نشر موقع “TRT” التركي تقريرا، سلط خلاله الضوء على أسباب سحب الولايات المتحدة بطاريات باتريوت من السعودية في هذا التوقيت.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته الحرية والعدالة”، إن الخلافات اندلعت مؤخرا بين السعودية والولايات المتحدة على خلفية حرب أسعار النفط التي ألحقت أضرارا جسيمة بصناعة النفط الأمريكية.
وأضاف التقرير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدد ولي العهد السعودي الشاب الأمير محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للمملكة الغنية بالنفط، في مكالمة هاتفية في أبريل، بسحب القوات الأمريكية إذا لم يمتثل لمطلب واشنطن بخفض إنتاج النفط.
وحسب وكالة رويترز، فإنه مع حجم تهديدات ترامب اضطر ولي العهد السعودي إلى إصدار أوامر لمساعديه بمغادرة الغرفة لإبقاء المحادثة سرية بينه وبين الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت.
واتضح أن التهديد ليس خداعا كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، يوم الخميس، عن أن الجيش الأمريكي سيسحب بطاريتي باتريوت اللتين تم نشرهما لحماية المنشآت النفطية السعودية مع سربين من المقاتلات النفاثة.
وقدم ترامب تفسيرا غامضا لهذه الخطوة قائلا: “إننا نقوم بالكثير من التحركات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. إننا نقوم بالكثير من الأشياء في جميع أنحاء العالم، وقد تم استغلالنا عسكريا من جميع أنحاء العالم”.
وأوضح التقرير أن الخبراء يعتقدون أن الولايات المتحدة تعاقب المملكة بعد أن ضربت التقلبات في أسواق النفط شركات النفط الأمريكية بشدة، مما أجبر بعضها على الإفلاس.
ونقل الموقع عن محمد بولوفالي، الخبير العراقي الكردي الذي عمل مستشارا لنائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي قوله: “هذه مواجهة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث تقول واشنطن لمسئولي الرياض إنكم إذا لم تتبعوا نصائحنا النفطية، فإننا سنترككم إلى إيران”.
وتعد إيران هي الخصم الرئيس للمملكة في الشرق الأوسط، حيث يخوض كلاهما معارك بالوكالة من اليمن إلى لبنان في محاولة لفرض هيمنته على المنطقة، ويعتقد الكثيرون أيضا أن الهجوم الجريء الذي وقع العام الماضي على منشآت أرامكو السعودية كان منسقا من قبل طهران، في حين أعلن الحوثيون، حلفاء إيران الشيعة في اليمن، عن مسئوليتهم عن الهجوم، وأدى الهجوم إلى خفض إنتاج النفط في الرياض لعدة أسابيع.
وبعد الهجمات، أرسل ترامب بطاريات باتريوت إلى المملكة، الحليف العربي الحاسم لواشنطن، لإظهار دعمه للرياض ضد طهران.
التوترات الأمريكية السعودية
وتسببت التقلبات في سوق النفط في خلق احتكاك بين الحلفاء الأقوياء تاريخيا، حيث أدت جائحة فيروس كورونا إلى مقتل عشرات الآلاف من الأمريكيين، وجر اقتصاد البلاد إلى الانخفاض، وارتفع عدد العاطلين في أمريكا إلى ٣٣.٣ مليون أمريكي.
وقد شهد التأثير الاقتصادي للوباء انخفاضا في الطلب على النفط إلى مستويات لم يسبق لها مثيل لعقود من الزمان، حيث تعمل تدابير الإغلاق العالمية على إبقاء الناس في منازلهم.
وفي حين توصل السعوديون إلى اتفاق مع الروس في أعقاب حرب نفطية قصيرة، والتي أدت إلى انخفاض أسعار النفط إلى مستويات قياسية، كما شهدت إقدام بعض الدول المصدرة على الدفع للمشترين للتخلص من عبء النفط، بسبب عدم امتلاكهم مكانا لتخزينه، فقد تعرضت صناعة النفط الأميركية لضربة مزدوجة.
وحتى بعد الصفقة السعودية الروسية، لا تزال أسعار النفط تتردد على حساب المنتجين الأمريكيين، حيث تصل ناقلات النفط بالمملكة إلى الولايات المتحدة، وتبيع سلعها بأسعار أقل للمشترين الأمريكيين، مما يثير غضب صناعة النفط في واشنطن.
