تدويرها بدون ترخيص سوى دفع أموال من تحت المنضدة للمسئولين، للسماح بالمنتجات المغشوشة والمقلدة الضارة بالبيئة ذات التأثير المباشر القاتل على صحة المصريين.

وتقوم تلك المصانع بتجميع كميات كبيرة من النفايات القطنية “شديدة الخطورة”، من مخلفات المستشفيات وإعادة تدويرها بالمخالفة للقانون، واستخدامها فى تصنيع الملابس والوسائد والمراتب ولعب الأطفال، ونفايات البطاريات الكهربائية والمكونات الداخلية لأجهزة الهواتف المحمولة والحاسبات الآلية، والتي تحتوى على مادة الزئبق المسببة للسرطان وأمراض أخرى وإعادة تدويرها وتحويلها لمواد خام أولية وترويجها لمراكز الصيانة الإلكترونية.

بدورها، قالت الدكتورة علا علي، مديرة إدارة التفتيش على المنشآت الصحية بجهاز شئون البيئة، إن المخلفات الإلكترونية تحتوي على عناصر سامة وخطيرة جدا، منها الرصاص والزئبق، إلى جانب البلاستيك، وتؤثر على الصحة الإنسانية بصفة عامة، وتضر بخلايا المخ وتؤدي إلى أنواع عديدة من السرطانات.

وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941، والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأي طريقة من الطرق”.

إلا أن سببًا خطيرًا يدفع القطاع المدني لارتكاب تلك الجرائم الخطيرة، وهو أن القطاع العسكري لم يترك له مجالا لأكل العيش واكتساب المال الحلال. وبعد انقلاب 3 يوليو عام 2013، تمتعت الشركات العاملة في حقل الإنتاج المدني التابعة للجيش بشكل عام بمميزات وامتيازات غير مسبوقة، ووزارة الإنتاج الحربي بشكل خاص.

تسقط مصر!

وبالرغم من أن هذه الشركات كانت تعاني من انخفاض الإيرادات في فترات سابقة خاصة مع قوة القطاع المدني، إلا أنه وبعد الانقلاب العسكري توسعت وزارة الإنتاج الحربي بشكل غير مسبوق لتصل توقعات إيرادات تشغيل شركاتها لقرابة 15 مليار جنيه في عام 2018، وهو ما يعد خمسة أضعاف ما كانت عليه في عام 2013 قبل استيلاء السفيه السيسي صاحب الخلفية العسكرية على الحكم.

وبعد قيام جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي بانقلابه العسكري في 03 يوليو 2013م، تبنت قيادات المؤسسة العسكرية الحاكمة نهجا جديدا لإدارة الملف الاقتصادي داخل الدولة المصرية، يتحول بموجبه الجيش من كونه لاعبا كبيرا في الاقتصاد المصري إلى وضعية الفاعل المهيمن المسيطر على الاقتصاد المصري ككل.

ومنذ اللحظة الأولى، بعد الانقلاب العسكري، وطبقًا لخطة الاستحواذ على منظومة الاقتصاد حددت القيادات العسكرية الحاكمة آليات لتنفيذ ذلك المخطط، وهو التركيز أولا على الكيف وليس الكم، مع اعتبار أن الكم سيأتي في مرحلة الاستحواذ التام، ولكن الكيف والذي يعني المفاصل المؤثرة للاقتصاد المصري هو أولويات المؤسسة العسكرية حالياً في السيطرة عليها، وبناء عليه وضع الجيش يده على أهم الملفات الاقتصادية داخل الدولة المصرية.

وعلى سبيل المثال: قطاع المقاولات والبنية التحتية، قطاع الاتصالات، قطاع الصحة وسوق الأدوية، المشروعات القومية، القطاع العقاري وما يرتبط به من صناعات، مجالات الصناعة الكيماوية والتعدين، مجال الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية، مجال الاستزراع السمكي، إنتاج وتجارة اللحوم الحمراء والبيضاء، لبن الأطفال، استيراد القمح، والسكر، تنفيذ مشروع بطاقات التموين.

وأصبح التصنيع العسكري أمرًا غير ضروري لعصابة الانقلاب، وأصبحت السيطرة على الحياة الاقتصادية من أولويات ذلك النظام، كما أن تحول الجيش المصري من كونه لاعبًا رئيسًا إلى فاعل مهيمن ومسيطر، يعني أنه يسير نحو السيطرة التامة على كافة الجوانب الاقتصادية، فلذلك فإن المستثمرين الأجانب ورجال الأعمال المصريين والمؤيدين منهم لسياسات النظام، والذين يظنون أن أعمالهم في منأى عن سيطرة الجيش على كافة الحياة الاقتصادية واهمون، وهيمنة المؤسسة العسكرية على القطاع الاقتصادي ستلحق الضرر بالجميع.

حتى إن السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة في حكومة الانقلاب، ظهرت بصحبة الفريق عبد المنعم التراس، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، وهى توقع اتفاقية للتعاون بين الهيئة وشركة “جوتمان” الألمانية بفرعها بالشرق الأوسط في دبي، لتوطين تكنولوجيا صناعة أنظمة الألومنيوم الحديثة، بما يلبي احتياجات السوق المحلية والتصدير لإفريقيا، ولتسقط حاجة مصر من الاكتفاء بصناعة السلاح.