سد النهضة.. قرار عربي يفاقم الأزمة

- ‎فيتقارير

قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد: إن أزمة سد النهضة بالنسبة لبلاده قضية شرف وطني لن تتخلى عنه أبدا مهما كانت المكاسب التي ستحصل عليها من الخارج.

وقال آبي أحمد، في تصريحات له، إن سد النهضة تم تأسيسه وإدارته بطريقة لا تتعارض مع مصالح الدول الأخرى، وإنه على الرغم من أنه يتعين علينا الانتهاء منه مبكرا، لكن بلاده حرصت على إنهاء السد دون وقوع أي أضرار كالتي وقعت في السابق، على حد تعبيره.

دعم أعمى

في السياق ذاته، عبَّرت الخارجية الإثيوبية عن رفضها قرار الجامعة العربية بشأن سد النهضة، ووصفته بالدعم الأعمى لمصر دون مراعاة للحقائق.

وكانت الجامعة العربية قد أقرت، الأربعاء الماضي، مشروع قرار تقدمت به مصر يؤكد حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ويرفض أي إجراءات أحادية تقوم بها أديس أبابا بشأن سد النهضة، وهو القرار الذي تحفظ السودان على تأييده.

وجددت الخارجية الإثيوبية تأكيدها موقف أديس أبابا بالاستفادة من مواردها المائية كحق سيادي لها، كما أشاد البيان بأزلية العلاقات بين إثيوبيا والدول الأعضاء في الجامعة العربية والقائمة على القيم المشتركة والعلاقات العميقة.

من جهة أخرى، أشادت الخارجية الإثيوبية بموقف السودان المتحفظ على قرار مجلس وزراء خارجية العرب.

والله والله لن نضر بمصر!

ومع ارتفاع حدة التصريحات الإثيوبية، أعاد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تداول مقطع الفيديو الذي أقسم فيه رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد على عدم المساس بحقوق مصر في مياه النيل، خلال مؤتمر صحفي مع عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري.

أصبحت الدعوات إلى اجتماعات الجامعة العربية تثير في كل مرة السجال بشأن أهدافها المعلنة والخفية، ويعاني الجسم العربي في الفترة الحالية من جروح دامية في سوريا واليمن وليبيا، لكن هذه القضايا التي يفترض أنها ضمن أولويات الجامعة تغيب، وإن حضرت فلتحقيق مصالح ضيقة لأطراف داخل الجامعة.

السودان يتخلى عن مصر

آخر هذه الاجتماعات عقد في القاهرة بطلب من مصر لحشد الدعم العربي لمصر والسودان فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي، لكن السودان أعلن بصراحة أنه غير معني بهذا الدعم العربي ولا يريده، وتحفظ على ذكر اسمه ضمن قرار الجامعة العربية التضامني.

وحتى بعد سحب اسمه تحفظ السودان على قرار الجامعة العربية، الذي أبدى الدعم لمصر وحدها، وقد علل السودان موقفه بالقول: "إن القرار ليس في مصلحته وإنه لا يجب إقحام الجامعة العربية في هذه الملف، وأبدى تخوفه من مواجهة عربية إثيوبية قد تنتج عن القرار.

يطرح هذا السجال سؤالا مبدئيا بشأن آلية الدعوة لاجتماعات الجامعة العربية، فالقرار الذي تمت الدعوة للاجتماع من أجله يعني دعم مصر والسودان، لكن الذي تبين أن السودان لم يكن في حاجة إلى هذا الدعم، وقد تابع الجميع تقريع المندوب الليبي في الجامعة العربية للحاضرين عندما تمت الدعوة للاجتماع لإدانة ما تعتبره الجهات الداعية للاجتماع تدخلا تركيا في ليبيا، وكيف ذكرهم بصمت الجامعة عن قتل الليبيين والتنكيل بهم على يد قوات حفتر .

تفاقم الأزمة

ماذا حصل بعد دعم الجامعة العربية لمصر؟ أصدرت إثيوبيا بيانا يندد بقرار الجامعة ويشيد بتحفظ السودان عليه، إذا فمصر التي دعت الجامعة العربية للاجتماع لحشد تأييد عربي تعرف أنه لن يفيدها في علاقتها مع إثيوبيا حقق عكس ما تريده، بإبعاد السودان منها وتقريبه من إثيوبيا .

وقد كان لافتا أن إثيوبيا أشادت بموقف السودان، ويرى خبراء أن المصالح هي التي تحدد المواقف في النهاية وليس شعارات التضامن، ويقولون إلى السودان سيستفيد من سد النهضة بوقف فيضانات النيل الأزرق وانتقال الدورات الزراعية من واحدة إلى دورتين أو ثلاثة في العام، وحبس الجزء الأكبر من الطمي الوارد من الهضبة الإثيوبية، وإمكانية شراء الإثيوبية بأقل تكلفة، ومساعدة السودان على استخدام نصيبه من مياه النيل الذي يذهب أكثر من ثلثه لمصر.

ورغم كل هذا حرص السودان، خلال اجتماع الجامعة العربية الأخير، على تبني موقف متوازن لا يغضب جاريه الجنوبي أو الشمالي، لكن إقحام الجامعة العربية التي أصبحت اجتماعاتها تعقد تحت الطلب أرغم السودان على اتخاذ موقف واضح؛ لأنه يعرف أنه لا يستطيع أن يفسد علاقته مع إثيوبيا فقط من أجل تضامن عربي لن يفيده في شيء.