وقبل صفقة النفط في مجلس الشيوخ الأمريكي، سعى حلفاء ترامب الجمهوريون الذين تضررت دولتهم من انهيار الأسعار إلى اتخاذ إجراء للتخفيف، قانون الشراكة المتوترة. وكان الهدف من ذلك هو معاقبة السعوديين من خلال سحب القوات وتقليص أي التزامات عسكرية أخرى ما لم تخفض الرياض إنتاجها من النفط.
وقال عضو مجلس الشيوخ كيفن كرامر من داكوتا الشمالية، الذي يعتمد اقتصاده بشكل كبير على إنتاج الصخر الزيتي، في أواخر أبريل: “لا يمكننا السماح للسعودية بتسييل السوق خاصة مع تضاؤل إمكانياتنا التخزينية، وفي الوقت الحالي، فإن أكبر عدد من ناقلات النفط السعودية في السنوات الأخيرة في طريقها إلى شواطئنا”.
وفي ٣ أبريل، بعد يوم من محادثة ترامب الهاتفية مع ابن سلمان، قال كرامر أيضا للرئيس الأمريكي: إنه من غير المجدي إنفاق مليارات الدولارات للدفاع عن السعوديين “إذا كان أصدقاؤنا سيعاملوننا بهذه الطريقة”.
وفي نهاية المطاف، كان انهيار النفط الأمريكي في أعقاب الوباء سببًا فيما يبدو في التأثير على العلاقات الأميركية السعودية، الأمر الذي أرغم ترامب على خفض الالتزامات العسكرية الأمريكية للمملكة.
وقال بولوفالي لتلفزيون “تي آر تي وورلد”: “يظهر هذا التطور انخفاض الثقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في الوقت الذي يواصلان فيه صراعهما في قضايا النفط والدفاع”.
هل إيران هي المستفيد النهائي؟
ويعتقد بولوفالي أن الخلاف الأمريكي السعودي من شأنه أن “يعيد إحياء” آفاق إيران في الشرق الأوسط بعد أن فقدت البلاد الجنرال الأعظم قيمة في المنطقة، قاسم سليماني، في يناير نتيجة لاغتيال أمريكي. وتابع بولوفالي: “يمكنه تعبئة إيران في الشرق الأوسط [ضد أعدائها”.
كما يعتقد خبراء آخرون أن إيران كانت في طريقها قبل فترة طويلة من انسحاب القوات الأمريكية من المملكة، معتبرين أن كوفيد ١٩ هو فرصة لتحدي الوجود الأمريكي في العراق وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.
وقال آريان تاباتابي، زميل الشرق الأوسط في التحالف من أجل تأمين الديمقراطية في صندوق مارشال الألماني: “لقد انتهزت إيران بطبيعة الحال الفرصة التي وفرها كوفيد ١٩. وأضاف “جزئيا، إنها تحاول أن تشتت انتباهها عن استجابتها الفاشلة للوباء، وجزئيا، ترى الولايات المتحدة في أضعف حالاتها منذ فترة، ولذا فهي تستخدم هذا لزيادة الضغط لإجبار الولايات المتحدة على إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها”.
في مقال نشر مؤخرا، زعم تاباتابي وزميله كولين بي كلارك، باحث كبير في مركز سوفان، أن الوباء القاتل أرغم الولايات المتحدة على تقليص وجودها العسكري في الشرق الأوسط، الأمر الذي جعل بلدانًا مثل المملكة العربية السعودية والعراق، الدولة ذات الأغلبية الشيعية، تتعامل مع إيران بشكل مباشر في غياب الدعم الأمريكي.
“ولقد منح هذا إيران فرصة فريدة لتوسيع وتعزيز سيطرتها في العراق ودفع الولايات المتحدة بالكامل إلى الخروج من العراق. وقال الكاتبان: “قادة البلاد لن يهدروا فرصتهم”.
ولكن طبقا لبولوفالي فإن المواجهة لم تبدأ بعد، مضيفا أن “إيران لا تزال لا تفعل الكثير بسبب الصراع الداخلي على السلطة بين القوى المعتدلة في وزارة الخارجية والمتطرفين في الحرس الثوري الإيراني”.
وقال المحلل: “بينما يدافع الحرس عن نهج عدواني من خلال تصعيد التوترات في الشرق الأوسط على الفور، تدعو وزارة الخارجية إلى سياسة الانتظار حتى الانتخابات الأمريكية لمعرفة ما إذا كان ترامب سيبقى أو يغادر”.
للمزيد: