نار الأسعار تلاحق المصريين فى زمن الانقلاب بسبب السياسات الفاشلة التى يتبناها عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب وتنفيذه املاءات صندوق النقد الدولى ..الأسر لا تستطيع شراء احتياجاتها اليومية من الأطعمة المختلفة ..وهناك الكثير من المصريين قاطعت موائدهم اللحوم والفراخ والأسماك ولم تعد تراها إلا فى المناسبات .
الارتفاعً المتواصل فى أسعار السلع والخدمات فى السنوات الأخيرة، انعكس بشكل مباشر على مستوى معيشة المواطن العادى، فالأسواق الشعبية، التى كانت ملاذًا للفئات المتوسطة والفقيرة، لم تعد كما كانت، كيلو اللحمة البلدى تجاوز 500 جنيه فى بعض المناطق، بينما تراوحت أسعار الدواجن بين 120 و150 جنيهًا للكيلو، وسط تراجع كبير فى القدرة الشرائية للأسر.
نار الأسعار
حول هذه المآسى قال سامى، موظف وأب لثلاثة أطفال: مرتبى 3900 جنيه، أدفع إيجار 1500، وفواتير كهرباء ومياه وغاز بتوصل لـ1000، يتبقى أقل من 1500 جنيه .
وتساءل هل هذا المبلغ نعيش بيه شهر ؟ مستحيل نشترى لحمة ولا فراخ، بنعتمد على العدس والبطاطس والجبنة القديمة .
وقالت «أم أحمد»، ربة منزل تقيم فى إحدى المناطق الشعبية بالقاهرة: بقيت أطبخ يوم بيوم، مفيش حاجة بتتشال فى التلاجة، طبق العدس بقى وجبة أساسية، والفراخ ما بنشتريهاش غير فى المناسبات، زمان كنا بنشترى نص فرخة، دلوقتى مش قادرين عليها .
إحنا مش عايشين
وقالت «أمانى محمد»، مدرسة: بقيت أشترى كميات كبيرة من الأرز والمكرونة والزيت من الجمعية لما يكون عندى فلوس، عشان استفيد من الخصم، اللحوم نسيتها خالص، وبنكتفى بالبيض والبقوليات، حتى الفاكهة بقت للزينة فى السوق بس .
(حرب من أجل العيش )
وقال خالد، موظف فى شركة خاصة: بشتغل فى شركة من الساعة 9 لـ5، وبعدها بطلع أشتغل توصيل طلبات عبر تطبيقات الموبايل، مراتى كمان بدأت تبيع أكل بيتى على الإنترنت، إحنا مش عايشين، إحنا بنحارب علشان نعرف نعيش.
ظلال ثقيلة
من جانبها أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الأزمة الاقتصادية الحالية تلقى بظلالها الثقيلة على الحياة اليومية للأسر المصرية، وتؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية، لاسيما للنساء اللاتى يتحملن العبء الأكبر فى إدارة الأزمات داخل البيت.
وقالت «سامية خضر» فى تصريحات صحفية : الضغوط النفسية لم تعد مقتصرة على الأوضاع الاقتصادية فقط، بل أصبحت تمتد إلى التوازن العاطفى داخل الأسرة، مشيرة الى أنه حتى الأسر التى لديها طفل واحد، نشهد أزمة كبيرة فى إدارة الاحتياجات الأساسية .
وأُشارت إلى أن المرأة المصرية لا تزال تلعب الدور الأهم فى مواجهة الأزمات، مؤكدة أن الست المصرية شاطرة، دائمًا عندها حلول، بتعرف تطبخ من أبسط المكونات، وبتدور على العروض، وتشترى فى الأوقات اللى فيها تخفيضات، عندها قدرة فطرية على تدبير الأمور حتى فى أصعب الظروف، لكنها أصبحت الآن مضغوطة نفسيًا بدرجة أكبر بسبب كثرة المسئوليات وانعدام الدعم الكافي .
وأكدت «سامية خضر»أن الأزمات ليست جديدة على المصريين، و«إحنا مش أول جيل يمر بأزمة. مررنا بحروب وأزمات اقتصادية صعبة فى الستينيات والسبعينيات، وكنا بنعيش بإمكانيات محدودة، لكن كان عندنا قدرة على التكيف والرضا، وكان فيه مشاركة حقيقية بين أفراد الأسرة، النهارده الوضع مختلف، لأن السوشيال ميديا بقت تضغط على الناس، وبتخلى الكل عايز يعيش زى الآخرين حتى لو على حساب نفسه .
وكشفت «سامية خضر» أن الأب أحيانًا يضطر يقول لأولاده: مفيش، مش لأنهم مش عايزين يوفروا، ولكن لأن الموارد مش مكفية، الأم بتضطر تدير الأمور بأقصى درجات الذكاء، يمكن تشترى مرة فى الأسبوع، تجمع الطلبات، تستنى التخفيضات، تبص على العروض، فيه حيل حياتية كتير بتلجأ لها الست المصرية .
ضغوط اقتصادية
وأكد استشارى الصحة النفسية د. وليد هندى أنه فى ظل الضغوط الاقتصادية التى تعصف بالبيوت المصرية، وتغير أنماط المعيشة، برز دور المرأة كعقل مدبر وأساس متين لضبط النفقات وتدبير شئون المنزل.
وقال هندي فى تصريحات صحفية : المرأة المدبرة ليست فقط ربة منزل ماهرة، بل هى شخصية متزنة نفسيًا، تمتلك من الحكمة والتنظيم الذهنى ما يجعلها قادرة على تحقيق معادلة «الكفاية فى ظل القلة».
وأوصح أن الزوجة المدبرة ليست نتاج زواج، بل هى فى الأساس فتاة مدبرة، تدير مصروفها الشخصى بحكمة، مشيرا إلى أن المرأة المنظمة ذهنيًا تكون أكثر استقرارًا فى سلوكياتها، وأقل عرضة للتقلبات، وهى نموذج نادر لكنه موجود، يُبنى منذ الطفولة ويتعزز بالممارسة.
وكشف هندى عن مجموعة من الأفكار تلجأ إليها النساء المصريات لتجاوز الظروف الاقتصادية دون ُخدش كرامة الأسرة منها: التسوق الذكي: لافتا إلى أن الكثير من النساء يعتمدن على شراء الاحتياجات من الأسواق الشعبية أو العروض الأسبوعية» فى المتاجر الكبرى. البعض يخصص «يومًا شهريًا» للخزين، يشتركن فيه مع نساء أخريات للشراء بالجملة، ما يوفر كثيرًا.
وقال: المرأة الذكية تمثل عامل توازن داخل المنزل، مؤكدًا أن الزوجة المدبرة ليست فقط مسئولة عن المطبخ، بل عن توازن الأسرة نفسيًا واقتصاديًا. فهى القادرة على خلق أمان مادى من موارد محدودة، وعلى إخفاء ألم الغلاء بابتسامة، وعلى احتواء ضغوط الزوج والأبناء بذكاء عاطفى وحكمة اقتصادية.