نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للخبيرة الاقتصادية فرح شقير، سلطت خلاله الضوء على فناكيش المنقلب السفيه عبدالفتاح السيسي والجدوى الاقتصادية لها ، وهل تنجح في إطعام الشعب في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد؟
وبحسب التقرير، بلغ عدد سكان مصر هذا الشهر 104.5 مليون نسمة، ارتفاعا من 81.4 مليون نسمة في عام 2011، وفقا لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومع وضع هذا الرقم في الاعتبار يمكننا التفكير في الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد والمحاولات المستمرة لرسم أوجه التشابه بين مصر ولبنان.
وتساءل التقرير، في الذكرى الـ12 لثورة 25 يناير، ماذا حدث للشعار البسيط والثوري "عيش وحرية وعدالة اجتماعية؟"
وأضاف التقرير ، تاريخيا، لا يمكن التقليل من سعر الخبز، نظرا لأهميته في سلة الغذاء الأساسية، وهذا مهم بشكل خاص في مصر ، حيث تترجم كلمة "عيش" حرفيا إلى "الحياة" وكان سعر الخبز في البلاد قضية حساسة منذ انتفاضة الخبز عام 1977 ، عندما اضطر أنور السادات ، الرئيس آنذاك ، إلى التراجع عن قرار بخفض دعم الخبز.
وأوضح التقرير أنه، مع ارتفاع سعر الخبز في السوق، اليوم، بنحو 50 في المائة وسط اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، طرحت حكومة السيسي خططا بديلة لدعم الخبز، مثل توفير بطاقات مسبقة الدفع جديدة لتمكين أولئك الذين لا يحملون بطاقات تموينية من شراء الخبز بأسعار مخفضة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أهمية الخبز لكل أسرة، وعد عبد الفتاح السيسي بأكثر من ذلك بكثير عندما تولى منصبه قبل تسع سنوات في عام 2014، تعهد السيسي بأن شعب مصر العظيم سيجني ثمار ثورتين، ويشير تحليل الخطاب من وجهة نظر صاحب رؤية مصر 2030 إلى أن السيسي يعتقد أن المشاريع الضخمة التي تم تنفيذها منذ توليه السلطة ستمهد الطريق للنهضة الشاملة للبلاد.
وبالنسبة للسيسي، ستقود هذه المشاريع الضخمة مصر على مسار اقتصادي مختلف ، ويبدو أن رؤيته لم تتغير، على الرغم من الحيز المالي المحدود، حيث يحوم إجمالي الدين العام عند 88 في المائة وعجز الميزانية عند سالب 7.1 في المائة، وفقا لصندوق النقد الدولي، وقد دافع السيسي مرارا وتكرارا عن هذه المشاريع تحت مزاعم بناء مستقبل مصر.
علاقة معقدة
وأوضح التقرير أن العلاقة بين المشاريع الضخمة وتوليد فرص العمل والنمو الشامل معقدة القياس، وفقا لشركة ماكينزي الاستشارية، تميل مشاريع البنية التحتية الضخمة إلى أن تسير بشكل سيئ عندما يكون هناك تفاؤل مفرط وتعقيد مفرط، ووسط مبررات ضعيفة وحاجة للمشروع.
أما بالنسبة لمشروعات السيسي، فقد أشار صندوق النقد الدولي في تقرير هذا الشهر إلى أن الإنفاق على المشاريع العامة، بما في ذلك المشاريع الاستثمارية الوطنية، ساهم في ضغوط الحساب الجاري، وإن التزام السلطات بإدارة تنفيذ مشاريع الاستثمار العام بطريقة تتفق مع مزيج سياسات الاقتصاد الكلي أمر بالغ الأهمية.
وأشار التقرير إلى أنه في الوقت نفسه، فإن إجراء تحليل أكثر تمايزا لدور هذه المشاريع الضخمة للبنية التحتية مفيد في سياق مصر اليوم، وكما لوحظ في مقال نشر في المجلة الأوروبية لبحوث التنمية، فإن المشاريع الضخمة يمكن أن تلعب دورا رمزيا في سياسات التنمية الموجهة نحو المستقبل كأهداف للخيال والرؤية والأمل.
