معتقلون منسيون.. وأعياد بلا فرحة.. إصرار من السفاح السيسي على القمع وتجاهل دولي فاضح

- ‎فيحريات

 

للمرة الـ25 منذ الانقلاب العسكري عام 2013، يستقبل آلاف المعتقلين السياسيين في مصر عيد الأضحى من خلف القضبان، بينما تواصل أسرهم نداءاتها المتكررة للإفراج عن ذويهم، دون استجابة من نظام الانقلاب  أو أي بادرة إنسانية تتعلق بحرمة الأيام العشر ووقفة عرفات.

تقول "أم مالك"، التي لا تزال تنتظر الإفراج عن زوجها البالغ من العمر 67 عامًا: "كنا ننتظر خروجه منذ فبراير الماضي بعد انتهاء مدة حبسه، لكنه نُقل إلى القسم ثم اختفى ولا نعلم مصيره، وظلت آمالنا معلقة حتى رمضان، ثم العيد، دون فائدة".

تكررت نفس المأساة مع شقيقها واثنين من أبناء العائلة، وتتابع بألم: "منذ سبع سنوات لم يدخل علينا عيد، ومنذ 12 عامًا لم يشعر به كثيرون مثل ابن عم زوجي ونجله.. قصص مؤلمة تتكرر أمام سجن جمصة والعاشر من رمضان".

عيد للفاسدين.. وعقوبة للشرفاء

في الوقت الذي يستبشر فيه الأهالي بقدوم العيد، تكتفي السلطة بالإفراج عن سجناء جنائيين، متجاهلة بشكل كامل عشرات الآلاف من معتقلي الرأي، وهو ما وصفه محامون وحقوقيون بأنه سياسة انتقائية تؤكد أن الدولة تكافئ من أفسدوا البلاد، وتحرم من حلموا بإصلاحها.

وقال المحامي وعضو لجنة العفو الرئاسي طارق العوضي: "ليس من العدل أن تتسع مظلة العفو لمن تلطخت أيديهم بالدماء والفساد، وتضيق على من كتبوا أو نادوا بالدستور".

مؤسسات محلية وغربية.. صمت وتواطؤ

رغم المطالب الحقوقية المتكررة، يواصل المجلس القومي لحقوق الإنسان التزامه الصمت، متماهياً مع سردية السلطة، فيما تكتفي الحكومات الغربية بإبداء "القلق"، دون اتخاذ إجراءات رادعة، رغم تدهور حالة الناشطة ليلى سويف التي تخوض إضراباً عن الطعام منذ أكثر من 240 يوماً للمطالبة بالإفراج عن ابنها علاء عبد الفتاح.

وفي سابقة نادرة، وصف السفير البريطاني السابق لدى القاهرة، جون كاسون، مصر بأنها "دولة بوليسية عنيفة وانتقامية"، منتقداً استمرار حبس مواطن بريطاني رغم تدخل حكومة لندن.

"البلد لا تتحمل دعوات الأمهات"

نداءات الأهالي والنشطاء لم تتوقف، من بينهم الصحفي تامر هنداوي الذي كتب: "لا تحملوا البلد أكثر مما تحتمل من دعوات الأمهات.. الإفراج عن المعتقلين قرار يعيد الحق والفرحة للناس".

الحقوقي مسعد البربري أكد بدوره أن الآلاف من المعتقلين محرومون حتى من رؤية ذويهم، في انتهاك واضح لأبسط الحقوق الإنسانية، مضيفاً أن المعتقل السياسي يُعاقب مضاعفًا، فلا يخرج بعفو، ولا يُطبق عليه العفو الشرطي، بل يُخضع للتدوير في قضايا جديدة فور انتهاء محكوميته.

نساء خلف القضبان.. نسيج اجتماعي ممزق

لا تقل معاناة النساء المعتقلات قسوةً، إذ تقبع بعضهن خلف القضبان منذ أكثر من 8 سنوات بلا أحكام قضائية. من بينهن، هدى عبد المنعم، ودولت السيد، وسمية ماهر، وأمل حسن، التي اعتقلت يوم زفاف ابنتها.

حركة "نساء ضد الانقلاب" أكدت أن اعتقال النساء على خلفية الرأي "جريمة تمزق النسيج الاجتماعي"، داعية إلى الإفراج الفوري عنهن.

حالات إنسانية تزداد سوءًا

سُجلت حالات صحية متدهورة لعدد من المعتقلين، منهم الأكاديمي عبد الناصر مسعود، الذي أصيب بأزمة قلبية خلال ترحيله، والصحفي محمد سعد خطاب (70 عامًا)، الذي يواجه خطر الموت البطيء، والمعتقل عقبة حشاد الذي حُرم من تركيب طرف صناعي.

ورغم الإفراج عن المرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي بعد عام من الحبس، لا يزال مصير آلاف غيره مجهولاً، في ظل دوائر قمع ممنهجة، و"تدوير" مستمر للمعتقلين في قضايا وهمية.

قمع بلا حدود.. ورد دولي باهت

أمام كل هذه الانتهاكات، تصر السلطات المصرية على المضي في طريقها القمعي، بينما تلتزم أوروبا والولايات المتحدة الصمت أو الاكتفاء ببيانات مجاملة لا تغير من الواقع شيئًا، ما يعتبره حقوقيون تواطؤًا مفضوحًا مع نظامٍ يمعن في معاقبة شعبه ويكافئ الموالين له فقط.

"الأمل في مشروع وطني"

تختم الحقوقية هبة حسن بالقول: "لن يدخل العيد الحقيقي بيوت المعتقلين، إلا عندما يتوحد المصريون خلف مشروع وطني يُسقط هذا النظام، ويعيد لمصر حريتها، ولشعبها كرامته".