شاهد.. لبنان بين مطرقة الدائنين وسندان الإفلاس

- ‎فيعربي ودولي

إلى النهاية الطبيعية والمتوقعة لمسيرة حافلة بالهدر وصل لبنان إلى حافة الإفلاس معلنًا تعليق سداد ديون مستحقة والسعي إلى التفاوض حول إعادة هيكلة الدين في ظل أزمة مالية تطال احتياطي العملات الأجنبية.

احتاج رئيس الحكومة الجديد حسان دياب إلى نحو 80 يوما من تكليفه لإدراك الحقيقة حتى أعلن رسميا هذه السابقة الأولى في تاريخ البلاد.. إعلان يأمل أن يكون أخف وطأة من استنزاف ما تبقى من احتياطات العملة الأجنبية في سداد المديونيات بدلا من تمويل حاجات البلاد.

هذه الاحتياطات التي بلغت مستوى حرجا وخطيرا يقول دياب ما يهدد بوصول لبنا إلى مشارف البلدان الأكثر مديونية في العالم، لكن هذه الفترة الطويلة في عمر الحكومة الجديدة حسب ما يقول الشارع لا تكاد تذكر في عمر البلاد التي احتاجت 30 عاما من الاستدانة للوصول إلى هذه النهاية بعد الحرب الأهلية دفع خلالها غالبية أبنائها ثمن البقاء تحت تأثير المسكنات الاقتصادية فقرا وتبعية وغيابا للدولة القوية بعدما غرقوا في أتون الصراعات الطائفية والمذهبية.

وكما في السياسة حيث تنعدم فرص نظام المحاصصة الطائفية في إنتاج أي أفق لمستقبل وبات تغييره نحو دولة المواطنة الكاملة وتحقيق الاستقلال الحقيقي شرطا لأي تقدم أصبح كذلك تغيير النظام الاقتصادي اللبناني النابع من رحم الانقسام الطائفي والتبعية للخارج شرطا أيضا لإنقاذ لبنان.

هذا ما تنادي به انتفاضة الشارع اللبناني منذ أكتوبر الماضي ولا يدركه حتى الساعة شركاء السلطة الذين اختاروا دياب وحكومته تقول ساحات الاحتجاج سلطة الطائفية والمذهبية التي وقفت ولا تزال أمام تصعيد لبديل ثوري يدافع عن حق اللبنانيين في تأمين العيش الكريم دون الارتهان للتبعية للخارج.

أما وقد بقيت السياسة مرهونة بهذه السلطة فلم يبقى للشارع المنتفض إلا خطط التقشف الاقتصادي واتساقا مع كل الخطط السابقة في الوصول إلى هذه النهاية لتعيد هذه المخاوف انتفاضة الشارع اللبناني إلى مربعه الأول في مواجهة نظام غير قابل للحياة.

وجاء قرار الدولة اللبنانية بالتخلف عن سداد الديون المستحقة عليها ليثير تساؤلات عدة بشأن تبعات القرار على اقتصاد البلد المنهك.

لبنان أعلن السبت أنه لا يمكنه دفع ديونها المستحقة في مواعيدها وعلق سداد مليار و200 مليون دولار مستحقة في 9 مارس الجاري؛ ما يضع الدولة المثقلة بالديون على مسار التخلف عن سداد ديون سيادية في وقت تواجه فيه أزمة مالية كبرى أفقد الليرة نحو 40% من قيمتها ودفعت البنوك لفرض قواعد جديدة قيدت تعاملات المودعين وأججت الإضرابات ليضع القرار الجديد البلاد أمام مفترق طرق ستنعطف معه هويتها المالية الاقتصادية والمصرفية؛ استكمالا للتحولات العميقة التي شهدها الواقع السياسي في الأعوام الأخيرة وتوجه نحو تشكيل الحكومة الجديدة التي تكرس معها إمساك حزب الله لكل مفاصل القرار والمؤسسات الدستورية.

قناة "مكملين" ناقشت عبر برنامج "قصة اليوم" تداعيات إعلان لبنان التخلف عن سداد الديون المستحقة.

بشير المرة، الخبير الاقتصادي، رأى أن الديون جاء نتيجة تراكم خدمة الدين على مدى سنوات منذ عام 1998 إلى اليوم، وكانت المصارف الخاصة هي الدائن الأكبر للحكومة، مثل مصرف لبنان وغيره، وهذه الديون تراكمت بتراكم خدمة الدين عليه.

وأضاف المرة أن فوائد الديون كانت عالية مقارنة بفوائد الديون المطروحة في الأسواق العالمية، وهو ما يبرر طلب الحكومة الحالية تأجيل سداد هذه الديون حتى يتم إعادة حسابها، مضيفًا أن الجزء الأكبر من هذه الديون بيد المصارف اللبنانية أو مساهمين فيها، موضحا أنه يجب التحقيق حول ما أشيع عن بيع جزء من هذه الديون لمنظمات دولية.

وأوضح المرة أن لبنان يمر بمرحلة انتقالية ويجب على جميع الفرقاء السياسيين تحمل مسئولياتهم والتكاتف للخروج من المأزق وإعطاء فرصة للبلد للنهوض من كبوته وعدم توزيع الاتهامات.

https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/187922102624293/

وأشار محمد الصابونجي، الكاتب والحلل السياسي، إلى أنها المرة الأولى التي يقع فيها لبنان في هذا العجز وأول مرة لا يسدد دين خارجي له، وهذا يؤكد أن الحكومة فاشلة لا تستطيع إنقاذ البلد من هذه المرحلة.

وأضاف أن الحكومة عندما التجأت إلى شركات كبيرة جدا للدراسة ولاستشارات المالية، كشركتي فيتش وموديز كانت نصيحة الشركتين عدم الدفع، وبالتالي القرار ليس قرار الدولة أساسا، مضيفا أن عدم الدفع لا يعني إفلاس الدولة، فهناك دول كثيرة لا تلتزم بمديناتها، لكنها تستطيع مستقبلا تسديد جزء من مديونياتها.

وأوضح أن رئيس الحكومة في لبنان يعلم أن خدمة الدين موعد سدادها 9 مارس الجاري، والدفعة الثانية يوم 9 أبريل المقبل وهكذا، مؤكدا أن الحكومة لن تستطيع فعل شيء بعد الثورة، مضيفا أن عدم الدفع معناه نفاد الاحتياطي في الدولة.

https://www.youtube.com/watch?v=CzsNtRS9HH0

عزة الحاج حسن الباحثة والكاتبة الاقتصادية، رأت أنه لأول مرة تكون الحكومة اللبنانية متصالحة وصريحة مع واقعها المالي عندما أعلنت إفلاس الدولة، وهذا الأمر كان يفترض الاعتراف به منذ سنوات.

وأضافت عزة أن الدولة اللبنانية منذ سنوات عندما كانت تسدد ديونها الخارجية كانت تلجأ للاستدانة أيضا، وهذا الواقع المأزوم موجود منذ سنوات واليوم الدولة صارحت مواطنيها بحالة الإفلاس ولا تملك المال للالتزام بهذه الاستحقاقات المالية.

https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/590239668225861/