ولفت الموقع إلى أن الأمر المحير في حالة المشاريع الضخمة في مصر هو أنها بدت وكأنها تعزز الدور الاقتصادي للجيش على حساب القطاع الخاص، ويبدو من الصعب النظر إلى هذا على أنه موجه نحو المستقبل، وقد أثارت هذه القضية أيضا انتقادات من صندوق النقد الدولي، من خلال مفاهيم مخففة مثل الدور الكبير للدولة و ساحة اللعب غير المتكافئة، ومن منظور اجتماعي، لا يمكن للاستثمار العام أن يحجم عن تأمين الغذاء للفقراء والضعفاء، إن الرؤية الاقتصادية المستقبلية التي لا تعطي الأولوية للأمن الغذائي لا تبدو ذات رؤية ثاقبة.
لا يمكن لمصر الاستمرار في طلب القروض لإطعام شعبها ، وفي يونيو الماضي، وافق البنك الدولي على قرض بقيمة 500 مليون دولار لدعم جهود مصر لضمان حصول الأسر الفقيرة والضعيفة على الخبز دون انقطاع، إلى جانب إصلاحات سياسات الأمن الغذائي، ستنمو هذه الاحتياجات فقط مع استمرار زيادة عدد السكان.
الإصلاحات الهيكلية
وتابع التقرير "في حين أنه من الصعب الإجابة إلى أين تتجه مصر، إلا أن المرء مضطر لطرح هذا السؤال رغم ذلك، يبلغ عدد سكان مصر ما يقرب من ربع سكان العالم العربي بأسره، وستشكل نظرتها المستقبلية إلى حد كبير توقعات المنطقة".
وأردف " الاتجاه الأخير المتمثل في مقارنة التضخم المفرط في لبنان وتعويم عملته بحكم الأمر الواقع مع تحرك مصر الأخير إلى سعر صرف مرن دائم أمر مفهوم، لكن مثل هذه المقارنات لا تتجاوز العناوين الرئيسية، كيف يمكن مقارنة حالة ضعيفة بحالة مرئية؟ وبلغت نسبة التوظيف في القطاع العام 26 في المئة في مصر، مقارنة مع 13 في المئة في لبنان".
وأكمل التقرير "علاوة على ذلك، تلعب الدولة اللبنانية كمزود للخدمات دورا هزيلا مقارنة بدور سلطات الانقلاب، والدور الاقتصادي المتنوع لجيشها، وقد استوعبت تدفقات التحويلات المالية الظروف المعيشية الصعبة في لبنان قليلا، والتي تشكل 38 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم يقول بعض المراقبين إنه "أقل من الواقع في مصر، لا يمكن توفير الأمن الأساسي إلا داخليا، حيث ساهمت التحويلات بنسبة 6.7٪ فقط من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020".
وواصل "تشير الإصلاحات الهيكلية التي تلتزم بها حكومة السيسي إلى أن البلاد تتجه نحو دور مختلف للدولة، ويقول صندوق النقد الدولي إن هذه الإصلاحات تهدف إلى الحد من بصمة الجيش، وتكافؤ الفرص وتسهيل نمو القطاع الخاص ومعالجة الفساد".
واختتم التقرير " مجرد تقليص حجم الدولة من خلال طرح أسهم في الشركات المملوكة للدولة وأو تمديد العقود لتشمل نخب رجال الأعمال المتصلين لن يؤدي إلا إلى تقليل بصمة الدولة على الورق، ما نحتاجه هو رؤية ضخمة تدرك أنه بالنسبة لبلد بحجم مصر، فإن النموذج الاقتصادي الذي يتمحور حول إطعام الناس لن يقدم بالضرورة إجابة كافية ، ولكنه يمكن أن يوفر رؤى كافية لإعادة النظر في خارطة الطريق الحالية".
https://www.middleeasteye.net/opinion/egypt-crisis-sisi-megaprojects-dont-feed-people